لا للأحزاب الدينية!
بقلم: جرجس وهيب
خرجت ثورة 25 يناير لتبحث عن الحرية للشعب المصري، وتدوال السلطة وتحقيق العدالة ومحاربة الفساد والمحسوبية والتوريث، وتطالب بمنح الشباب فرصة أكبر للمشاركة في صنع مستقبل بلادهم، بعد أن همشوا لفترات طويلة، وكلها مطالب مشروعة وعادلة ولا خلاف عليها.
ولكن بعض القوى تريد استغلال هذه الثورة في تحقيق بعض المكاسب، حتى لو كانت مكاسب غير مقبولة، ولم تكن مشروعة لفترات طويلة وتتعارض مع مصلحة مصر الآن.
ويأتي على رأس هذه القوى جماعة "الأخوان المسلمون" التي لم تعد محظورة، وأعتقد أنها أكبر المستفيدين من الثورة حتى الآن، فمكاسب الأخوان تتمثل في الاعتراف الشرعي بها من خلال مباحثات اللواء "عمر سليمان" -نائب رئيس الجمهورية الأسبق- معهم خلال فترة الثورة، بعد سنوات طويلة من الحظر، ولم تكتف جماعة الأخوان بذلك، بل تسعى لتحقيق أكبر مكاسب ممكنة من الثورة، من خلال الضغط على المجلس العسكري، لما لها من ثقل في الشارع المصري، فجماعة الأخوان أعلنت عن تأسيس حزب سياسي ذو مرجعية دينية إسلامية، تهميدًا لخوض الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، تهميدًا للوصول إلى الحكم، حتى لو أعلن قيادات الجماعة عكس ذلك، وأنهم لا يرغبون في الوصول للحكم، وهذا كلام غير صحيح بالمرة، فهدف الأخوان الرئيسي الوصول لكرسي الرئاسة في مصر، ومن ثم إقامة الإمارة الإسلامية، والتي سيكون مقرها "مصر"، كل ما في الأمر أن الجماعة تخشى من المواجهة مع الغرب، خلال المرحلة الحالية، بعد أن أعلنت عدد من الدول الأوربية عن عدم ترحيبها لإقامة دولة إسلامية في "مصر" منعا لتكرار تجربة "إيران".
فغالبًا ستلجأ الجماعة لدعم مرشح من الباطن، تفاديًا للصدام مع القوى والأحزاب المدنية في مصر والدول الغربية، وغالبا بل مؤكدًا سيكون السيد "عمرو موسى" -الأمين العام لجامعة الدول العربية- والذي ستنتهي ولايته خلال مارس القادم، ولكن الوضع سيختلف تمامًا خلال انتخابات مجلسي الشعب والشورى والمجالس الشعبية المحلية على كافة مستوياته، وسيسعون للحصول على الأغلبية المطلقة لتشكيل الوزارة، لضمان تمرير أي تشريعات تتناسب مع المرحلة القادمة، مرحلة إقامة الدولة الإسلامية، وما يتطلب ذلك من تشريعات تتناسب مع الدولة الإسلامية.
ففكرة إنشاء الأحزاب الدينية الإسلامية في مصر خطأ جسيم، وسيؤدي إلى زيادة حالة الاحتقان الطائفي، وزيادة الفجوة التي ذابت خلال المرحلة الماضية، وخاصة عقب حادث الإسكندرية، وثورة 25 يناير، وستعود الفجوة بقوة بعد إنشاء الأحزاب الدينية، فبطبيعة الحال عندما يتم إنشاء حزب إسلامي سيتم إنشاء حزب مسيحي، وبالطبع كل أعضاء الاحزاب الاسلامية سيكونون من الأخوة المسلمين، ومرشحي الحزب الإسلامي سيرفعون الشعارات الإسلامية، وسيصوت له المسلمون، وسيكتسحون باقي مرشحي الأحزاب الأخرى، مما يؤدي إلى تهميش الأقباط، وانعدام فرصتهم في المشاركة في الحياة السياسية.
جماعة الأخوان المسلمين، جماعة تضع مصلحتها العليا فوق كل المصالح، حتى على مصلجة مصر نفسها، فلو كان قيادات الجماعة يسعون لمصلحة مصر لما أقدموا على هذه الخطوة التي ستمحو كل إنجازات الثورة، بل ستعود بالبلاد إلى الخلف، وأكثر بكثير مما كنا عليه قبل 25 يناير، وجماعة الاخوان تعلم أن الوقت الحالي لن يتم رفض طلبها، لما للجماعة من تأثير على الشارع.
فأرجو وأتمنى من المجلس العسكري، تأجيل منح الموافقات لإنشاء الأحزاب السياسية ذات المرجعية الدينية، سواء الإسلامية أو المسيحية، لما بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، لما لهذه الخطوة من عواقب غير محمودة العواقب والنتائج، ومنعًا لاستغلال أي قوى للأحداث الحالية التي تمر بها البلاد، وترك الموضوع للرئيس، ومجلسي الشعب والشورى، والحكومة القادمة، لأن اتخاذ القرارات في الوقت الحالي قد يكون غير مناسب، ويجهض كل أهداف ثورة الشباب في إقامة دولة ديمقراطية علمانية مدنية.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :