الأقباط متحدون - [ماما «ماجي»: العطاء حتى الألم]
  • ٠١:٤١
  • الثلاثاء , ٢٣ مايو ٢٠١٧
English version

[ماما «ماجي»: العطاء حتى الألم]

مقالات مختارة | سحر الجعارة

٤٧: ٠٨ ص +02:00 EET

الثلاثاء ٢٣ مايو ٢٠١٧

ماما ماجي
ماما ماجي

(أنت لا تختار أين تولد، ولكنك تختار أن تعيش الخطية أو القداسة، أن تكون لا أحد، أو أن تكون بطلا، واذا أردت أن تكون بطلا افعل ما يطلبه الله منك أن تفعله).. بهذه الكلمات حددت ماما «ماجى» بوصلة أهدافها في الحياة، اختارت أن تحترف غرس المحبة في الأحياء العشوائية، أن تعلم الفقراء فن الحب وترسم على وجوههم البسمة، وتغلف قلبها بورق الورد وتوزعه على المحرومين والمهمشين.

ماما «ماجى» أو «ماجى جبران».. أو كما يلقبونها «الأم تريزا المصرية» هي راهبة قبطية أرثوذكسية، من مواليد 1949، والدها هو «جبران جورجي» وكان يعمل طبيبًا بشريًا ومنه تعلمت الحكمة والهدوء والاتزان وحب الفنون والموسيقى.. متزوجة ولديها أولاد، كانت تعمل أستاذة في الجامعة الأمريكية تخصص علوم كمبيوتر، وفى عام 1985، ذهبت في زيارة لحي الزبالين بالمقطم، صدمتها حالة الفقر والبؤس التي يعيشها الأطفال في هذه المنطقة، سمعت صوت الله يناديها لمساعدة المحتاجين، يرشدها إلى حسن خلافته على الأرض، يكلفها بمهمة رفع المعاناة عن أطفال الشوارع.

وهنا تغيرت حياتها، نذرت نفسها للعمل الخدمى، وكرست حياتها لتكون صوت الأمل لليائسين، أصبحت جندية تحارب الفقر والجهل والمرض، تعطى في صمت، وتهرب من المدح والثناء، لتجسد آية القديس «بولس».. معك لا أريد شيئا في الأرض.

أمام الضعف والعوز لا تفرق ماما «ماجى» بين مسيحى ومسلم: (علمني يا الله كيف أحبك، وعندما أحبك حقًا سأحب كل الناس).. لكن كثيراً من النخبة والمثقفين لم يسمعوا عن تلك الراهبة، التي تنسج خيوط القداسة برسالتها السامية، إلا عندما تم ترشيحها لجائزة نوبل عام 2012.. وحين سألوها عن «نوبل».. قالت: (بحب ربنا وهو اللي يفرق معايا لا يشغلني الفوز بجائزة نوبل للسلام وهذا الأمر لا يهمني، فضحكة طفل عندي أهم).

أما الأطفال في الأحياء الفقيرة فيعرفونها جيدا.. يعرفون ملامحها المطمئنة، وحضورها الروحانى الطاغى، وثوبها الأبيض الملائكى، وينتظرون إطلالتها، ليلمسوا الحنان الساكن بكفيها وهى تهديهم الحلوى المطعمة بالحكمة، ويرافقونها إلى الحضانة.. وهناك تطبق درس السيد المسيح «عليه السلام»، تغسل للأطفال أرجلهم ووجوههم بيديها، وتلبسهم صنادل وشباشب في أقدامهم ليأخذون عنها درس التواضع وقتل الكبر والغرور.

في عام 1985، أسست «ماجدة جبران» مؤسسة «ستيفن تشيلدرن» الخيرية، التي تقوم رسالتها على المساهمة في إنقاذ الحياة وصنع الأمل وحفظ الكرامة البشرية للأطفال والشباب الفقراء والأقل حظًا، وتوفير التعليم والتدريب لهم بالإضافة إلى مساعدة أسرهم لتحسين وضعهم المعيشي.

وهى تقول عن المؤسسة أنها تنموية للإنسان كله، هدفها جسد ونفس وروح ..احتياجات الجسد من خلال إطعام الاطفال من سن 7 إلى 18 حيث يتواجد الخادم مع الطفل وعائلته لمساعدتهم على مواجهة الحياة والوصول للنضج من خلال خدمتهم من الناحية الدراسية، الروحية، النفسية، الصحية.. وأما التعليم فهو مفتاح بيكسر حلقة الفقر والجهل.. بالإضافة إلى تقديم وجبات صحية للطفل ومتابعته طبياً.

وحتى اليوم أسست «ماما ماجي» من خلال جمعيتها 92 مركزًا توفر الرعاية والتعليم لأكثر من 18 ألف طفل، كما تسهم جمعيتها في توفير العلاج لأكثر من 40 ألف حالة مرضية سنويًا.. وذلك طبقا للأرقام المتاحة.

حتى شهداء «ليبيا» ذهبت ماما «ماجى» إلى أسرهم بيدها الممدودة بالعطاء، تخدمهم وتعلمهم كيف يحبون الله.. إنها ترى الله في خدمة المحتاجين وعيون الأطفال.. يهتز كيانها حين ترى طفلًا محتاج يقسم خبزه مع طفل آخر!.

وأخيرًا تصدرت ماما «ماجى» المشهد الإنسانى، وفازت بجائزة «صناع الأمل»، وكرمها سمو الشيخ «محمد بن راشد» آل مكتوم حاكم دبي، نظير تجربتها في مجال العمل الإنساني، وخدمة الإنسانية، وحصلت على مليون درهم، ضمن خسمة فائزين من بين 65 ألف مشارك من 22 دولة.

ماما «ماجى» قررت تقديم جزء من الجائزة المالية إلى بعض المترشحين الذين وصلوا ضمن الخمسة عشر مرشحاً للتصفيات النهائية بالمبادرة، والذين يقومون بأعمال إنسانية رائعة، لتوزيع الفرحة عليهم ومشاركتها إياها ودعمهم.

إنها لا تهتم بالشهرة ولا الأضواء، ولا تنتظر تكريما أو جوائز، فحياتها موزعة بين الخلوة والخدمة.. أثناء «الخدمة» ترى أفعال ربنا ويده وعينه في عين الأطفال والمحتاجين، أما أثناء «الخلوة» فهو يمدها بقوة الغوص في أعماقها لتقول «يارب ساعدنى أغلب نفسى وضعفى»، لتعود تخدم بطريقة صحيحة.

كيف تستطيع أن تغلب ضعفك، وتكتشف مفتاح العطاء بداخلك.. لتسطر جملة مضيئة في حياة إنسان.. عليك أن تفهم درس ماما «ماجى»: (المحبة الحقيقية هي أن تعطي وتغفر، وأن تعطي حتى التألم).
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع