أضبُط ... جريمة فى أوقاف دمياط عام 1900
سامح جميل
١٩:
٠٢
م +02:00 EET
الاثنين ٢٢ مايو ٢٠١٧
حكايات أوراق قديمة..
سامح جميل
سامح جميل
الوثيقة التي نقدمها هي عبارة عن قرار المجلس المخصوص بتأييد حكم مجلس التأديب المطعون فيه والصادر فى 11 نوفمبر 1899 برفت ( إنهاء خدمة ) أحد الموظفين ويدعى مصطفى افندى معاون أوقاف دمياط من وظيفته اعتباراً من تاريخ إيقافه .
والحكاية من البداية هى أن أحد الموظفين العموميين هو مصطفى أفندى معاون أوقاف دمياط اختلس مبلغا من الأوقاف على ذمة شراء 21 قنطار جير لإستخدامها فى أعمال تطوير المساجد التابعة له ولكنه لم يفعل وزور فى محررات رسمية ليثبت استخدامه لهذه المواد وهو ما لم يحدث فتم كشف جريمته والتحقيق فيها وصدر قرار بإنهاء خدمته فطعن الموظف على القرار مما دعا الوزارة الى تشكيل مجلس خصوصى بديوان الأوقاف لدراسة هذه القضية وهو ما تؤكده هذه الوثيقة التي تقول :
المجلس المخصوص المنعقد بديوان سراي الأوقاف يوم الأحد 28 يناير 1900 تحت رياسة سعادة محمد فيضي باشا مدير الديوان وعضوية حضرات كوريث بك النائب العمومى (النائب العام) والمسيو برناردى مستشار الخديو ...
بعد الاطلاع على أوراق قضية مصطفى أفندى معاون أوقاف دمياط المتهم بكونه قصد اغتيال ثمن إحدي وعشرين قنطار جير على ذمة تنجيد مساجد الأوقاف بالكيفية المبينة بأوراق التحقيق وقرار مجلس التأديب وبأنه توقف فى التوقيع على محضر معاينة وزن الجير ، وبعد الاطلاع على قرار مجلس التأديب المشار اليه وبعد الاطلاع على عريضة الاستئناف المرفوع منه ، وحيث أن التهمة الأولى فيما يختص بقصده اغتيال ثمن 21 قنطار جير ثابتة ثبوتاً تاماً من التحقيق فضلاً عن كونه أمر بأخذ إيصالات من خدم المساجد بقصد إثبات ما لا نصيب له من الحقيقة كاف فى حد ذاته لأن يفقد الثقة اللازمة فى الأعمال ويستوجب عقاباً بالرفت بمقتضى قرار مجلس التأديب السابق ، وحيث أن ذلك يُغنى عن البحث فى التهمة الثانية بأنه توقف فى التوقيع على محضر معاينة الجير فضلاً عن إنه استعمل ورق على بياض بصفة قايمة مزاد ( قائمة ) عن تأجير 65 فدانا وكسورا على ذمة الديوان وذلك مما يوجب الشك فى حسن نواياه ، وحيث فيما يختص بأمر المعاش المرتب للمتهم المذكور من قبل الحكومة فإن المجلس المخصوص يرى أنه لا داعٍ للتعرض اليه فى ساير الأحوال ، ولهذه الأسباب قرر المجلس المخصوص تأييد حكم مجلس التأديب برفت وإنهاء خدمة مصطفى أفندى من وظيفته اعتباراً من تاريخ إيقافه .
ومن هذه الوثيقة نتبين إن الموظفين الحكوميين فى كل الدواوين فى نهاية القرن ال19 وبداية القرن ال20 كانوا يخضعون للرقابة والتفتيش لضمان حسن أدائهم لأعمالهم ومن يتبين تقصيره أو تجاوزه يتم عقابه بالرفت كما فى هذه الحالة التى تم فيها الكشف عن فساد أحد الموظفين الذى تسبب فى إهدار 21 طن جير كان من المفترض أن يتم استخدامهم فى ترميم وعمارة المساجد التابعة للاوقاف في دمياط وقد استخدمت الوثيقة لفظاً غريباً هو ( إحدي وعشرين قنطار جير على ذمة تنجيد مساجد الأوقاف ) أى أنه يقصد بكلمة تنجيد المساجد أى إصلاح الحوائط وتحسينها.
كما أن الوثيقة أكدت أن المجلس شك فى سلوك الموظف بوجه عام بسبب عدم توقيعه على الإيصالات مما يلقى بظلال من الشك على تعاملاته فى العموم وإستخدامه ورقة قائمة تأجير أراض للأوقاف على بياض لتأجير 65 فدانا مما دعا الديوان ومجلس التأديب الى إنهاء خدمته مع إحتفاظه بمرتبه من أجل مساعدته على المعايش .
كما يظهر جلياً من هذه الوثيقة ان الحكومة كانت تأخد بعين الاعتبار أى طعن على الأحكام ومجالس التأديب فقد تشكل مجلس على أعلى مستوى مكون من شخصيات ذات ثقل فى ذلك الوقت هم مدير الديوان والنائب العمومى المنوط به المحافظة على حقوق الدولة ومستشار الخديو للبت فى الشكوى المرسلة من المتهم فى خلال أقل من شهرين مما يشير الى سرعة إجراءات التقاضي واتخاذ القرار فى ذلك الوقت ... ومصر زمان . ..!!
الكلمات المتعلقة