الأقباط متحدون - شيوخ وقساوسة إشعال الفتنة بـ«الشرع»!
  • ٠٨:٥١
  • السبت , ٢٠ مايو ٢٠١٧
English version

شيوخ وقساوسة إشعال الفتنة بـ«الشرع»!

مقالات مختارة | بقلم عبدالعظيم درويش

٢٨: ٠٨ ص +02:00 EET

السبت ٢٠ مايو ٢٠١٧

عبدالعظيم درويش
عبدالعظيم درويش

السطور التالية تماثل من يسير فى «حقل ألغام» معصوب العينين، تكفى خطوة واحدة فى غير موضعها الصحيح لنسفه، غير أن محاولة الدفاع عن وطن -دام نحو 1500 عام محتضناً من يدعو الله سبحانه وتعالى وهو يلملم سجادة الصلاة بعد أن سجد لله فى صلاته، ومن يرسم صليباً بيمناه على صدره ويشعل شمعة أمام تمثال السيدة البتول- كافية تماماً لأن يدفع كل من يعشق تراب هذا الوطن لأن يقدم على تلك الخطوة.

ومن البداية لنتفق على ثلاثة أمور، لعل أولها: أن محاولة التستر وراء الدين والشرع لإشعال «نيران الفتنة» التى ستحيل هذا الوطن إلى ركام -لا قدر الله- لا تتعلق بطرف واحد من الطرفين، فمثلما لـ«بعض الشيوخ» أخطاء كارثية فى «فتاوى تكفير الإخوة المسيحيين» تكفى واحدة منها لـ«تجريدهم» من أحقية الفتوى إسلامياً، فإن لـ«بعض القساوسة» أيضاً «عظات» تتسم بالتعصب الشديد تجاه المسلمين، وأيضاً تكفى واحدة منها لـ«شلحهم» من الخدمة مسيحياً، إلا أن الطرفين لا يزالان يصدمان الرأى العام بفتاواهما المضللة وعظاتهما المتعصبة.

الأمر الثانى يلزمنا بالاعتراف بأن فتاوى بعض الشيوخ تماثل طلقات الرصاص فى قلب «إيمان» الطرف الثانى وتلبسه «ثوب التكفير» -والعياذ بالله- بينما تأتى «عظات بعض القساوسة» أقل حدة، وإن كانت تلامس جوهر العقيدة الإسلامية.. إلى جانب أن إخواننا المسيحيين عانوا كثيراً ولا يزالون من موجات تعصب أعمى لا تراعى الحفاظ على الوطن، ويعاملهم البعض على أنهم مواطنون من الدرجة الثانية وليسوا شركاء، لهم ما للطرف الآخر من حقوق وعليهم ذات الواجبات.

ثالث هذه الأمور أنه لا يجب أن نصف ما يحدث من الطرفين بأنه خطأ غير مقصود أو «زلة لسان» لأنه فى حقيقته يستهدف تلك الصورة التى باتت عليها مصر التى أثبتت للعالم أجمع أن مصر بخير رغم الحوادث الدموية التى تعرض لها المسيحيون وأن مصر موطن جميع الأديان السماوية ترفض نزعات العنف والتطرف باعتبارها أنها تحمل راية الحب والحضارة الإنسانية طوال تاريخها ولم تعرف الكراهية، بل بالعكس تماماً إن رسالتها للإنسانية هى نشر السلام ومنحه الأولوية من أجل التعايش، ومواجهة الإرهاب والتطرّف بالمحبة والرحمة والأخلاق الحسنة، وإعلاء السلام، بدلاً من النفور والصراع.

ولنكن صرحاء ونعترف بأن المجتمع المصرى «بطرفيه» يحلو له التمسك بمظاهر التدين وتكفى هنا «لحية وجلباب قصير أو زبيبة صلاة على الجبهة.. أو تعبير سامحنى وصدقنى أو صليب مطبوع على اليد» دون أن نعمل بجد على الالتزام بتعاليم الدين «سواء الإسلام أو المسيحية» فكلتا الشريعتين تحرم الكراهية أو الحقد، إلا أننا نفاجأ بأن بعضاً من رموز الدينيين هجروا كل ذلك وتفرغوا لإشعال النيران بدلاً من الالتزام بما يعرف بـ«فقه الأولويات» فى مجتمع يحاول فيه البعض أن يفرض عليه الفوضى، ويهدده بالتقسيم، ويئن من البطالة، ويصرخ من ارتفاع الأسعار ولديه توترات خطيرة على كافة حدوده المشتركة مع جيرانه، ليشغلوا المجتمع بقضايا أثبتت 1500 عام من التعايش المشترك بين المصريين جميعاً -بصرف النظر عن دياناتهم- فسادها وخداعها، وأن أهدافها غير بريئة على الإطلاق.

وإذا كان الدكتور سالم عبدالجليل، قد خرج على الرأى العام بتصريحات «صادمة» وصلت إلى حد وصف العقيدة المسيحية بشكل مباشر بأنها «عقيدة فاسدة»، وهو ما أوصله إلى «خلف قضبان المحاكم»، فإنه لا ينفرد بذلك الموقف فـ«الفتاوى المتشددة» لم تكن حديثة، بل أيضاً لا تقتصر على الجانب المسلم فقط، إذ إن الطرفين «امتطيا وسائل الإعلام» فى فترات متقاربة، وتراشقا بالعديد من الفتاوى المتشددة والمتعصبة تجاه الآخر من الجانبين وهو ما رصدته الشابة الصحفية «إسراء حامد» ونشرته «الوطن» على موقعها الإلكترونى يوم الجمعة 12 مايو:

- القس زكريا بطرس، اعتاد مهاجمة الإسلام من برنامجه على قناة «الحياة» المسيحية من خلال مقاطع فيديو فى أثناء وجوده فى الولايات المتحدة الأمريكية.

- القس مرقص عزيز، اتهم بالمشاركة فى إنتاج فيلم مسىء عن الرسول والإسلام والتبشير بالمسيحية، وإثارة استفزاز المسلمين بالهجوم على فريضة الحج وعلى القرآن الكريم، لافتاً إلى أن مواعظه عبر قناة «الحياة» المسيحية لا تعدو كونها حواراً بين الأديان.

- الشيخ ياسر برهامى أوصى، من خلال استضافته فى برنامج على شاشة «الناس» الفضائية، بهدم كنائس المسيحيين فى أنحاء مصر، وطالبهم بسداد جزية مقابل حياتهم على أرض مصر، وقال أيضاً إن الأقباط إخوة لكن كفار.

- الشيخ «أبوإسلام» قال، فى أثناء لقائه فى برنامج «أجرأ الكلام»، مع الإعلامى طونى خليفة، على قناة «القاهرة والناس» إن «شرط إيمانى أن يكون المسيحى كافراً».

وعلى عكس تلك الممارسات الصادمة فإن قداسة البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان ورجل السلام، قد أوصى المسيحيين بالتعاطف والتكامل مع المسلمين وأعلن -خلال زيارته القاهرة- اعتزامه استضافة أسرتين مسلمتين بالمقر البابوى، بينما أعلن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، فى لقاء تليفزيونى جرى معه فى ألمانيا، أن «المسيحية كانت الحاضنة الأولى للإسلام، ولولا الحبشة وحماية ملكها المسيحى العادل ربما كان قضى على هذا الدين فى مهده».

وإذا كان مجلس النواب بصدد مناقشة مشروع قانون موقع من 60 عضواً لمنع التمييز ودحض الكراهية بين أبناء المجتمع المصرى من خلال 10 مواد لتجريم الحض على الكراهية وتتعلق بمحاربة المعتقدات الخاطئة التى تؤدى إلى إثارة الفتن بين المسلمين والمسيحيين فإن مواجهة التطرف والكراهية لا تقف عند حد «سن قوانين وتشريعات» فقط بل تستلزم إحداث ثورة حقيقية على تلك المعتقدات البالية التى تعد من قبيل «الجنون».. فالمصريون دائماً متحدون فى الألم والفرح، معلنين للعالم كله أن مصر وطن واحد مترابط، بعيد عن محاولات إعادة فرز مواطنين شركاء فى الوطن أو إحداث «تفرقة طائفية بغيضة».. فلا المسيحيون قلة يجب اضطهادها ولا المسلمون ضيوف على أحد.. ولكِ يا مصر دائماً السلامة.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع