الطريق المستقيم الضيق!
مقالات مختارة | بقلم:دينا عبدالكريم
٠١:
٠٣
م +02:00 EET
الأحد ٢١ مايو ٢٠١٧
لهؤلاء الذين يشعرون بالوحدة وسط زحام الناس، ويشعرون بالوحشة رغم كثرة الكلمات!!، إهداء لكل من أخطأنا فى حقهم حين تركناهم وحدهم رغم يقيننا بأنهم على حق وكل من أسأنا إليهم بدون اعتذار!.
أعرف أن زماننا أصبح مزعجا بما فيه الكفاية لكم.. وأن آراءنا- فى معظمها- سطحية ومنقولة وبلا عمق ولا هدف ولا تحرك شيئا فيكم.. أعرف أنكم تروننا مجموعة من الهواة المهووسين بالشهرة.. نعبث بالكلمات أحيانا، وتخرج منا تصريحات وردية أحيانا.. لكن بلا دراسة وبلا رؤية حقيقية فتختفى بمرور الوقت ولا تقدم شيئا حقيقيا ويبقى الحال بسببنا.. على ماهو عليه.. بل أسوأ!، أعرف أنكم تتلمسون رفاقا فى الطريق.. وشجعانا فى قول الحق.. لكننا نخذلكم.
«الطريق المستقيم الضيق قد يبدو أكثر اتساعا إذا ما سار فيه أناس كثيرون!!»، حكمة قديمة قرأتها فى طفولتى وأعود لأتذكرها كلما شعرت بالوحشة والوحدة فى طريق أظنه مستقيما، لكنه بالبلدى (ما بيأكلش عيش!!)، فأتلفت حولى باحثة عن أولئك الذين اختاروا السير فى نفس الطريق رغم صعوبته ورغم تكرار الفرص للحاق بالطريق (الواسع).. فأجدهم على غير المتوقع.. يشعرون بالوحدة مثلى وأحيانا- من طول الطريق- يفقدون اليقين ف الطريق.. ويتشككون رغم إيمانهم!.
هناك الكثير من القصص حول أولئك الذين فشلوا واستسلموا لفشلهم.. دون سبب سوى أنهم لم يجدوا حينها من يقول لهم بثقة (كنت هناك.. وها أنا الآن هنا!!) لم يجدوا من يحكى لهم قصص نجاحات حقيقية لأشخاص حقيقيين.. كل ما سمعوه وقتها كان مجرد قصص سلبية لأشخاص سلبيين.. يتحدثون فقط عن كل ما هو غير ممكن!!، وكل ما هو سيئ!!.
يحتاج أحيانا سالكو الطريق المستقيم الضيق إلى بعض من سند.. إلى ربتة على أكتافهم وإلى ضمة يد من رفاق الطريق.. ليس عدلا أن يسير كل منهم وحده ولا أن يواجه كل منهم وحشة الطريق وحده لئلا يخوروا فى الطريق.. ويخسروا فرصة الوصول إلى أحلامهم ونخسر نحن معهم فرصة تكرار المحاولة وطرق نفس الطريق!.
لكن.. كيف سيتعرفون على بعضهم والكل يبدو منشغلا فوق العادة ومهموما فوق الطاقة؟.. كيف سيجدون الدعم والمناخ العام محبطا إلى حد الملل؟.. النماذج الواضحة كريهة والنماذج القيمة هادئة ولا تعرف طريقها للناس.
هناك مهمة حقيقية ملقاة على عاتق أولئك الذين وصلوا..أن يلتفتوا إلى أولئك الذين لا يزالون فى أول الطريق.. أن يبادروا هم بتقديم أنفسهم..أن يقتحموا عزلتهم أحيانا ويوضحوا لهم مميزات وتكلفة الطريق ويساعدوهم على الاختيار.
وأن يهتموا كثيرا بمن هم فى منتصفه حتى لا يخوروا ولا ييأسوا.. وحتى يصدقوا فى أن هناك محطات حلوة على طول الطريق.. تتباعد المحطات أحيانا.. لكنها تستحق العناء.. وأن هناك سندا من أولئك الذين اختاروا مثلهم نفس الطريق.. وتحملوا مثلهم تكلفته العالية من الوقت والصبر.. لأنهم يدركون غايتهم ويعون قيمة ما يسيرون باتجاهه!!.
أوطاننا تحتاج لمن يسندون بعضهم البعض.. ويطرقون الطريق سويا وفى نفس الوقت.. عله يصبح أكثر اتساعا.. عله يسع الآتين من بعدهم.. عله يسهل عليهم مشقة الخوف ووحشة الوحدة فى طريق.. وإن كان مستقيما!!.
إن وجدتكم من يجتهد للسير فى طريق مستقيم.. فلا تجلدوه بحجة النقد وهونوا عليه وادعموه قدر ما استطعتم!!، عله ينتشلكم يوما وينتشل أوطانكم من تيه ومن إخفاق وتخبط!.
نقلا عن المصرى اليوم