قمة سنية أمريكية

د. مينا ملاك عازر
يخطئ المسمين للقمة الجارية أحداثها على الأرض السعودية، ويخطئ المحللين حينما يعنونها بالقمة الإسلامية، فليس المسلمون كلهم ممثلين فيها، فالغياب الإيراني عن حضور القمة برغم فوز روحاني - من التيار الإصلاحي- يجعل القمة من الشكل الإسلامي لشكل أكثر تخصصي وهو الشكل السني، ولكن ثمة سؤال يجب طرحه، والتوقف عنده ملياً، ما هو شكل المشاركة العراقية بالقمة؟ هل هي موجودة أم مجمدة؟ هل يثق المؤتمرون بأن ما سيتوصلون له من قرارات سرية- إن وُجِد- سيبقى على هذا النحو من السرية حيال إيران بوجود العراق المرتبطة مع إيران بعلاقات قوية، وغياب سوريا مفهوم فالنظام السوري شيعي علوي، لذا تبقى القمة سنية، وكذلك النظام العراقي مختلط بين سني في رئيسه وشيعي في حكومته، هنا تكمن المشكلة لمن سيكون ولاء العراق؟ وفي صف من من المتحاربين ستحارب؟ إذا ووقعت الواقعة -لا قدر الله-

السعودية والبحرين دولتين من الدول التي بين جنباتها شعب شيعي، فالعجب كل العجب إذا ما اندلعت الحرب ضد إيران، ووقف الشعب محير ينتمي لوطنه أم لمذهبه؟ المفترض أنه لا تعارض مطلقاً بين الوطن والمذهب، لكن مشعلي الحرب بهذه الشاكلة الدينية المذهبية سيجعلون من شعوبهم في  حيرة مذهبية، وورطة كبرى لا يعرفوا على إثرها أي الجهتين يختارون.

وبعيداً عن اهتمامات البعض بزي زوجة ترامب، ورغبة أحد المواطنين السعوديين بالزواج من ابنة ترامب ونظرة المترجم الملكي للجميلة ابنة ترامب، اسمحوا لي أيتها السيدات وأيها السادة أن أدعوكم للتأمل ملياً في مليارات الدولارات التي تدفعها السعودية عن طيب خاطر- وهي ذات الميزان الاقتصادي المختل بسبب حرب اليمن- لأمريكا لشراء السلاح، وهنا لي وقفة إذ أن اليهودي صهر ترامب هو مهندس صفقة السلاح الأمريكية السعودية، وهو الذي تحصل على خصم كبير لمصلحة السعودية في توريد منظومة الدفاع الصاروخي من الشركة الأمريكية الموردة للسلاح، لكنه وفي نفس ذات الوقت تمنع السعودية صحفيين يهوديين من دخول أراضيها، أحدهما ينتمي للقناة العاشرة الأمريكية، وهذا أمر يبدو للعامة أنه ليهوديتهم، لكن لو تذكرنا ما قلته من التعاون القائم بين صهر ترامب والمسؤولين السعوديين في توريد السلاح للمملكة ينتفي السبب الديني لمنع الصحفيين الأمريكيين، لكن يبقى سبب منع
الصحفيين مجهول ويبقى السؤال، هل لو أتيا مع ترامب على طائرته الخاصة كانت السلطات السعودية ستمنعهم؟
على العموم بغض النظر عن السبب، لكن الحدث يعبر عن انفصام شخصية السعوديين واهتزازهم وارتباكهم وانحنائهم الواضح أمام التشدد الترامبي الذي وعد الأمريكيين بأن يجعل الخليجيين يدفعون ثمن حماية أمريكا لهم، وأوفى، فها هي قطر تدفع مائتي مليار دولار لأمريكا، والسعودية تدفع قرابة المئة والعشر مليارات دولار كجزء من إجمالي قدره ثلاثمائة وخمسون مليار دولار .

المختصر المفيد السياسة فيها العجب فتعلموا.