الرئيس المناسب فى الوقت المناسب
د. مجدي شحاته
الاربعاء ٢٤ مايو ٢٠١٧
بقام : د. مجدى شحاته
أشهر قليلة ويبدأ العد التنازلى لأنطلاق ماراثون الانتخابات الرئاسية فى مصر .. حيث يأتى رئيسا يمنحه الشعب المصرى حق حكم البلاد أربعة سنوات كما ينص الدستور المصرى . والباب مفتوحا أمام المصريين لكل من يجد فى نفسه الثقة الكاملة والقدرة على استكمال مسيرة الوطن نحوالتنمية والامن والاستقرار والعدالة والحرية والمواطنة الكاملة . والزعيم نجم نورة يسطع فى الظلام ، يظهر ويتواجد وسط الشدائد والصعاب ، وكل من يشوه الزعامة ويفرغها من مضمونها الحقيقى، عليه ان يبتعد عن المشهد . فى ظل هذا الاستحقاق الدستورى الهام ، يجد المصريون أنفسهم أمام مرحلة فاصلة وحاسمة لتقرير المصير، ويدركون تماما أن الامر لم يعد يحتمل أى انتكاسة لاقدر الله ، وأن لا وقت للتراجع الى الوراء . فى نفس الوقت نتمنى وجود أكثر من مرشح ، ولا نقلل من شأن أى مرشح يتقدم لتلك المهمة الشاقة والمسئولية العظمى ، ولكل المصريون حق الاختيار
بكل الحرية والاستقلالية . تسلم الرئيس السيسي تلك المسئولية وهو يعلم تماما قدرها ، ويدرك القضية ويفهم أبعادها .. جاء وهو يعلم جيدا مقدار التحديات الضخمة ، والقصور والتقاعس الذى ساد البلاد على مدى عقود طويلة نالت من كل قطاعات الدولة ومؤسساتها . وكان لابد من العمل الجاد والمستمر من أول يوم لاستقرار الامن واعادة الهدوء للشارع المصرى ، واعادة بناء وتأهيل كافة قطاعات الدولة ومؤسساتها ومرافقها معا منذ الوهلة الاولى ، من أجل اعادة اصلاح وتأهيل البنية التحتية المتهالكة والمتهاوية عبر عشرات السنين . وهنا أسرد بعض الانجازات الكبرى التى حدثت خلال السنوات الثلاثة الماضية ، ولمحة قصيرة عن تحديالت السنوات القليلة القادمة . خلال ثلاث سنوات من الفترة الرئاسية للرئيس السيسي ، رأينا ولمسنا انجازات قومية ضخمة وهادفة على الارض ، لسد الفجوة بين الواقع وما يجب عليه أن يكون ، حتى تأخذ الامور فيما بعد خطوات فاعلة نحو مجراها الطبيعى . ولابد ان نعى وندرك تماما ان هناك عراقيل ومشاكل كثيرة ، نتيجة رواسب عقود طويلة مضت ، والامر يتطلب الابتعاد عن روح الانهزامية وحالة الاحباط التى يثيرها البعض على صفحات التواصل الاجتماعى المشبوهه ، ولكن أصالة الشعب المصرى ، والثقة الكاملة فى وعيه الكامل لما يجرى على أرض الواقع ، يتقدم هذا الشعب بكل الثقة نحو الهدف المنشود ، لا يهتم بلوم البلهاء او فتاوى الجهلاء او عتاب الدخلاء ، ويدرك تماما ان مصر أولا وأخير، ومصلحة الوطن فوق الجميع .
ان القوات المسلحة الباسلة التى تقوم بكامل واجباتها المقدسة من حماية الوطن ومراقبة حدوده على كافة الجبهات ، وتصفية الارهاب فى سيناء وأعادة الامن الى تلك المنطقة الغالية على كل مصرى ، بجانب ما تقوم به من تنفيذ مشروعات قوميه تنموية عملاقة ، تستحق منا كل الشكر والتقدير ، ويمكن القول بكل وضوح وصراحة ، لو لم تكن القوات المسلحة طرفا أساسيا فى مواجهة التحديات والصعاب وعملية البناء والتنمية ، ربما لم يكن فى استطاعة الدولة مواجهتها ، وهذه حقيقة للتاريخ. بعد ثلاثة أعوام فقط بدون أدنى مبالغة او تهويل ، واعطاء كل ذى حق حقه ، يقف المصريون أمام حزمة من الانجازات والمشروعات القومية العملاقة غير المسبوقة ، لا يمكن تحقيقها الا فى عشرات السنين لتكون اساس قوى متين لامتداد أى مشروعات استثمارية وتنموية متعددة بطول البلاد
وعرضها فى المستقبل . خلال رحلة الثلاث سنوات الماضية اتبع الرئيس السيسي اسلوبا فريدا فى أدائه ، فلم يسمح لأى مسئول بأن يعطى انطباعا غير حقيقى ، وهو الذى قال " أرفض عبارة ( كله تمام ) فعدم الاعتراف بأن هناك أوجه قصور خداع للناس ولنفسى " .
كانت البداية .. وقفة جادة وحازمة وصارمة ضد العنف والارهاب والبلطجة ، وعودة الانضباط والامن والامان الى الشارع المصرى فى زمن قياسى بعد 25 يناير . تزامن هذا مع قيام القوات المسلحة والشرطة بحرب فعلية ضد الارهاب فى سيناء ، التى تركت مهملة على مدى سنوات طويلة لتكون مرتعا خصبا للغرباء . وفى خطوات غير مسبوقة وسط هذا الزخم ، اهتم الرئيس السيسي ببناء وتنمية قواتنا المسلحة ( بحريا وبريا وجويا ) حتى أصبح الجيش المصرى علامة مضيئة واضحة للجميع ، ليقف بكل فخر ضمن أقوى وأعظم عشرة جيوش فى العالم ، طبقا للتصنيفات العالمية المتعارف عليها دوليا . حرص الرئيس السيسي منذ توليه المسؤلية على عودة مصر الى مكانتها الاقليمية والدولية حيث قام بعدة زيارات رسمية لعديد من الدول العربية والاوربية والافريقية وامريكا وروسيا والصين واليابان ، كذلك المشاركة فى كثير من المؤتمرات والمحافل الدولية ، من ناحية اخرى قام عدد كبير من قادة العالم بزيارات رسمية الى مصر ، الامر الذى أدى الى استعادة مصر مكانتها المرموقة فى المجتمع الدولى . وكانت هناك وقفه ضد الفساد ، وصحوة جبارة قوية لازالة كافة التعديات على أرض الدولة. و تتابعت الانجازات ، فجاء مشروع قناة السويس الجديدة ، والتى تم حفرها واستكمال مرافقها فى سنة واحدة ، لتكون علامة واضحة ، على طريق الاصراروالمثابرة وسرعة الانجاز ودقة المواعيد والنجاح ولتكون محورا استراتيجيا لعشرات المشاريع الوجيستية الهامة فى المنطقة . فضلا عن شق قناة بور سعيد شرق ميناء بور سعيد ، بهدف تطوير ميناء شرق التفريعة ، ليصبح ميناءا ضخما للتجارة العالمية ، حيث تعبر السفن مباشرة الى الميناء دون المرور فى قناة السويس . كان لابد من التعامل مع كافة التحديات كأساس للبناء والاستثمار الجيد فكان من الضرورى اقامة وتشييد مجموعة من الطرق بلغت اجمالى أطوالها حوالى سبعة آلاف كيلو مترا، بتكلفة مقدارها أكثر من مائة مليار جنيه تربط كافة المحافظات ببعضها مع مطارات وموانى الجمهورية ، واقامة أكثر من 130 كوبرى على أعلى المستويات العالمية . وفى قطاع النقل بدء العمل على تطوير 92 محطة سكة حديد و 120 مزلقان واضافة 1300 عربة قطار جديدة و 100 جرار لاسطول السكك الحديدية . كان ملف الطاقة ضمن أولويات الرئيس لتاهيل البنية التحتية ، فتم القضاء على مشكلة انقطاع التيار الكهربائى بسرعة مذهلة وكفاءة عالية ، والتخلص من مشكلة مزمنة كانت تعانى منها البلاد سنوات طويلة ، حيث تم اقامة ثلاث محطات لتوليد الكهرباء على أعلى المستوايات كذلك البدء فى مشروع الضبعة كمصدر للطاقة النووية فى مصر لاول مرة . والمشروع يتكون من أربعة وحدات بقوة 1200 ميجاوات لكل واحدة منها . فى نفس الملف تدخل مصر مجال انتاج الغاز الطبيعى من أوسع الابواب ، حيث افتتح الرئيس منذ اسابيع حقلا جديدا للغاز ( نورس ليبرا ) بالتعاون مع شركة ( بى بى ) البريطانية فى منطقة غرب الدلتا ، والذى يصل متوسط انتاجه السنوى مايقرب من 12.2 مليار متر مكعب سنويا مع دخوله المرحلة الثانية عام 2018 ، و بجانب انتاج حقل ( ظهر ) سيكفى انتاجهما الى تغطية 46% من الاستهلاك المحلى من الغاز الطبيعى سنويا . ويجرى حاليا تنمية آبار اخرى سيكفى انتاجها عام 2018 كافة احتياجات مصر المحلية ، ويفيض
كميات اخرى للتصدير . وسط هذا الكم من المشروعات القومية الضخمة ، لم تتوانى القيادة السياسية فى البدء فى انشاء العاصمة الادارية الجديدة شرق القاهرة ، كنواة للاستثمار الدولى فى مصر، ولتصبح مقرا للادارات الحكومية والوزارات والسفارات الاجنبية ، حيث يتم الانتقال اليها مع نهاية عام 2018 ، وقد تم الانتهاء من أول حى سكنى بالعاصمة الادارية الجديدة ، على ان يتم الانتهاء من اقامة مركز تجارى عالمى خلال الخمس سنوات القادمة . وبجانب العاصمة الادارية هناك عدة مدن جديدة جارى البناء فيها ، فى كل من الاسماعيلية والسويس وبور سعيد ، وكذلك فى الوجه القبلى فى محافظات بنى سويف والمنيا واسيوط و سوهاج ، وانشاء شركات لتصنيع الاسمنت واخرى للرخام ، ومدينة لصناعة الاثاث فى دمياط . ولابد من الاشارة الى بدء التخطيط لاقامة وانشاء مدينة العلمين السياحية على الساحل الشمالى . فى مجال الاسكان بدء تنفيذ مشروع المليون وحدة سكنية لمحدودى الدخل ، والبدء فى مشروع القضاء على العشوائيات خلال عامين وكانت البداية فى حى الاسمرات بالمقطم وحى غيط العنب بالاسكندرية حيث تم تسكين مئات الاسر المصرية فى شقق كاملة التجهيزوالفرش ، حيث كان يعيش اخوة لنا فى المقابر وتحت الكبارى وشقوق الارض . ومؤخرا .. افتتح الرئيس السيسي بمحافظة قنا فى صعيد مصر مشروع المثلث الذهبى ، الذى يمتد من مدينة سفاجا الى القصير، حتى قنا بهدف انشاء قلعة صناعية جديدة لتحقيق التنمية بصعيد مصر . ومن المشروعات الجديرة بالذكر ، مشروع تطوير هضبة الجلالة، والتى تضم جامعة الملك سلمان ، ومنتجع سياحى عالمى على خليج السويس ، وانشاء طريق العين السخنة الى الزعفرانه لتكون اضافة جديدة فى عالم السياحة .
المواطن المصرى قد يكون غاضبا من الغلاء ، لكنه يدرك جيدا أن التركة ثقيلة ، والمشوار صعب، والامر يتطلب وقتا وجهدا وصبرا لزيادة الانتاج وسد الفجوة مابين الحاجة والطلب . هناك حلول عاجلة واخرى آجلة ، فقد أعلن الرئيس ان خلال أسابيع قادمة هناك اجراءات حمائية جديدة مباشرة واسعة منها تغيير شرائح الضرائب بزيادة حد الاعفاء الضريبى ومضاعفة المقررات التموينية . وهناك مشروعات قومية للامن الغذائى على نطاق واسع وشامل تشهدها البلاد لاول مرة فى تاريخها ازيادة الانتاج الزراعى ، والنهوض بالثروة الحيوانية والسمكية . ذلك لمواجهه فعلية وحقيقية على المدى القصير و البعيد ، وليس مجرد مواجه وقتية كاستيراد بعض السلع الغذائية وطرحها فى الاسواق وتظل الازمة قائمة كما هى ، ولكن الدولة تتناول مشروعات قومية عملاقة لزيادة الانتاج الزراعى على نطق واسع ضخم ، لمواجه الطلب المتزايد ، نتيجة ارتفاع الدخل وزيادة القوى العاملة والشرائية ، والزيادة السكانية المضطرده ، وذلك عن طريق اتباع وسائل علمية حديثة وضخمة كحلول مستديمة وليست وقتية . من بين تلك المشروعات ، المشروع القومى لاستصلاح مليون ونصف المليون فدان من الاراضى البور، الامر الذى يغير الخريطة الزراعية فى مصر ، ويعمل على زيادة المساحة المأهولة بالسكان من 6% الى 10% من مساحة مصر، ويعمل على زيادة الرقعة الزراعية بمقدار 20% . ويتم تسليم الشريحة الاولى من هذا المشروع وهى نصف مليون فدان ، فى نهاية شهر يوليو القادم . تعمل على زيادة فرص العمل وزيادة الناتج الزراعى الذى يسهم فى تراجع الاسعار . وهناك مشروع انتاج وتسمين مليون رأس ماشية بتكلفة 100 مليار جنيه ويتم استكمال المشروع خلال سنتين . وقد تم انجاز الجزء الاول من المشروع بتجهيز الحظائر بتكلفة خمسة
مليارات جنيه ، مع وصول أول الشحنات من الحيوانات الزراعية قوامها 24 ألف رأس ماشية من ارجواى والبرازيل . وفى مجال الانتاج الزراعى ايضا ، جارى انشاء مائة الف صوبة ، سينتهى معظمها قبل منتصف العام المقبل ، على مساحة مائة الف فدان حيث يعادل انتاج الصوبة الواحدة عشرة أفدنة عادية ، أى ان انتاج هذا المشروع يعادل انتاج مليون فدان ، كل انتاجها طبيعى ( اورجانيك ) وكل الصوب تروى بمياة نظيفة . هناك المشروع القومى للأنتاج السمكى ، ببحيرة غليون بالساحل الشمالى لمحافظة كفر الشيخ ، على مساحة 2600 فدان بالمرحلة الاولى، حيث يتم افتتاح المشروع خلال أيام ، ويوفر خمسة آلاف فرصة عمل مباشرة ، وعشرة آلاف فرصة عمل غير مباشرة . ويعد المشروع القومى لانتاج الاسماك من أكبر مشروعات الشراكة مع الجانب الصينى ، والاضخم من نوعه فى منطقة الشرق الاوسط وافريقيا . ومن واقع خبرتى الطويلة فى مجال البحوث الزراعية ، فمصر تقوم بتنفيذ أكبر نهضة زراعية فى تاريخها الحديث على الاطلاق ، والمعروف ان التنمية فى مجال العمل الزراعى يتطلب مزيد من الوقت حتى يتم التلامس عمليا مع زيادة الانتاج وجنى الثمار .. فالامر يحتاج مزيد من الصبر والمثابرة . واذا كنا نتكلم عن الامن اغذائى ، لابد من الاشارة الى منظومة ( رغيف الخبز ) ، التى وفرت رغيف الخبز الجيد ، والحصول عليه بطريقة سهلة ومنظمة ، وتوفير الكثير من المهدر، والقضاء على الطوابير أمام المخابز ، كان يسقط فيها ضحايا من شدة الزحام ، وبالتالى تم حل مشكلة فشلت حكومات
كثيرة سابقة فى حلها . نعم ... هناك أمل وثقة فى شعب مصر العظيم الذى أبهر العالم بارادته وعزيمته وصبره والتلاحم والوقوف صفا واحدا لموجهه كافة الصعاب والمشاكل ، الشعب القادر بوعيه القومى وحسه الوطنى وايمانه بالله والوطن والثقة بالنفس، ان يختار الرئيس المناسب فى الوقت المناسب ... يختار القائد والزعيم القادر على قيادة البلاد الى بر الامن والامان والتقدم والرفاهية لتبقى مصر دائما كما عرفها العالم ، الدولة العريقة صاحبة أقدم الحضارات على مر العصور . المرحلة القادمة تشهد العديد من التحديات المستمرة والكثيرة ، نعم .. هناك خطوات ايجابية وبادرة أمل نحو ملف التعليم العام والتعليم الجامعى والبحث العلمى ، وكذلك ملف الصحة والمستشفيات والتامين الصحى ، وأيضا ملف الاثار والسياحة وكلها ملفات بالغة الاهمية فى حاجة ماسة لمزيد من الجهد المضنى والعمل الدؤوب المستمر فى الفترة القادمة. فى حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي مع رؤساء تحرير الصحف القومية مؤخرا ، أجاب سيادته عندما سؤل عن مدى اهتمامه بشعبيته فى ظل الظروف الحالية ، واجاب بكل الوضوح وقال : " محبة الناس أمر يتمناه كل انسان ، ولكن ياترى ما الاهم : الشعبية .. أم مصر ومستقبلها ؟ " وأضاف السيد الرئيس : " هناك ملفات عديدة انتهينا منها ، وسوف اقدم فى يناير أو فبراير المقبل كشف حساب للشعب ، أقول هذه مصر عندما تسلمت الامانة ، وهذه مصر التى اقدمها لمن تختارونه للرئاسة " واستطرد قائلا عن أولوياته فى العام الرابع : " الانتهاء من المشروعات التى وعدت بها المصريين ، وهذا لايمنعنى من البدء فى مشروعات اخرى ، نحن نسعى لتحسين الاقتصاد والاوضاع المعيشية ، لقد انتهينا من عشرة شواغل تهم الناس وبقى شاغل واحد نعمل على انهائه هو ضبط الاسعار . " ان المرحلة القادمة مرحلة مفصلية فى تاريخ الامة المصرية ، ومازالت بعض التحديات تحاصرنا ، ولكن بالايمان بالله والثقة بالنفس ، قادرون باذن الله على اختيار الرئيس الناسب فى الوقت المناسب ، قادرون بعون الله وبارادة الشعب المصرى القوية التى لا تلين ولا تنكسر، من تحقيق الامل والحلم الذى نتمناه لمصر وطننا الغالى ... وتحيا مصر ...