الأقباط متحدون | الإخوان والنظام الحزبي
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٦:١٩ | الأحد ٢٧ فبراير ٢٠١١ | ٢٠ أمشير ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣١٧ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

الإخوان والنظام الحزبي

الأحد ٢٧ فبراير ٢٠١١ - ٠٨: ٠٨ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: عبد الرحيم علي
فى "رسالة النور"، التى أرسلها حسن البنا إلى الملك فاروق وزعيم الوفد مصطفى النحاس وملوك وأمراء البلدان الإسلامية، قرن الرجل الإصلاح الحقيقي بالتخلص من النظام الحزبي، الذي هو جوهر الفكرة الديمقراطية، فهو يطالب بـ "القضاء على الحزبية وتوجيه قوى الأمة السياسية فى وجهة واحدة وصف واحد" .
وفي خطاب آخر خاطب فيه المرشد المؤسس الملك الشاب فاروق الأول قائلا: "يا مولاي: إن الأمم الغربية التى ليس فيها كتاب قيم ككتابنا وليست لها شريعة مطهرة كشريعتنا، أدركت بحكم مصلحتها الحيوية ضرر الخصومة الحزبية عليها من أساسها، واستأصلتها من ديارها". 
 
ما هي الحكومات الغربية التى قضت على الأحزاب و"استأصلتها" من ديارها؟!. خلال المرحلة التاريخية التى كتب فيها البنا رسالته، 1938، لا تنطبق مقولة البنا إلا على ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية وأسبانيا الديكتاتورية، فهل هذه هى النماذج المثالية التى كان يحتذي بها البنا؟ وهل كان يدعو إلى السير على خطى هتلر وموسوليني وفرانكو، ويرى أنهم القدوة لجلالة الملك؟. 
التأييد المريب لرئيس الوزراء محمد محمود باشا، الذى تولى منصبه بإرادة الملك دون الشعب، ورفض شامل من الأغلبية فى الشارع السياسي المصري ربما يجيب على السؤال. تمثل هذا التأييد الانتهازي فى الرسالة التي كتبها البنا إلى رفعة الباشا، يطالبه فيها "بالأخذ بتعاليم الإسلام وإلغاء الأحزاب"، ولا ينسى الإمام المجدد، الذى يحتفلون بميلاده-كل عام- بإعتباره واحدا من زعماء الإصلاح والتجديد، أن يضيف: "وانتم الآن يا صاحب الرفعة فى موضع يمكنكم من التقدم بهذه الخطوة"! . 
 
ضد الدستور : 
هل صحيح أن الإخوان يحترمون الدستور والقانون؟. العصريون منهم، أو مدعو العصرية والتسامح، يقولون ذلك، ويلتمسون الأعذار للمفكر الإخواني التكفيري سيد قطب، الذى يرفض بدعة الدستور ويعترض على القوانين الوضعية وحكم الشعب. التنكر لسيد قطب حيلة رخيصة لم تعد تنطلي على أحد، ومع ذلك فلا بأس فى مسايرتهم، لنرى ما يقوله الإمام المجدد حسن البنا، على أمل ألا يُقال إنه لا يمثل الإخوان!. 
للرجل مقال منشور فى مجلة "النذير"، عنوانه "الدستور والقرآن"، يقول فيه "إنه مع الحكم النيابي، ولكن الذى نعترض عليه ونطالب بالتحرر منه هذه الشكليات الفارغة التقليدية التى جربناها عشرين سنه فلم نجن منها إلا الفرقة والخلاف والشرك"!.
 
ما الذى يتبقى من النظام الدستورى إذا تخلص مما يسميه البنا بالشكليات الفارغة التقليدية، وهى شكليات لا يحددها؟!. وما الذى يتبقى من الدستور نفسه إذا أخذنا بنصيحة البنا، و"تخلصنا من هذا البلاء الداهم الذى وقعنا فيه من جراء تقليد الغرب من غير تبصر ولا تقدير لعواقب الأمور"! . 
ويخاطب "الإمام المجدد" علماء الفقه الدستوري متسائلاً: "هل يكون المعنى النيابي قائماً صحيحاً إذا وضع للانتخاب ولمحاسبة الحكام نظام غير هذه الحزبية المفرقة؟ ووضع للبرلمان نظام غير نظام المجلسين، وهل البلاد التى توحدت فيها الأحزاب والمجالس، وتغير نظام الانتخاب، ليست بلاداً دستورية نيابية؟" . 
إنه – بإيجاز شديد – ينسف جوهر الدستور، ويهدم النظام النيابي، ثم يطرح أسئلة بريئة مراوغة، كأن يكون النظام السياسي بلا أحزاب، وأن يكون للبرلمان شكله المختلف عن نظام المجلسين، قبل أن يلح فى التبشير بالأنظمة الشمولية الفاشية، التى تخلو من الأحزاب والمجالس النيابية!. 
ولا تسلم مواد الدستور، فى المقال نفسه، من هجمات البنا، غير المسئولة، فهو يرفض وجود مادة تقر بحرية الاعتقاد، ويطالب بتغييرها، والهدف المعلن من هذا التغيير هو "إخراج المرتد من حماية الدستور"!. 
 
كيف نحدد مفهوم المرتد، ومن الذى يحدده، وما الذى كان ينوى الإمام فعله مع المرتدين بعد سلب الحماية الدستورية؟!. ولماذا لم يتعلم البنا من العالم الإسلامي الجليل – المعاصر له-الأستاذ محمد فريد وجدى، الذى قدم صورة مضيئة للمفكر المجدد المصلح، عندما أصدر إسماعيل أدهم كتيباً عنوانه "لماذا أنا ملحد؟" ، فرد عليه يفند آراءه ويدافع عن العقيدة الإيمانية، دون أن يطالب بإقامة الحد أو تعديل الدستور؟! . 
الفارق الكبير الشاسع بين حسن البنا وفريد وجدى، هو الفارق بين الواعظ التقليدي الذى لا يملك إلا موهبة مخاطبة المشاعر والعواطف، وبين المفكر الذى يخاطب العقول والأفهام. الفارق الآخر أن الأستاذ وجدى، وأمثاله من العلماء والمفكرين، يعملون لوجه الدين وحده، أما البنا وتلاميذه فسياسيون يحولون الدين إلى سلاح سياسي! . 
 
وشهد شاهد :
لا يخفي الدكتور عبد الله النفيس، انزعاجه من عداء البنا الصريح والعنيف للفكرة الحزبية، ويرى فى هذا العداء تعبيراً عن غياب النظرية المتكاملة لعلاقات حسن البنا السياسية داخل مصر. يقول النفيس في كتابه الحركة الإسلامية..  رؤية مستقبلية: " كانت هناك شبكة من الأحزاب السياسية المتواجدة فى مصر، سبقت تشكيل جماعة الإخوان، وكان لهذه الأحزاب أدوار سياسية خطيرة، ولتلك الأحزاب مؤسساتها وقواعدها الاجتماعية، كالوفد مثلا الذى وصل للحكم أكثر من مرة. ثم إن دعوة البنا المضادة للأحزاب قد وترت علاقاته السياسية مع تلك القوى، رغم استعداد الأخيرة لقبول جماعة الإخوان كشريك سياسي فى الساحة. هذا الموقف المضاد للتعددية السياسية، قد وضع الجماعة فى زاوية حادة من حيث علاقاتهم السياسية بالفرقاء السياسيين، وربما قطع الحوار مع كثير من الأحزاب السياسية التى اكتسبت شرعية سياسية واقعية، سواء بصلتها بالهيئة الحاكمة أم بقاعدتها الجماهيرية". 
التقييم السابق صادر عن مفكر إسلامي لا يعادى الإخوان ولا يتحامل عليهم، وهو يعي أن عداء البنا للحزبية حقيقة لا يمكن إغفالها أو إهمالها. امتداد الخط على استقامته يقود إلى حقيقة أخرى، فالبنا وإخوانه لا يعترفون إلا بحزبين: حزب الله الذى يمثلونه، وحزب الشيطان ذلك الذى يضم كل من هو خارجهم.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :