69 سنة نكبة
د. مينا ملاك عازر
الأحد ١٤ مايو ٢٠١٧
د. مينا ملاك عازر
اليوم تحل علينا الذكرى التاسعة والستين لنكبة العرب، كل الجيوش العربية اللبناني والسوري والأردني والمصري مجتمعين اندحروا أمام جيش واحد هو الجيش الإسرائيلي، قاتلت الجيوش الأربع ضد جيش واحد لمصلحة فلسطين، ولكنهم خسروا مقصدهم بهدم الكيان الصهيوني على حد تعبيرهم، بل عادوا خاسرين المزيد من الأراضي التي لم تكن إسرائيل تسيطر عليها قبل دخولها الحرب ضدهم، لم يخرجوا بمكسب واحد، فحتى مصر لولا معاهدة عام 36 مع بريطانيا لضاعت منها القناة وباتت تحت السيطرة الإسرائيلية، فقد وصل الجيش الإسرائيلي على مشارف العريش لولا وقوف بريطانيا أمام هذا الغزو ضد مصر.
بدأت ما يعرف بنكبة فلسطين بقرار التقسيم في نوفمبر من عام 1947، وانتهت في مارس عام 1949، حين وقعت آخر الدول العربية اتفاقيات هدنة مع من كانوا يسمونه العدو الصهيوني والعصابات الصهيونية، استهتر العرب بكفاءة جيش واعتبروه عصابات فخسروا معركة كانوا الأكثر عدداً ولكنهم كانوا الأقل كفاءة وعتاداً، كان الجيش الإسرائيلي لتوه خارجاً من معارك أكثر ضراوة في الحرب العالمية الثانية، إذ كان جنوده مقاتلين في صفوف جيوش الحلفاء تحت راية تلك الجيوش، العتاد الإسرائيلي كان سوفيتياً بالمناسبة، على عكس العتاد العربي كان غربياً، بل أن قائد الجيش الأردني كان إنجليزياً، ولكن العرب خسروا، لم تكن المسألة مسألة عتاد سوفيتي أو غربي فحسب، فقد كانت الطائرات السوفيتية الصنع يقودها طيارون سوفييت تحلق في سماء القاهرة لتنفيذ غارات في العمق المصري في عام 1948، إذ كانت العلاقات الإسرائيلية السوفيتية على أحسن ما يكون غير أن الإسرائيليين راهنوا على أمريكا ونقلوا الثقل عليها فأحسنت أمريكا استقبالهم واستغلالهم، وأحسنوا هم الاستفادة منها.
وأمام ما تقدم انقلب الحال إذ تحالف السوفييت فيما بعد مع العرب في حروبهم الثلاثة التالية 1956 و1967 و1973، فخسروا اثنين منها وكسبوا الأخيرة، والمزعج أن في حالتي المكسب والخسارة ألقى العرب همهم على قلة كفاءة العتاد السوفيتي وكأنه السبب في هزائمهم النكراء أو عدم إتمام نصر حاسم، ولكن كما رأيت فيما سبق عزيزي القارئ، أن الحقيقة كانت تعود لاستهتار وتراخي وتفتت وتهاون وتشتت من جانب العرب وليس المسؤول هو السلاح السوفيتي أبداً.
فهل نأخذ عبرة من التاريخ، نعرف منها أن تقييمنا لخصمنا تقييم سليم هو أول الطريق لنصرنا عليه أم نبقى نبحث عن حجج نعلق عليها فشلنا وخيبتنا ونبحث عن مسميات نداري بها وكساتنا فتارة نسميها نكبة وتارة نسميها نكسة، وتارة ندعي المؤامرة الكونية العالمية ضدنا فنسميها مؤامرة؟
المختصر المفيد قبل أن تعرف قدراتك، وهذا مهم، أعرف قدرات خصمك فهذا أهم.