الأقباط بين الأزهر ومشايخ التكفير
مقالات مختارة | بقلم سوزان حرفي
الخميس ١٨ مايو ٢٠١٧
هل آتاك حديث الشيوخ؟! رشدي وعبدالجليل، وغيرهم كثيرعن فساد عقيدة المسيحيين، وعن كفر أهل الكتاب، وردة «إسلام بحيري»، يأتي هذا في وقت يواجه فيه المسيحيون أسوأ اعتداء منظم على دور عبادتهم، وعلى حياتهم.
يأتي والأقباط يقعون في دائرة الاستهداف الأولى للإرهابيين، في وقت أضحت أفراحهم حزنا وآلاما ودموعا ودماء، وتحولت أعيادهم إلى مواكب شهداء تضم الطفل والكهل، المرأة والرجل، وجميعهم مسالمون غير معتدين.
والأسوأ أنه لم تأت على لسان شيوخ السلفية الجهادية ولا حتى الإخوان وأتباعهم، بل من أبناء الأزهر؛ ومن خريجي الجامعة الأهم في العالم الإسلامي، وبقيادة الإمام الأكبر للمسلمين.
نعم «الأزهر» الذي صمت عما ترتكبه «داعش» من جرائم ذبح وقتل وسبي وسرقة، لأنه لا يريد أن يفتح باب «التكفير» ضد أي كان (طبقا لتعبير مسؤوليه)، لكن مشايخه أسقطوا هذا المبدأ في تعاملهم مع المسيحيين!.
يرد «عبدالله رشدي» إمام مسجد «أبوبكر الصديق» بمصر الجديدة، والذي سبق «سالم عبدالجليل»، وكيل وزارة الأوقاف، الموقوف فيما ذهب إليه بالقول «العقائد لا مجاملة فيها»..!.
لكن طبعا المجاملة بالصمت عما تقوم به «داعش» وأخوتها لا غبار عليها، حيث ترفع المشايخ عن قولة حق في أفعالهم، ثم ها هم يتبرعون بتكفير المعتدى عليه.
إنهم بذلك لم يعطوا شرعية دينية لأفعال الإرهابيين فقط، بل إنهم يحاولون سرقة حتى التعاطف الإنساني ضد الجرائم التي تنال جزءا أصيلا من مصر، ومكونا رئيسيا من الوطن.
إنهم تناسوا أن الآيات التي ذكرت في «أهل الكتاب» نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم بين صحابته منذ ما يقرب من 1450 عاما، فلم يقتلوا المسيحيين لمجرد عقيدتهم، بل صاهروهم وناصروهم واقتصوا لهم من ابن أمير مصر «عمرو بن العاص».
فهؤلاء المشايخ هم نتاج الصمت عما وصل إليه «الأزهر» من اختراق وتراجع؛ ولعل أصواتهم ارتفعت بما كان مسكوتا عنه سابقا كرد بالرفض على الدعوة الموكلة إليهم بتجديد الخطاب الديني.
فالإسلام الذي يصلح لكل زمان ومكان ليس بحاجة لإعادة قراءة، من وجهة نظرهم، فلديهم تفاسير وفقه العصور الغابرة، بغض النظر عن الظروف التي دونت فيها ووقوع الشرق الإسلامي حينها للغزو من الصليبيين والتتار والمغول، ودون الاعتراف بأنه «فقه الأزمة» واستحضار «الجهاد» ضد الكافر الغازي.
لكن هؤلاء المشايخ اصطفوا خلف من جعل من «التراث» دينا، وجعل من السلف والأئمة والتابعين مقدسا، والتزموا آراءهم وكأنها وحي يوحى، وليس اجتهادات بشر اختلفوا وتقاتلوا، وانتصر بعضهم على بعض.
إنه الاصطفاف خلف تاريخ للمسلمين وليس الإسلام، خلف فقه وتفسير للدين وليس الدين نفسه، فالدين جعل التفكر وإعمال العقل والتدبر و«الاجتهاد» فريضة، فإذا به الفريضة الغائبة عند الأزهر ومشايخه الذين وقفوا عند فقه «التكفير».
وهم بذلك يفرضون على كل مسلم متضرر مما يلحق بعقيدته الدخول في معركة ليس مع الإرهاب فقط، ولكن مع المؤسسة الدينية التي تم إضفاء «قداسة» عليها، في غير محلها وعلى غير صحيح الإسلام.
نقلا عن المصري اليوم