داعش وبيع الأعضاء البشرية «29»
مقالات مختارة | عادل نعمان
الخميس ٢٥ مايو ٢٠١٧
لا تستحى الدواعش من بيع الأعضاء البشرية، فليسوا أكثر من الذين باعوا الأسرى والسبايا، فمن باع الكل باع البعض. ولا أقل ممن ضاجعوا المسبية وملكوا جسدها كله، فأجازوا إعارة بعضها ليتسرى بها الضيف لساعات، فمن ملك الجسد كله تنازل للضيف عن الفرج. فلا خجل ولا حياء من امتهان آدمية خلق الله، وإياك أن تظن أن حمرة الخجل قد توارت واستحت عند غيرهم من الفصائل التكفيرية، فكلهم أشقاء، لا فرق إلا فى توقيت رفع برقع الحياء، فكلهم تحته سواء. بيع الأعضاء ليس المصدر الوحيد لتمويل بيت مال الدواعش، ولو أنه قد اكتشف من قرون لأجازه الحكام والفقهاء فى الأسرى فنحن أهل لامتهان البشر، وما وجدت داعش من فقهائها من أباح لها هذا، إلا لأنهم موصولون بثقافة التعامل مع الكفار منذ قرون، فهم على خطى من استباحه قديما سائرون، وكانت فتوى الفقهاء (بعدم احترام حياة الكفار، ولا أعضاء أجسادهم، ويمكن بترها دون حرج وخصوصا الأسرى منهم، حتى لو كان البتر هذا يؤدى إلى وفاتهم)! ولا يقتصر القتل على الأسرى فقط، بل يعاقب التنظيم أعضاءه الذين يهزمون فى المعارك، أو الذين يتسببون فى الهزيمة، أو الذين يحاولون الهرب، أو الخروج من التنظيم وفض بيعتهم بالقتل كما الأسرى، وتقوم لجنة الإعدامات بتحديد يوم الإعدام وإعداد الذبحى. وكنا نحسب ونظن أن قتل الضحايا بالسيف، هو التزام داعش بالقتل الرحيم الذى أجازه ابن تيمية لقتل الأعداء والأسرى أو القتلى فى القصاص، وهو قطع الرقبة بالسيف على أنه الأسرع، لأنه يفصل الرأس سريعا «فلا يسرف فى القتل»، لكنه كان للأسف الشديد هو الوسيلة المثلى لبقاء جميع الأعضاء سليمة وحية من كلى وكبد وقلب لبيعها فى حالة جيدة وصالحة، على أن يتم نقل الجسد على عجالة إلى أحد المستشفيات المتخصصة فى الموصل بالعراق، ومستشفى ريف الحسكة الجنوبى فى سوريا، واللذين يعمل فيهما جراحون وخبراء متخصصون من دول أجنبية تم إبعادهم تماما عن الأطباء المحليين ورجال الإعلام، ومنعوا الاختلاط بهم، ويتم استئصال الأعضاء ونقلها إلى مافيا عالمية لتجارة الأعضاء ووسطاء دوليين عبر تركيا، وذلك حسب كشوف الطلب للحالات والأعضاء المطلوبة، وقوائم الانتظار، ويتم دفن ما تبقى من جثث الضحايا دون ذويهم فى مقابر جماعية. (بعد اكتشاف هذه المقابر تم العثور على جثث الضحايا دون أعضائهم الداخلية)..
بيع الأعضاء البشرية ليس المصدر الرئيسى لتمويل بيت مال الدواعش، فهو ليس فى المقدمة وليس بيع الأفيون كذلك، لكننى أسلط الضوء عليهما لغرابة هذا النوع، وتعارضه مع الأخلاق والقيم الإنسانية والأديان كافة، فبيع النفط يأتى فى المقدمة وتهريب الآثار والتحف القديمة وبيعها فى الأسواق العالمية يأتى فى المرتبة الثانية، ومن أخطرها الآثار اليهودية القديمة فى العراق والتى بدأ مسلسل الاستيلاء عليها أثناء الاحتلال الأمريكى للعراق واستمر المسلسل تقوم به الدواعش، من هذه الآثار أقدم مخطوط للتوراة والذى وصل إلى إسرائيل، وجميع الآثار التى توثق الأسر اليهودى فى العهدين البابلى الأول والثانى، وما يتم تحطيمه وتكسيره على أنه عمل من رجس الشيطان هى الآثار التى يصعب تسويقها أو بيعها، ومنها آثار مدينة تدمر السورية، ومدينة نمرود، ومرقد النبى يونس ومتحف الموصل ومكتبته، ومراقد الشيعة والكنائس ومعابد أيزيدية قديمة بالعراق وغيرها كثير، ويأتى فى الدرجة الثالثة: فدية المخطوفين من أبناء الأغنياء، والجباية المفروضة على أصحاب المحلات والشركات والمؤسسات، وبيع الأسرى والنساء، إضافة إلى التبرعات التى تقلصت حديثا، وبسببها تم البحث عن مصادر أخرى لتمويل بيت المال، ومنها تجارة الأعضاء التى ذكرناها وتجارة الأفيون والهيروين، والذى يحتل الإنتاج الأفغانى الصدارة فى واردات أوروبا والذى يزيد عن النصف، وله حكاية ضحكها كالبكاء، وحرامها كحلالها. لما وصلت طالبان للحكم اتخذت قرارا بعدم زراعة الأفيون على أرض الخلافة التزاما بالسنة «فمنبته حرام والنار أولى به».. «ولا يدخل الجنة جسد غذى من حرام، والله قد حرم الخبائث والمكاسب الحرام».
ولأن زراعة الأفيون تمثل أكثر من أربعين فى المائة من الناتج القومى الأفغانى، ويعمل بزراعته والصناعات التحويلية والتجارة فيه حوالى ثلاثة ملايين عامل، ويتم استزراع ما يقرب من مليون فدان، وتمثل هذه الأموال العصب الأقوى فى الاقتصاد، فقد تراجعت طالبان عن منعها وأباحت زراعته مرة أخرى. وتحتل أفغانستان المركز الرئيسى فى تمويل العالم بالأفيون والهيروين بحوالى تسعين بالمائة ولها الصدارة فى هذا، ويعتبر الهيروين والمورفين المشتق من الأفيون الأفغانى هو الأعلى جودة على مستوى العالم، مما يجعل الإقبال على الأفيون الأفغانى فى المقدمة، فقد أباحوه وأحلوه، ولما سئلوا قالوا للضرورة أحكام، فبدأت تنتعش أحوال الناس من الحرام لما تعطلت من الحلال، وعاد الدم يتدفق مرة أخرى فى جيوبهم، وللأمانة لم تنقطع لهم صلاة أو دعاء! الدواعش الوسيط الأكبر فى تهريب الأفيون من مزارعه فى أفغانستان عبر إيران إلى العراق ثم إلى مافيا تجارة الصنف فى تركيا. الخير الوفير الذى أصاب الأتراك من وراء داعش، يجعل بقاء داعش مطلبهم ومرادهم، ففتحوا طريقا لذهاب المقاتلين عبر حدودها، وعودا أحمد للتسلل إلى أوروبا، أو لعلاج المصابين منهم فى مستشفياتها، وممرا لتجارة الأعضاء البشرية والأفيون والبترول والآثار، هذه الممرات تتم تحت سمع وحماية الأمن التركى، ولك الله يا عراق ولك الله يا سوريا من الإخوان الإسلامويين، الذين أباحوا العقل وغيبوه تارة بالأفيون، وتارة بالفتاوى .
إلى الأسبوع المقبل.
نقلا عن المصري اليوم