جدل في إسرائيل حول وضع الضفة الغربية
محرر الأقباط متحدون
الجمعة ١٩ مايو ٢٠١٧
كتب : محرر الأقباط متحدون
قال موقع المصدر أن أبرز ما يظهر من مطالعة محاضر جلسات الحكومة الإسرائيلية قبل حرب حزيران 1967 وبعدها، برئاسة ليفي أشكول، والتي سمح نشرها في إسرائيل، هو أن القيادة الإسرائيلية لم تقرر بعد ما هي سياستها في الضفة الغربية.
حيث سمح بنشر محاضر جلسات الحكومة الإسرائيلية عام 1967، عقب النصر الذي حققه الجيش الإسرائيلي على الجيوش العربية خلال 6 أيام حسب الموقع، والتي سمح نشرها عشية ذكرى مرور 50 عاما على الحرب التي غيّرت وجه إسرائيل والمنطقة، أن الأمور ما زالت كما هي في ما يتعلق بالسياسة الإسرائيلية إزاء الضفة الغربية وسكانها الفلسطينيين.
إذ يبدو بارزا من الجلسات التي تلت الحرب والنقاشات المحتدمة التي تناولها السياسيون الإسرائيليون في ذلك الوقت، الانقسام بين السياسيين الإسرائيليين، كما هو الحال اليوم، في ما يخص مصير الأراضي العربية التي احتلتها إسرائيل.
وقد تجسدت المعضلة بعد حرب 1967 بشأن القدس والضفة الغربية في السؤال الذي طرح في الجلسات: هل يجب ضم الضفة والقدس وسكانها العرب إلى إسرائيل أم لا؟. والواضح أن الانقسام السياسي الذي دار في تلك الأيام هو نفس الانقسام الموجود في إسرائيل في الراهن بين معسكري اليمين واليسار، بين من يؤمن باستمرار الوضع القائم وتوسيع الاستيطان الإسرائيلي على حساب الفلسطيني في القدس والضفة إلى إسرائيل، وبين من ينادي إلى الانسحاب من الضفة والقدس بهدف كسب السلام مع العالم العربي وإقامة دولة فلسطينية.
وتعكس البروتوكولات المكشوف عنها من الجلسات التي رأسها رئيس الحكومة الإسرائيلي آنذاك، ليفي إشكول، تبدل الأجواء في القيادة الإسرائيلية من الحذر والقلق الشديدين عشية الحرب، من مغبة القتال مع الدول العربية، إلى الزهو الكبير الذي أصاب القيادة بأن إسرائيل تقدر الوصول إلى بيروت بعد احتلال القدس والضفة الغربية وسيناء والجولان.
فقد وصلت الحال قبل الحرب بإشكول أنه شبّه عبد الناصر بهتلر حسب الموقع، مبلغا وزراء حكومته بأنه نقل رسالة لأوروبا أن إسرائيل لا يمكن أن تتهاون مع تهديدات الرئيس المصري، عبد الناصر، وأضاف أن مخططات عبد الناصر تشكل تهديدا كبيرا على وجود إسرائيل.
لكن القضية الأهم التي حيّرت القيادة الإسرائيلية في الجلسات التي انعقدت بعد الحرب هي "ماذا ستفعل إسرائيل بالسكان العرب في الضفة والقدس؟".
فبالنسبة للقيادة الإسرائيلية، مصير سيناء والهضبة الجولان كان واضحا، فقد أعرب السياسيون الإسرائيليون عن استعدادهم إعادتها مقابل اتفاق سلام مع مصر وسوريا. أما بالنسبة للضفة الغربية فكان الانقسام واضحا داخل الحكومة الإسرائيلية، بين مؤيدي ضم الضفة والتخلي عنها.
ويتمثل هذا الانقسام في جواب وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك، موشيه ديان، في رده على سؤال رئيس الوزراء، إشكول، "من سيتحمل مسئولة السكان العرب في الضفة؟"، حيث جاوبه ديان "أمامنا خياران: إما الانسحاب بعد إبرام اتفاق مع الحسين أو دون اتفاق، أو أن نتحمل مسؤولية الضفة". وشدّد ديان في حديثه على أهمية توحيد القدس، وهي السياسة ذاتها التي تتبناها الحكومة الإسرائيلية إلى اليوم.
وأعرب وزير الحكومة إشكول عن قلقه إزاء الموقف الدولي من احتلال إسرائيل للضفة الغربية قائلا للوزراء "عاجلا أم آجلا سيسألنا العالم: كيف ستعاملون العرب هناك؟".
ووفق الخطة السياسية التي اقترحها ديان، ستقيم إسرائيل حكما عسكريا في الضفة ولن تمنح السكان العرب حق الاقتراع للكنيست أو الدخول لإسرائيل، وستعمل على إنشاء قيادة محلية في الضفة تصبح مسؤولة عن سكان الضفة. ولا يمكن تجاهل التشابه بين خطة ديان والوضع الراهن في الضفة.
وقد عارض ديان، حسب المحاضر، الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية، باستثناء القدس، إيمانا منه بأهمية إقامة حدود بين الفلسطينيين والدولة العبرية، وإمكانية الدفاع عن هذه الحدود.
واقترح الوزير آنذاك مناحيم بيغين، رئيس الحكومة الإسرائيلية فيما بعد بين الأعوام 1977 و1983، منح الفلسطينيين مكانة مقيمين لمدة 7 سنوات، ومنذ ثم تخيرهم بين المواطنة الإسرائيلية أو الذهاب إلى دولة أخرى. وحذر بيجين أن الحديث عن حكم ذاتي للفلسطينيين في الضفة الغربية سيؤدي إلى ضغط عربي لإقامة دولة فلسطينية، وسيعيد الحديث عن دولة عربية إلى جانب الدولة اليهودية إلى الحياة. واليوم يعد بيجين الأب الروحي لليمين الإسرائيلي الذي يرفض التخلي عن الضفة ويسميها "يهودا والسامرة"، متمسكا بحق اليهود عليها.
وأشار وزير المالية آنذاك، بنحاس سفير، إلى نفس القضية السكانية التي ما زالت تتداول في إسرائيل قائلا "سيبلغ عدد الفلسطينيين في غضون 4 سنوات نحو مليون شخص لو نظرنا إلى النمو السكاني هناك.. لن نقدر إنشاء مستوى حياة لليهود وآخر للفلسطينيين".
وعلّق وزير التربية آنذاك، زلمان آران، بالقول إن "إسرائيل موهومة بأنها قادرة على السيطرة على الفلسطينيين دون منحهم حقوق.. سيكون ذلك قرار مأساوي".
ومن الاقتراحات التي طرحتها القيادة الإسرائيلية آنذاك نقل الفلسطينيين إلى الدول العربية مثلما استوعبت إسرائيل يهود الدول العربية بعد تهجيرهم، واقتراح آخر كان نقل الفلسطينيين إلى البرازيل، أو كندا، أو أستراليا. وهنالك من اقتراح نقلهم إلى سيناء.
وفي أعقاب هذه الجلسات صاغت الحكومة الإسرائيلية في ال15 من يونيو/ حزيران، عبر لجنة وزارية خاصة، الموقف الإسرائيلي العام من الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967، دون اتخاذ أي قرار بشأن مصير الضفة وسكانها. وما أشبه الأمس باليوم.