الأقباط متحدون - فِكر فرج فودة .. َمبنيا علي الشيوخ ..!!!
  • ١٩:٢١
  • الاربعاء , ١٧ مايو ٢٠١٧
English version

فِكر فرج فودة .. َمبنيا علي الشيوخ ..!!!

نبيل المقدس

مساحة رأي

٢٢: ٠٩ ص +02:00 EET

الاربعاء ١٧ مايو ٢٠١٧

فرج فودة
فرج فودة

نبيل المقدس
      ، وسنّ القوانين طبقا لشريعة ديانتهم .. ويُعرّف هذا المفهوم "بالثّيوقراطيّة" المشتقّة من كلمتين : الأولي "ثيو" وتعني حُكم .. والكلمة الثانية "قراطية"  وتعني الدّين .. فيعني هذا المفهوم "حكم رجال الدّين" أي حكم الدين . وبالرغم أن هناك عصور تبنت تطبيق هذا النوع من الحُكم , وفشلت فشلا عظيما مثلما أتبعته الدول الأوربية في العصور الوسطي , إلا أن الدول الإسلامية المتطرفة لم تتخذ من تجارب الأخرين درسا .. وما زالت تتطبق نظام مزج الديانة في الأمور المدنية للبلاد .. وهذا ما يحدث في مصر أن الدولة المصرية مدنية وان مصدر التشريع لها هو دين الإسلام .. واكيد مصر تعاني الكثير من هذا النظام وخصوصا أن مصر تضم طائفة اخري يضيع الكثير من حقوقها المدنية نتيجة أن الدولة المصرية دولة مدنية بخلفية دينية .

      فقدت مصر في مثل هذه الأيام " فرج فودة " المفكر العلماني الفريد التي أثارت كتاباته جدلا واسعا بين المثقفين والمفكرين ورجال الدين، واختلفت حولها الآراء وتضاربت .. فقد طالب بفصل الدين عن السياسة و الدولة وليس عن المجتمع .. لكن جبهة علماء الأزهر شنت هجوما كبيرا عليه، وطالبت لجنة شؤون الأحزاب بعدم الترخيص لحزبه، بل وأصدرت تلك الجبهة في سنة 1992 "بجريدة النور" بياناً بكفره. 

     يقول صاحب هذا التقرير أن فرج فودة إستند في دفاعه عن الدولة المدنية ، ومبينا مساوئ الدولة الدينية ( ولا يقصد العقيدة أو ثوابتها ) استنادا الى رأي كبار شيوخ المسلمين أنفسهم قائلا : فقد صرح الشيخ محمد الغزالي نفسه في جريدة الوفد سنة 1989 مِنْ أن دولة الخلافة فقدت صفة الرشد بعد موت الخلفاء الراشدين ، و أصبحت خلافة فقط لأن الشورى فيها غائب و مشوه لأن صاحب السلطة فيها يستطيع ان يجتهد على الشعب ويُملي إرادته على الشعب. كما قدم  فرج فودة تبريرا لفشل الدولة الدينية , هو حالة الواقع المعاش اليوم . قائلا : " توجد العديد من الدول الاسلامية التي تحكم بالشريعة الاسلامية ، وتعتبر دستورها يقوم أساسا في أحكامه على الشريعة التي هي المصدر الرئيسي للتشريع ".فلدينا حكم السودان الاسلامي منذ زمن النميري ، و لدينا مثالا في دولة طالبان الاسلامية في افغانستان ، وحكم المملكة الوهابية في الحجاز ، و حكومة ولاية الفقيه في ايران ، فهل هذه الدول و الحكومات هي مثالية في حكمها للشعب ؟ وفي عدالتها و نجاحها و تقدمها حضاريا وصناعيا و ثقافيا و علميا ؟ هل هي رمز الحضارة و الازدهار و السلام ورفاه الشعوب التي تحكمها ؟ كما استشهد أيضا فرج فودة بقول للشيخ الغزالي : "الاسلاميون منشغلون بتغيير الحكم و الوصول الى السلطة دون أن يعدّوا أنفسهم لذلك . وهذا لا يكون إلا عبر برامج محددة و واضحة ".

         يعلق كاتب هذا التقرير أننا نرى اليوم أمامنا مثالا حيا لحكم دولة الخلافة الاسلامية بقيادة السفاح أبو بكر البغدادي خليفة المسلمين في ما يسمى بدولة الخلافة الاسلامية في العراق و الشام (داعش) ، فحكمه الاسلامي المستمد من سياسيين السلف يقوم على غزوات و  إحتلال مدن و أراض لدول و إلغاء الحدود بينها لأنشاء دولة الخلافة الاسلامية المزعومة . ويعتمد على سياسة التوحش في القتل و السبي و إغتصاب النساء و سرقة ثروات البلاد و العباد ، و فرض الاتاوات على الناس و التجار و المقاولين ، و يحكم بشتى انواع التعذيب و القتل و حرق الاحياء و اغراق الاسرى في النهر و تقطيع الرقاب و تمزيق الاشلاء ، و تدمير الاثار و سرقتها وبيعها ، و تدمير المتاحف و شواهد الحضارت القديمة ، وسرقة النفط الخام وبيعه بأرخص الاثمان لتمويل دولته ، و إشعال الحروب بين طوائف المسلمين انفسهم سنة و شيعة من الذين يكفرونهم لأنهم لا يوالونهم ولا يبايعون الخليفة البغدادي، ان اغتصاب و بيع النساء اليزيديات في اسواق النخاسة بتسعيرات محددة حسب العمر اصبح مثار اشمئزاز ونقد مجتمعات العالم كافة لدولة الخلافة الاجرامية . ولا ننسي  حملات الابادة الجماعية للرجال و الاسرى .. فالمقابر الجماعية تشهد لمدى بشاعة اجرام هذه الحثالات من الذئاب البشرية الذين يدعون انهم اتباع دولة الخلافة الاسلامية ..  يقتلون و يذبحون ضحاياهم وهم يكبرون مبتهجين الله وأكبر.

     أما محاربة المفكرين و المصلحين حتى من يريد إصلاح الفكر التراثي الاسلامي أو علي الأقل تجديد الخطاب الديني  ،  أصبح هدفا للشيوخ ، و السجون هو مصيرهم ، كما حدث  في مصر في حبس المفكر الاسلامي إسلام البحيري ، و إصدار حكم  بسجن الاديبة المصرية فاطمة ناعوت ثلاث سنوات مع غرامة مالية كبيرة . واصدار الحكم الذي إشتهر وأخذ الكثير من التعليقات الساخرة وهو  سجن اطفال صغار استهزأوا بطريقة ذبح داعش لاسراهم ، فحبسوهم خمس سنوات مع عتاة المجرمين ، دون مراعاة لطفولتهم و دمار مستقبلهم .

   أما نهاية المفكر الكبير فرج فودة .. فقد تم التحريض على قتله من قبل مرشد الاخوان المسلمين في مصر حسن الهضيبي و جماعته ، و تم قتله غدرا في الشارع أمام مقر عمله , بسبب افكاره التحررية المخالفة لفكر الاسلامي السلفي ، لكونه كان يفضح مساوئ الدولة الدينية السلفية ، ويطالب بفصل الدين عن السياسة . فبأي مذهب سيحكم المسلمون وهم أصلا منقسمون بين السنة و الشيعة  و البهائية و الاحمدية و غيرهم في دولتهم الدينية الاسلامية ؟

     قلبي عليكِ يا مصر .. وبصراحة لم أعد اثق ما سوف يكون حالك في السنوات القادمة .. نحن نريد ثورة شعبية ضد هؤلاء الذين يلبسون لباس التقوة وهم في الداخل عبارة عن خفافيش الظلام ...ّ تنهش في جسدك الطاهر.

     والسؤال الأخير .. هل ستتحقق مخاوف المفكر الحر المصري " فرج فودة"..؟؟  
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع