سفراء الخارجية ليس على «راسهم ريشة»!!
مقالات مختارة | حمدي رزق
الاربعاء ٢٤ مايو ٢٠١٧
تحريت لأيام عن حكاية مرسيدس سفير مصر فى برلين، بدر عبدالعاطى، فلم أجد لها أصلا ولا فصلا، ولو ثبت فى حقه دليل واحد على اختلاس أو سرقة متعمدة لكنت أول المطالبين بمساءلته جنائيا.
وتحريت مهمة بعثة الرقابة الإدارية لتقصى دفتر أحوال سفارتنا فى برلين، فتأكدت أن الرقابة الإدارية تمارس عملها باحترافية داخل وخارج مصر رقيبا على المال العام، ودائما ما تحيط وزير الخارجية علما (بمهامها)، والتقى السفير بوفد الرقابة، ومكّنهم من أداء مهمتهم بكل أريحية، وعادوا بتقرير أثق أن أقصى ما فيه ربما مخالفات إدارية وإهمال غير مقصود، وليس اختلاسا أو سرقة متعمدة كما روجت بعض الدوائر المتربصة إعلاميا.
ذهاب بعثة من الرقابة الإدارية إلى تحقيق بلاغات فى سفارتنا فى برلين يُحسب للرقابة أنها تنشط للحفاظ على المال العام أينما وُجد داخل وخارج مصر، ويُحسب للخارجية ووزيرها تمكين الرقابة وكافة الأجهزة المنوط بها من عملها فى كشف الفساد، إن وُجد.
تصوير ما جرى على أنه تغول للأجهزة الأمنية فى الشؤون الداخلية لوزارة الخارجية، ورسم جهات بعينها على أنها تسعى لامتلاك القرار فى وزارة الخارجية مخطط قذر لم تألفه الخارجية طوال تاريخها المشهود له بالوطنية، إلا بعد اكتشاف بعض الخلايا الإخوانية النائمة التى نشطت فى عصر أول جاسوس مدنى منتخب، وجارٍ التطهير الذى أهاج الزنابير الإخوانية، فعادت إلى الزن، واستهدفت الوزير المحترم، سامح شكرى، وسفيرا يشهد له تاريخه الوطنى المعتبر قبل أصدقائه.
قطعيا حديث السيارة المرسيدس مقطوع بكذبه البواح، وليكن معلوما أن شراء سيارة فى سفارة يخضع لنفس الإجراءات المطبقة فى كافة الوزارات المصرية، ومنها الخارجية، بقرار يوقعه رئيس الوزراء عن حاجة ملحة، ومن نافلة القول إن السفارات ليس لديها تمويلات إضافية ولا حسابات سرية تمكّنها من إقامة حتى حفل عشاء مش شراء سيارة مرسيدس.
ليس سرا أن سفراء الخارجية يستضيفون عشرات الوفود الرسمية وغير الرسمية التى تزور عواصم العالم على حفلات عشاء واستقبال من جيوبهم الخاصة، بل ينظمون حفل العيد الوطنى، الذى يُدعى إليه الألف من المدعوين الرسميين وكبار الشخصيات، من جيوبهم، وإذا تقاعس أحدهم عن واجب الضيافة ناله ما ينال البخيل من تشهير.
ما هو مسكوت عنه فى وزارة الخارجية أنها تطبق برنامجا تقشفيا قاسيا عن طيب خاطر واقتناع بالمسؤولية الوطنية فى مساعدة الوطن على اجتياز عنق الزجاجة، وليس سرا أن وزير الخارجية لا يحوز طائرة خاصة لتحركاته بين الدول، يركب الرحلات التجارية على الشركة الوطنية، حتى فى أدغال أفريقيا، التى ربما تستغرق المسافة من عاصمة إلى أخرى بالخط التجارى أكثر من 48 ساعة يتم اقتطاعها من وقت وصحة وزير خارجية مصر.
ما أخشاه فقط أن يؤثر برنامج التقشف على نشاطات السفارات فى الخارج، والمتتبع يعرف كيف بلغ التقشف الاضطرارى حدود الاستغناء عن المعاونين المحليين، والاكتفاء بل تقليص أعداد المبتعثين فى السفارات، بعض السفارات لم يتبقَّ فيها سوى السفير ومعاونه، ومطلوب منهما القيام بالأدوار الدبلوماسية جميعا.
الثابت أن سفراء الخارجية ليسوا فوق القانون، ولا على راسهم ريشة، ولا أحد فوق المساءلة، ونظيفو اليد لا يخشون سؤالا، ولا يعيب الخارجية أن تقوم الرقابة الإدارية بمهمتها، لا يخشى الرقابة الإدارية إلا فاسد، والرقابة الإدارية ليست جهة تشهير، بل رقيب عتيد على المال العام، ويحاسبها الرئيس حساب المَلَكَيْن.
نقلا عن المصري اليوم