لأنني نقشبندي الهوى
مدحت بشاي
٠٠:
١٢
ص +02:00 EET
الأحد ٢١ مايو ٢٠١٧
كتب:مدحت بشاي
medhatbeshay9@gmail.com
في مثل هذه الأيام أو قبلها قليلا ، ومنذ 40 سنة رحل عن عالمنا الشيخ سيد محمد النقشبندي ، صاحب الصوت والأداء الصوفي والروحي العبقري ، والذي كرمه الرئيس أنور السادات عام ١٩٧٩م بمنحه وسام الدولة من الدرجة الأولى، كما كرمه الرئيس مبارك بمنحه وسام الجمهورية من الدرجة الأولى بعد وفاته أيضاً.
ولأنني أنتظر شهر رمضان من كل عام لأنني من عشاق صوته ، وأقتني الكثير من أعماله وأرى في صدق الأداء واعتدال الرسالة في خياراته الابتهالية روعة النفس المؤمنة المثالية ، وكنت ولازلت أنتظر حلول شهر رمضان لسماع ابتهالاته الرائعة عقب انطلاق مدفع الإفطار بشغف ، فقد أسعدني ما نقله فرحاً وسعيداً الصديق الفيسبوكي الشاب العشريني " أبانوب خلف " على صفحته وهو نص مقال للشيخ النقشبندي ، ليكون مختلفاً عن أقرانه عبر بث رسالة إيجابية بدلا من الذين اكتفوا بنشر فتاوى أصحاب دعاوى الفتنة والإثارة المبددة لحالة السلام المجتمعية..
كتب " أبانوب " .. لن يصدق أحد أن " إستنانى على السلم فى الضلمة يا حبيبى!! " هو عنوان مقال للشيخ سيد النقشبندى، نشر فى مجلة (الإذاعة) بتاريخ 20 أكتوبر سنة 1968، أعيد نشره لتقديم لمحة صغيرة عن هذا الرجل الجميل السمح، صاحب الصوت السماوى، وسنتعرف أكثر على روحه الساخرة اللطيفة من خلال المقال الذى كتبه بنفسه، وكما نُشر تحت العنوان أعلاه وهذا نص المقال بالحرف ( أختار منه بعض الفقرات عزيزي قارئ" الدستور" )
.. يكتب النقشبندي ....
اليومين دول واحد أخ صحفى قالب الدنيا بيدور علىَّ فى كل حتة علشان عايز يشوفنى يعمل معايا حديث بمناسبة رمضان.. اتصل بىَّ فى بيتى فى طنطا بس أنا ماكنتش موجود، والظاهر إنه يعرف أخونا مدير سينما ( أمير) فى طنطا فوصاه يخلينى أتصل بيه ، وفى الحقيقة أنا ماكنتش باتهرب منه، لكن أنا اليومين دول مشغول للغاية ، وإن كان ده لا يمنع برضه إنى بأخاف من الصحفيين وبأخشى أسئلتهم الخبيثة الماكرة المفاجئة اللى لا تتيح للواحد فرصة التفكير الهادئ والتروى قبل الرد عليها ، وبالشكل ده بيوقعوا الواحد أحيانا فى الحرج.. مثلا قال لى: " بتروح السينما ولا لأ يا شيخ سيد؟!.. " قلت له: " والله يا أخى إن الدين لا يعترض على أى فن نظيف يشير إلى الفضيلة ، وأنا أذهب إلى السينما كلما سمعت عن فيلم جيد، وقد شاهدت كل أفلام محمد عبد الوهاب بلا استثناء أكثر من مرة وأحفظ أدواره كلها "..
فصديقنا الصحفى اتسعت عيناه من الدهشة وهو بيسألنى : " بتحفظ أدواره اللى بيمثلها فى السينما يا شيخ سيد؟"! قلت له: " لأ يا أخى.. أدواره هنا بمعنى أغانيه أو ألحانه ، وأتغنى بها فى كثير من الأحيان " وأعشق كذلك غناء أم كلثوم، فهو لا يثير فى النفس إلا كل أحاسيس شريفة عفيفة، حتى فى أغانيها العاطفية، فهى لا تغنى ( إستنانى على السلم فى الضلمة يا حبيبى )، ولا تقول (أنا لابسة ومتزوقة على الآخر ونار الشوق مولعة فى جِتِة البعيدة)!!.. فصوت أم كلثوم وحسن اختيارها للمعانى والألفاظ التى تغنيها يجبر المستمع على احترام الصوت وصاحبته».. لكن أخونا الصحفى رجع يسألنى تانى: " وآخر فيلم دخلته يا شيخ سيد إيه ؟! " قلت له: " والله يا أخى فيلم (الزوجة التانية) بتاع سعاد حسني ".. ، عاد الصحفى ليتجه بأسئلته وجهة أخرى، فسألنى: " عندك بنات كبار يا شيخ سيد؟!." قلت له وقد ظننته سؤالا ويمر: " أى نعم، تلاتة.. اتنين متجوزين، والثالثة صبية تلميذة فى الرابعة عشر ".. سأل: " بيلبسوا إيه؟!" قلت فى دهشة: " يعنى بيلبسوا ملابس طبعاً" ..قال: " أقصد أى نوع من الملابس ؟" ..
قلت وقد أدركت ما يرمى إليه بسؤاله: " يرتدين العادى جداً الشائع من الملابس الحديثة ، يعنى على الركبة فى حدود المعقول، لكن تلك الموضة التى تسمونها (المينى جيب) فهذه تقليعة لا مكان لها عندنا".. قال: " بيروحوا للكوافير يا شيخ سيد؟!".. قلت: «أى نعم.. فى المناسبات فقط " ما رأيك فى الحب ؟!"..قلت له: " الحب من العفاف لا أراه حراماً.. أقر الحب العفيف إذا كانت النوايا سليمة وليس بقصد التسلية.. " عاد يسألنى: " أفهم من كده إنك أنت شخصياً تزوجت عن حب؟!".. قلت فى سرى جازاك الله، فقد أتعبتنى من اللهث وراء أسئلتك المتلاحقة المحرجة.. ولكنى سلمت أمرى إلى الله وقلت له: " ليس كذلك بمفهوم هذه الأيام.. ولكنها كانت قريبتى " ..الذى أدار الحوار المدهش ده هو الصحفى "حسين قدرى" ، والعنوان طبعا كان اختيار خبيث للصحفى ...
قدموا للناس الشيخ والكاهن المستنير كنماذج لدعم الوعي الديني والروحي ، لمقاومة رسائل الإقصاء الاجتماعي والثقافي لبشر منا على أساس الهوية الدينية أو الجنسية .. وتعالوا نردد ابتهالات النقشبندي لنحلق بأرواح تخففت من أثقال الكراهية والقبح السلوكي ..
مَوّلاي إنّي ببابكَ قَد بَسطتُ يَدي
مَن لي ألوذُ به إلاك يا سَندي؟
أقُومُ بالليّل والأسّحارُ سَاهيةٌ
أدّعُو وهَمّسُ دعائي، بالدُموُع نَدى