قانون ازدراء الأديان
مقالات مختارة | بقلم:د. عماد جاد
الثلاثاء ١٦ مايو ٢٠١٧
لا توجد فى الدول الديمقراطية أو المدنية الحديثة منقوصة الديمقراطية مادة تحاكم المواطنين بتهمة ازدراء الأديان، وإنما توجد مثل هذه المواد فى الدول غير الديمقراطية التى تخلط ما بين الدين والسياسة، فرجل السياسة فى حاجة إلى توظيف الدين لخدمة أغراضه السياسية الحياتية، ورجل الدين مستعد تماماً لتسخير مواقفه وفتاواه لمصلحة السياسة حتى يكون جزءاً من النخبة الحاكمة من ناحية وينال حصة من «ذهب المعز» من ناحية ثانية. ومثل هذه القوانين تأتى فى سياق نشر ثقافة خلط الدين بالسياسة، وإيجاد دور دينى للدولة بل ودين للدولة تدافع عنه وتحميه على حساب الأديان والعقائد الأخرى. النقطة الجوهرية التى تعلمناها من زيارة الحبر الأعظم بابا روما فرنسيس الأول هى أن الله لا يحتاج إلى حماية من بشر، بل البشر هم من يحتاجون إلى حماية الله، ومن ثم لا مجال لاستخدام العنف دفاعاً عن الدين أو عن الذات الإلهية، فالله عز وجل لا يحتاج إلى دفاع البشر عنه، ومن ثم فلا مجال إطلاقاً لاستخدام العنف باسم الدين، الله يطلب من بشر أن يكونوا رحماء، أنقياء القلب، صنّاع سلام ونشر محبة، لا يريدهم أن يقتلوا باسمه، ولا أن يحاسبوا على الأرض، فالله خالق الجميع تشرق شمسه على الجميع ويتيح الفرصة للجميع للتمتع بالخيرات، يطلب منهم عمل الخير والأمانة، ونشر المحبة، وأن يكون القلب عامراً بالايمان، فمن فضلة القلب يتكلم اللسان، أن تملأ محبة الله والخير القلوب لا أن تتمتم الشفاه بكلمات العبادة، فالله يفضل قلوباً عامرة بالإيمان على بشر يعبدونه بشفاههم ويمارسون الطقوس دون أى عمق روحى ومحبة حقيقية ورحمة لبنى البشر مهما كان الدين، اللون، العرق، الجنس، اللغة، وغيرها من عوامل الانقسام الأوّلى التى يولد الإنسان بها، أو عوامل الانقسام الثانوى التى يكتسبها الإنسان فى الدنيا مثل الطبقة الاجتماعية ومكان الإقامة والانتماء السياسى، بل إن الله فى جميع الأديان والعقائد يوصى البشر بالفقراء والبسطاء، أى إن الله يريدنا أن نميز الفقراء والبسطاء إيجابياً وأن نهتم بهم، لا أن نقسو عليهم ونستغلهم. الله يريد محبة الإنسان للإنسان دون شروط.