الأقباط متحدون - ويبقى السؤال: هل هناك رؤية مستقبلية؟
  • ٠٤:٣٧
  • الأحد , ٢٨ مايو ٢٠١٧
English version

ويبقى السؤال: هل هناك رؤية مستقبلية؟

د. عايدة نصيف

مساحة رأي

٢٢: ٠٢ م +02:00 EET

الأحد ٢٨ مايو ٢٠١٧

 بقلم : د/ عايدة نصيف

 السؤال الذي يلح على ذهنى في الوقت الحالى وفى ظل إرهاب دموى يحركه الصراع السياسي: "هل هناك رؤية فكرية مستقبلية لمحاربة الإرهاب الأسود؟".. يُردد الكثيرون على أنه يجب أن يكون هناك مواجهة فكرية بجانب المواجهة الأمنية، وعندما يُسأل عن كيفية المواجهة نجد الإجابة من خلال التعليم والثقافة وقد كتبت في سياق ذلك في 2013 بعد ثورة 30 يونيو مقال بعنوان "نحو خارطة طريق ثقافية"، وشرحت أنه بجانب خارطة الطريق يجب أن يوازيها تحرك ثقافى لتحريك الوعى والإدراك، وقمت بالاستفاضة في مقالات سابقة عن كيفية مواجهة الإرهاب بالتعليم والثقافة بجانب مواجهة الدولة لهذا العدوان، ولكن السؤال إذن عن التحديات الحالية التي تواجه مصر والعرب، يعد سؤالا جوهريا وبالغ الأهمية ويرتبط بالعديد من القضايا والأبعاد، في ظل محاربة الإرهاب هل يكون للعرب استقلال في القرار بصورة عامة وهل تستطيع مصر وهى تؤكد استقلال القرار الوطنى أن تحارب الإرهاب؟!

 
وفى الحقيقة أكدت مصر في أكثر من مؤتمر دولى من خلال الرئيس عبد الفتاح السيسي أنها مصممة على محاربة هذا الإرهاب الأسود، وتدعو العالم إلى محاربته، وماضية مصر في محاربة الإرهاب من خلال الشرطة والجيش.. ولا سيما ما تقوم به من رد عقب مجزرة المنيا بتوجيه ضربات إلى مواقع الإرهابيين في ليبيا؛ تلك المجزرة التي وقعت صباح الجمعة الماضي، ورأينا مدى العنف ورأينا أن الإنسانية منزوعة من هؤلاء الذين قاموا بهذا العمل اللاإنسانى ضد أطفال ونساء عزل.
 
ويبقى السؤال الآن هل هناك رؤية مستقبلية فكرية لمحاربة هذا الفكر ووقف استقطاب عناصر مصرية واستخدامهم كآلية لقتل وتفجير الأقباط وكنائسهم، والهدف هو تقسيم مصر وبث الطائفية، الهدف هو الوطن والشكل المستخدم هو شكل دينى ولكن جوهر الموضوع سياسي من قبل تنظيم دولى يريد النيل من المنطقة العربية وبصورة خاصة مصر قلب الوطن العربى.
 
وأرجع للسؤال مرة أخرى عن الرؤية المستقبلية لمحاربة هذا الفكر الأسود، وأرى أنه علينا الربط بين الحاضر والماضى فتاريخ هؤلاء ليس مجموعة من الحلقات المنفصلة بل كل حلقة ترتبط بالحلقة السابقة عليها وتكون مؤدية إلى الحلقة التالية لها، وعلينا أن نعترف بأن قضية التنوير الفكرى أصبحت مقطوعة الصلة بوجه عام عن طرحها أو مناقشتها أو تطبيقها، وتركت البيئة فارغة وأصبحت حاضنة لاستقطاب مجموعات تقوم بالأعمال التخريبية، تركت بعض النجوع والكفور لنمو أفكار التعصب والطائفية والتجهيل الثقافى والدينى.. 
 
بل عندما تسأل أحد: ما مضمون هويتك المصرية؟ تجد الإجابة مفزعة ومخيفة تميل إلى عدم الإدراك بتاريخ مصر الذي هو شرائح من الثقافات والحضارات المميزة على مستوى العالم، نعم الإجابة عند البعض عن الهوية المصرية رؤية ضبابية وبها تصورات خاطئة بعيد كل البعد عن مصر الأصيلة، إذن فالرؤية الفكرية الرجوع إلى الماضى السعيد ماضى التراث وما به من أخطاء ومغالطات ولنبدأ بتكوين الحس النقدى وفرز الصالح من الطالح.
 
الرجوع إلى الفكر التنويرى وتأصيل ثقافة الوحدة والاختلاف بمعنى كلنا واحد في الإنسانية وفى الوطن ولكن هناك اختلاف لابد أن يُحترم، يجب أن نتسلح بفكرة تكوين العقل النقدى المفكر وقبول الآخر واحترامه، فقد كان هناك تنوير حقيقي في منتصف القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين.. ومن ذلك الوقت حدث نوع من الردة الثقافية والسياسية والتراجع عن المكاسب التنويرية؛ فأصبحت هناك بيئة خاوية وحاضنة يمكن أن يُستقطب أبناؤها من خلال نظام سياسي غطائه الدين، وفى نهاية مقالى أطرح السؤال: لماذا لم توضع حتى الآن رؤية تنويرية تتخطى الخلافات وأصنام العصر الفكرية بحيث تضع المستقبل أمامها دائمًا؟ 
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع