الأقباط متحدون | نموذج فكري حواري من مسيحيي مصر
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٢:٠٣ | الثلاثاء ١ مارس ٢٠١١ | ٢٢ أمشير ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣١٩ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

نموذج فكري حواري من مسيحيي مصر

كتب: جيروم شاهين- المستقبل | الثلاثاء ١ مارس ٢٠١١ - ٠١: ١٠ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

في المؤتمر الذي عقد مؤخراً في القاهرة حول "الحضور المسيحي في الوطن العربي" قدّم الباحثان نبيل مرقس وحنا جريس دراسة عن "نماذج فكرية حوارية من مسيحيي الوطن العربي". وتناولت الدراسة نموذجين هما المصري القبطي الدكتور وليم سليمان قلادة (ولد في العام 1924 وتوفي في العام 1999) واللبناني المسيحي جرجي زيدان (وهو من أركان النهضة العربية، ولد في العام 1861 وتوفي في العام 1918).
نتوقف هنا عند بعض ما جاء في دراسة الباحثين المصريين نبيل مرقس وحنا جريس حول النموذج الفكري الحواري المصري المتمثل بالدكتور وليم سليمان قلادة.

تطرح التحديات التي تواجه العلاقات الإسلامية المسيحية في مصر والوطن العربي في اللحظة الراهنة أهمية استدعاء النماذج التاريخية الملهمة التي تعيد الينا الثقة الكاملة في سلامة عقائدنا الوطنية وفي تماسك انتمائنا المشترك الى حضارة واحدة يصعب على المحتل والدخيل تفكيكها واختراقها بهدف تحقيق مصالحه ورغبته المزمنة في السيطرة على مقدراتنا ومواردنا.
لقد كتب د. وليم سليمان قلادة ابن الدولة المصرية وابن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تحت عنوان "في أصول الصيغة المصرية للوحدة الوطنية" الدراسة التي نشرت في عام 1982 في كتاب الشعب الواحد والوطن الواحد بالمشاركة مع المستشار طارق البشرى والدكتور مصطفى الفقي مع تقديم بطرس بطرس غالي، كتب يقول: الإسلام لم يستبعد من المجتمع الذي يهيمن عليه تعدد الأديان في مكونات الشعب. هذا "التسامح" ليس خاتمة ولكنه بداية، أي فرصة ممنوحة لهذه المكونات لتقدم اسهامها في خدمة المجتمع. بعض المكونات اكتفت بذلك وعاشت على هامش الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية. ولكن البعض الآخر دخل من باب التسامح الى مجال المشاركة الكاملة في كل هذه المجالات لأسباب موضوعية تتعلق به وبصلته بالأرض وتاريخها وأساليب إنتاجها، ولأن باقي المكونات الفاتحين الذين صاروا فيما بعد جزءاً رئيسياً من هذا الشعب رحبت بهذه المشاركة. وفي مصر بدأ هذا كله منذ لقاء عمرو وبنامين. ثم وجد المسلمون المصريون في مصر أرضاً وشعباً قيمة دينية أسبغوا عليها بردة الإسلام.

وأصبح المؤمنون جميعا مسلمين ومسيحيين يحيطون هذه الارض التي يعيشون عليها يظللهم فيها مبدأ المساواة ببركة الإله الواحد ورعايته.
التوجه للإسلام الآن لا يكون باعتباره ماضياً نتذكره ولكن باعتباره واقعاً حياً ومستقبلياً. فنقطة الانطلاق فيه دائماً معاصرة بمعنى أن منهج "التسامح" الذي بدأه فأثمر هذه الثمرة الطيبة، ما زال يفرض نفسه، فتكون النتيجة التي أدت اليها البداية هي نقطة انطلاق جديدة الى آفاق إنسانية ووطنية وعربية وإسلامية أرحب. فالإسلام لا ينفي إنجازاً تم في ظله وإلا كان ينفي نفسه، بل أنه ليعتز بهذه النتيجة لتكون هي البداءة في مسار جديد، وبمنهجه الثابت يعطي لهذه النتيجة الفرصة المتجددة كي تزدهر بالأكثر وتعطي ثمراً جديداً ثلاثين وستين ومائة لمزيد من الوحدة والتعاون والتقدم والازدهار.
برغم أن د. وليم قد رفعنا برؤيته المذكورة سابقاً الى ذروة الثقة والتفاؤل، فإنه لم يتركنا كثيراً محلقين في أجواء التفاؤل، بل واجهنا أيضاً بلحظات الجدل والارتداد والتراجع التي تنتاب العلاقات الإسلامية المسيحية في مصر (وربما أيضاً الوطن العربي بمجمله). ففي نصه المعنون "العلاقات الإسلامية المسيحية في الواقع المصري: المفهوم الأساسي في الماضي والحاضر والمستقبل "المنشور في عام 1994، كما في كتاب المستشار طارق البشرى "المسلمون والأقباط في إطار الجماعة الوطنية"، يتم تذكيرنا بلحظات الارتداد عن فكرة ومشروع الشعب الواحد والوطن الواحد في أحداث تاريخية بعيدة وقريبة.
ومع نبرة التفاؤل المشرقة لا ينسى د. وليم سليمان أن يمدنا بأربع قواعد للحوار بين الأديان:
القاعدة الأولى (عن الآخر) وهي تدعو الى فهم الآخر كما يريد هو أن يكون مفهوماً.

القاعدة الثانية (عن الشخص) وهي تؤكد أن الحوار ليس فقط دعوة لفهم الآخر ولكن كي يزداد الشخص المشارك فيه تفهما لعقيدته حتى يستطيع عرضها للآخر بأسلوب مقنع.
القاعدة الثالثة (عن المطلق) وهي تؤكد أن الايمان الأصيل بالله يعني أن المتدين يؤمن بأن الخالق الذي يؤمن بوجوده هو المعتني بجميع البشر مهما اختلفت فيما بينهم الأجناس والأديان والعقائد.
القاعدة الرابعة (عن الممارسة) وهي تؤكد أن جوهر الدين ليس مجرد المعرفة النظرية وحسب، وإنما الممارسة العملية أيضاً. أي إلتحام المبدأ بالواقع ثم التزام الموقف والتبعات الناشئة من هذا الالتحام.
بهذا التفاؤل وبهذه القواعد التي تنظم الحوار بين الأديان وبين المتدينين، يتركنا د. وليم سليمان أكثر ثقة في المستقبل وأكثر قدرة على التعامل الايجابي مع دورات الجدال واللقاء والارتداد التي تنتاب وتتناوب على أوضاع العلاقات الإسلامية المسيحية في مصر والوطن العربي.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.
تقييم الموضوع :