الأقباط متحدون - لا تحاكموا سالم عبدالجليل
  • ٠٨:٥٤
  • الخميس , ١٨ مايو ٢٠١٧
English version

لا تحاكموا سالم عبدالجليل

مقالات مختارة | عادل نعمان

٢٢: ٠٧ م +02:00 EET

الخميس ١٨ مايو ٢٠١٧

عادل نعمان
عادل نعمان

لا تحاكموا سالم عبدالجليل، و«اكفوا ع الخبر ماجور»، واسكتوا عما قاله، فلن يكون هو الأول، ولن يكون غيره هو الأخير. الرجل لم يكذب، ولم يتجمل، بل جاءنا بما جاء به القدماء والعلماء والأولون، وفى الغرف المغلقة يقولونه ويتداولونه ويتفقهون، وينكرونه فى جلسات المصالحات والندوات والاحتفالات وموائد الأكلات والحلويات، وبعد تفجير الكنائس وحصد أرواح الضحايا ودفنهم بساعات. لم يعترض على ما قاله أحد، ولم يتهمه أحد بالكذب أو التلفيق أو التزوير أو الافتراء أو الابتداع، أو رمى حديثه أحد ببعض من الإفك، أو شطر من الضلال أو جزء يسير من البهتان، فكلام الرجل واضح وسافر، وقالها غيره، وصدقه الملايين من الأولين والآخرين.

قال سالم عن ديانة المسيحية (عقيدة فاسدة وضالة وكافرة)، هذه أولا «أما عند لحظة الموت التى كشف الله لهم فقط حجابها» فقال لا فض فوه «وعند الحشرجة ينتظرون نبيهم عيسى ليخلصهم مش هيلاقوه» وهذه الثانية. وسيجدون بديلا عنه ملائكة العذاب على الصراط، يسوقونهم إلى جهنم وبئس المصير (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة)، وعندها لن تقبل توبتهم، فهم كانوا فى ضلال مبين (وكانت هذه الثالثة، وهى التابتة). لم يعترض ولم يكذب قوله أحد، بل اعترضوا فقط على التوقيت، فهو غير مناسب، والظروف التى تمر بها البلاد غير ملائمة، والأحوال التى وصل إليها العباد غير قادرة على حمل المزيد، وتداول أمر هذه العقائد على شاشات الإعلام والمنابر، دون مراعاة لحال المجتمع الثقافى والفكرى، يؤدى إلى كوارث ومكانها الغرف المغلقة، ويجب تحصينها كتحصين المفاعل النووى مخافة أخطاره! ولم يخرج علينا أحد يعلن صراحة أن قولة سالم بن عبدالجليل هذه ليست من الإسلام، وأن الإيمان بكتب الله ورسله شرط من شروط الإيمان، لأن الحقيقة المرة هى أن آيات السيف بالمدينة المنورة قد نسخت آيات السلام بمكة، والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، وغيرهما كثير قد بقيت تلاوة ونسخت وتعطلت حكما، نسخ الحكم دون نسخ تلاوته، وهذا قولهم الفصل، وهنا كارثة الكوارث، وسند شرعى لكل هؤلاء. أقول لكم بالله لا تحاكموه، ستحشد جحافل السلفية والوهابية جيوشها حشدا، وتزحف على بطونها حبوا إلى أروقة المحاكم، تحمل المصاحف فى يد، والبخارى وأبوهريرة فى الأخرى، ليس دفاعا عن سالم بل كرها فى معاوية أو كرها فى علىّ أيهما فى السجن وأيهما السجان. فإذا جاءوكم بالنصوص والأحاديث والتراث وتفسير المفسرين والإجماع سنكون جميعا فى خبر كان، وفضائحنا بجلاجل، وسيظهر للناس أن ما نقوله ونخرج به على الناس تقية ومعــاريض، وهـما مندوحتان فى الكذب.

ونبدأ بالأخير، وهو أبوهريرة، ولقد بنى البخارى على أحاديثه أعمدة من الدين هاوية، ووجب تصديق حديثه واعتماده، والبناء عليه (لا تقوم الساعة حتى ينزل بينكم ابن مريم، حكما مقسطا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد). ولقد فسرها المفسرون بأن نزول عيسى علامة من علامات الساعة الكبرى، ودليل على أنه لم يصلب، وتكسيره للصليب وقتله الخنزير دليل على ضلال عقيدته وفسادها، وهذا تأكيد للآية «ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الآخرة من الخاسرين»، معظم علماء المسلمين يرفضون تفسير دين الإسلام على أنها أديان الله جميعا، كما جاء فى القرآن «فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصارى إلى الله. قال الحواريون نحن أنصار الله ءامنا بالله واشهد بأنا مسلمون» وغيرها كثير.

نترك كل هذا جانبا، وندخل فى المهم، كنا قد حذرنا من ثورة المظلومين والمقهورين، وقلنا من فتح على نفسه بابا فلا يغلقه، ومن أعطى لنفسه حقا فلا يحرم أحدا منه، ومن ارتضى المبارزة، فعليه بأصولها والالتزام بقواعدها. فى حديث الأب مكارى ردا على كلام الشيخ سالم، وبعد استعراضه لحادث مجموعة من أطفال المنيا المسيحيين، حين قلدوا الدواعش فى ذبحهم المسيحيين فى ليبيا، وحبسهم خمس سنوات بتهمة ازدراء الدين الإسلامى، على سبيل الاستدلال- قال (دون تصرف):

«من يكفر الأقباط، فهم أصل مصر وأصل البلد، وإن كان الإسلام ضغط علينا، وعددنا قل، كل واحد يعرف إن أصل مصر مسيحية، وإن جدك وأبوجدك مسيحى، واعرف إنك بالسيف والرمح بقيت كده، واللى ساب المسيحية مننا كان بالسيف والرمح، عقيدتنا اللى بتقول عليها فاسدة هى عقيدة الطهارة ونقاوة القلب، وطوبى لأتقياء القلب، وهى عقيدة المحبة التى لا تعرفها عقيدة على وجه الأرض، هى عقيدة التسامح والغفران، ليس من مصدر ضعف، لكن من مصدر قوة، لأن القوى هو الذى يغفر ويسامح، والضعيف هو الذى يمسك عصا ورمحا، لا مقارنة بين عقيدتنا وأى عقيدة أخرى». انتهى كلام الأب مكارى.

هذا هو أول السيل. رميت سهمك يا شيخ سالم، فرمى الأب مكارى سهمه، وقلت قولك «ياعم»، فقال «الخال» قوله، ووقفت يا سالم تهجوه فهجاك مكارى، وذممته يا رجل فذمك الرجل، وعِبت دينه فعاب دينك. فلا لوم على الرجل ولا تثريب عليه، فلم يجاهر بما جهر به إلا بما طفح به الكيل، وضاقت به النفوس، ونفد منه الصبر.

يا سالم ألا تعلم أن المسلم من سلم الناس من لسانه ويده؟

ألم تسمع من قال ما لا ينبغى سمع ما لا يشتهى؟

ألم تلحسوا من عسل الأحبة ما عيرهم أبناؤهم بنفاده؟ فاسكتوا ولا تحاكموه تسلموا.

إن هذا الافتراء، وهذه النرجسية، وهذا التعالى، وهذا الاستقواء على أديان الله والتحقير من شأنها- تدفعنا دفعا إلى الهاوية. والله أعلم لماذا هذا التراخى والتهاون. لا تحاكموه واعتبروا ما قاله سالم «كلام ساكت». استكمال الدواعش والإرهاب الخميس المقبل.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع