نعيش في دوائر توهان مخيفة
مدحت بشاي
٠٠:
١٢
ص +02:00 EET
الأحد ٢٨ مايو ٢٠١٧
كتب :مدحت بشاي
medhatbeshay9@gmail.com
مع تكرار أحداث استهداف الأقباط ، حياتهم وكنائسهم وبيوتهم ومتاجرهم وتكرار ردود فعل مؤسسات الدولة ومشاهد الجنازات والجلسات العرفية ، نجد تعليمات وخطابات من رئيس الجمهورية .. الرئيس يوصي بعدالة ناجزة فتأتي متأخرة أو لا تأتي ، يطالب بتعديل قوانين لتتوافق مع ماجاء في الدستور ولا من مجيب من جانب البرلمان .. يصرخ الرئيس ألماً ويقول " سأحاجيكم يوم القيامة لو لم تصلحوا من شأن الخطاب الديني ، وكأنه كان يصرخ في أودية المتاهات ..
وعلى الجانب الأخر ،يطالب الأقباط في مصر بعدم تغييبهم في مناهج التاريخ حيث لا يعقل اختفاء وإسقاط 6 قرون ، ولا من يسمع ولا من يجيب .. يعلنون ألمهم من غياب وجودهم في وسائل الإعلام حيث لا برامج دينية مسيحية ولا إذاعة لقداس الأحد على الهواء فهم كم مهمل مهما تنامى دورهم الوطني والإنساني ، ولايوجد أي ردود ..
ويصرخ المجتمع المدني لمتخذ القرار أن الغوا وجود الأحزاب الدينية استجابة لمواد الدستور فيكون رد الفعل منح تلك الأحزاب مايريدون من فرص ظهور سياسي وإعلامي !!!!
المفترض أن تمثل مؤسسات الدولة جميع المصريين على أساس " المواطنة " ، وأن يكون جميع الأفراد أمامها سواء، وحين تقصر مؤسسات الدولة المدنية عن احتواء الجميع، باختلاف مصالحهم وظروفهم، فإن هذا يعني أن هناك خللاً في هذه المؤسسات ينبغي تداركه، لأن هذا الخلل هو الذي يدفع المصريين باختلاف أديانهم للجوء إلى حضن رجال الدين، يلتمسون منهم الحماية والإرشاد.. يستوي الجميع في هذا الهروب إلى الدين ورجاله، نتيجة لفقد الثقة في إخلاص ونزاهة رجال الدولة.. ما يحدث الآن في ظل فساد " الطابونة " على أي إصلاح حقيقي يعيد الأمور إلى نصابها، ويعيد الشعب المصري بمختلف فئاته إلى الالتفاف حول رموزهم المدنية، هو أن يسعى رجال الدولة إلى رجال الدين، يلتمسون أو يشترون ولاءهم، ليتمكنوا من السيطرة غير المباشرة على الناس..
إن هذا الوضع القائم منذ أكثر منذ نصف قرن على الأقل، هو الأساس الحقيقي لدينية الدولة المصرية، بغض النظر عن شكلها الظاهري، وعن مواد الدستور التي تؤسس بالفعل لدولة مدنية..
تعالى عزيزي قارئ موقعنا الرائع الأقباط متحدون أطلعك على فحوى رسالة شاب مسيحي يائس محبط بعد أحداث اسكندرية وطنطا ــ اكتبها بحروفه ــ وقد انتشر وجودها على صفحات التواصل الاجتماعي .. كتب الفتى " متغيرش صورة البروفايل بتاعك كالعادة .. متشيروش وتنشروا صور الأشلاء والجثث .. متكتبوش أخبار نصها حقيقي ونصها مزيف .. متنشروش الاكتئاب بين الناس .. الناس مش ناقصة .. متعملوش زي أصحاب أيوب اللي قال لهم " مُعزون مُتعبون كلكم ".. اللي عنده كلمة حلوة تدي سلام وراحة للقلوب المتألمة يقولها .. واللي معندوش يسكت .. اللي حصل هيتكرر .. والعالم من ضيق إلى ضيق .. الحل مش في الكلام والبكا والشكوى ، الحل في الصلاة .. الشهيد اللي سبقنا على السما لو اتكلم هيقول نفس اللي قاله يسوع المصلوب " لا تبكين عليّ بل ابكين على أنفسكن " .. اللي بعيد عن ربنا يقرب واللي عايش في خطية يتوب .. استخبوا في حضن ربنا .. في حضن الكنيسة .. انزلوا البصخة .. عزوا بعضكم البعض .. أغضبوا ولا تخطئوا .. صلوا وبس ..."
هل ترون يا فخامة الرئيس أن الحل في مجلس أعلى لمقاومة الإرهاب ؟!... هل سيدعى حقا لعضوية المجلس علماء الاجتماع وعلوم السياسة والنفس والإعلام من رموز الاستنارة ؟... وإذا تم ضمهم هل ينصت لهم رموز مؤسساتنا الدينية والدخول في حوار وطني حقيقي ؟..
سيدي الرئيس ، لقد كان لنا في المجلس الأعلى للتعليم حدوتة سيئة ، فقد ضم مجموعة هامة من أهل الخبرة والكفاءة وكانت له توصيات ، فهل عمل بها وزراء التعليم والتعليم العالي واليحث العلمي ؟!!!
وبمناسبة المشهد الجميل الطيب لمشاركة أقباط ومسلمي طنطا في حفر وتجهيز مقابر للشهداء على أرض لمطرانية بسرعة وجودة وحب وتعاون ، أذكر بأبيات أمير الشعراء أحمد شوقي ..
الحق أبلج كالصباح لناظر / لو أن قوما حكموا الأحلاما / أعهدتنا والقبط إلا أمة للأرض واحدة تروم مراما / نعلي تعاليم المسيح لأجلهم ويوقرون لأجلنا الإسلاما / هذي ربوعكم وتلك ربوعنا متقابلين تعالج الأياما /هذي قبوركم وتلك قبورنا متجاورين جماجما وعظاما / فبحرمة الموتي وواجب حقهم عيشوا كما يقضي الجوار كراما / الدين للديان جل جلاله ولو شاء ربك وحد الأقواما...