سيادة الرئيس.. أين مجلس مقاومة الإرهاب؟
مقالات مختارة
مقالات مختارة | بقلم:خالد منتصر
الاثنين ٢٢ مايو ٢٠١٧
المعركة ضد الإرهاب معركة فكرية بامتياز، هكذا صرح الرئيس السيسى فى خطابه أمس الأول فى القمة التى جمعته بملك السعودية ورئيس أمريكا، كرر الخطاب فى أكثر من مرة ضرورة التصدى الفكرى ونزع الغطاء الأيديولوجى ومنع تجنيد إرهابيين جدد عبر تجفيف المنابع الفكرية.. إلخ، وهذا كلام عظيم ومهم وخطاب مختلف وقوى، لكن السؤال هل يحدث هذا فعلاً على أرض الواقع؟ ولو كان يحدث إلى أى مدى وصلنا فى تحقيق هذا الهدف؟! لقد أعلن الرئيس بعد تفجيرات الكنائس الأخيرة عن نيته فى تشكيل المجلس الأعلى لمقاومة الإرهاب، وقال إنه لن يقتصر على رجال الدين، وإنه سيضم علماء نفس واجتماع ومفكرين، وكانت تلك خطوة ثورية فى تغيير بوصلة التفكير، استبشرنا بها خيراً وقلنا أخيراً انتبهت الدولة إلى أن الحرب على الإرهاب مختلفة عن الحرب على الإرهابيين، لكن هذا الإعلان الثورى وقف عند محطة النية الحسنة!،
وأظن أنه من حقى ومن حق كل مصرى حزين وغاضب ومكلوم من الإرهاب ومكوى بناره أن يسأل سؤالاً مشروعاً وبريئاً: لماذا توقف أو تأخر إعلان هذا المجلس؟ لقد مرت فترة طويلة جداً ولم تظهر أى نية أو بوادر تشكيل أو نواة مباحثات أو جنين مفاوضات أو حتى نميمة طرح أسماء! لم نتعود من الرئيس من قبل أن يصرح أمام الإعلام عن قرار خطير ومهم على هذه الدرجة من الحساسية ولا يحدث له أو عليه رد فعل من الأجهزة ومن الحكومة التى أحياناً ننتقد سرعتها الرهيبة ومبالغتها الشديدة فى تنفيذها لمثل تلك القرارات، ليس القرارات فقط إنما لو كانت مجرد خواطر فى ذهن الرئيس سرعان ما يجرى رئيس الوزراء للتنفيذ، وتهرول المؤسسات لتحقيق الخاطرة على أرض الواقع، وإذا كانت قناة السويس الجديدة بكل هذه الكميات من الحفر والجهد والشق والبناء... إلخ قد استغرقت سنة، فهل تشكيل المجلس الأعلى لمقاومة الإرهاب سيستغرق أكثر من تلك الفترة؟! والسؤال بصراحة أكثر هل اعترض الأزهر على التدخل فى اختصاصاته؟ هل اعتبر مشاركة المفكرين والمثقفين فى ذلك المجلس هو سحب للبساط من تحته؟ هل ما زال يؤمن الأزهر ويقنع الدولة بأن هؤلاء المثقفين مجرد أفندية أراذل كما كان يطلق الرئيس السادات على مثقفى مركز الدراسات؟! وإذا كان الرئيس قد غير قناعاته وعاد إلى اعتبار الأزهر هو قبلة الحياة وقبلة الحل الوحيدة الإكسكلوسيف التى لا بد أن توجه إليها الأدعية والتضرعات والصلوات، فليسأل الرئيس د. صلاح فضل الذى كتب وثيقة الأزهر وورقة الإصلاح والتجديد منذ سنوات بأفكار مستنيرة جداً وخطوط عامة غاية فى الاستنارة، وكان مكانها للأسف وباستخدام التعبير المهذب أدراج المشيخة، لم تخرج إلى النور واتهمها بعض المستشارين بأنها وثيقة علمانية، إلى أن ماتت الوثيقة ولفظت أنفاسها، فهل سيكون مصير هذا المجلس هو نفس مصير الوثيقة؟ وإذا كنا قد غضضنا الطرف عن إصدار الوثيقة؛ لأن الذى كتبها ليست لديه سلطة الأمر وفرمان القرار وأصابه اليأس ورفع الراية معذوراً، فهل نغض الطرف عن دخول هذا المجلس غياهب النسيان، والذى اقترحه هو من يملك إصدار القرار! ننتظر الرد عملياً بسرعة تشكيل المجلس لنبدأ أولى الخطوات الصحيحة فى المواجهة الفكرية المجتمعية تحت رعاية الدولة.
نقلا عن الوطن