جهات مزاجية عليا
د. مينا ملاك عازر
الجمعة ٢ يونيو ٢٠١٧
د. مينا ملاك عازر
يعيش السمك في الماء، والطير في الهواء، والبشر على الأرض، والمصريون لأنهم فئة أعلى من البشر يعيشون في حالة مزاجية عالية، ولذا صدق السيد الدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب حين أجاب على السيد الدكتور عماد جاد عضو نفس المجلس المتسائل عن كيفية إعطاء الكلمة؟ حين قال "بمزاجي" ولذا هو مجلس مزاجه عالي، تقوده جهات مزاجية عليا، ولأن السيد الدكتور لا يعرف بأي كيفية يعطي الكلمة لأنها تعليمات عليا تعطى له، ولا يمكنه الكشف عنها، قرر أن المسألة مسألة مزاجية، وأياً منا لا يحترم مزاجه؟ فنحن في دولة مزاجها عالي يعتدى على مواطنيها في المنيا من داعش فتنفذ الضربات للجذور في ليبيا، وتحاصر القرى والفيافي للوصول للمنفذين الفعليين في مصر.
هكذا أيضاً، رئيس المجلس الأعلى للإعلام يكتب مقال العام الماضي يحض على ترك إبراهيم عيسى وشأنه ويدافع عن عبقرية بعض آراءه، وأنه لا يمكن أن يكون مشكلة تؤرق البلد، لأن ثمة أمور أهم يجب مراعاتها، لكنه وبعد أن يتغير كرسيه وبتوليه منصبه الجديد أي يتغير مزاجه العالي، وبتوجيهات مزاجية عليا يتحرك لتقديم بلاغ ضد عيسى نفسه الذي كان يطالب بتركه وشأنه، ويتفه من الدولة التي يؤرقها عيسى وقناته القاهرة والناس، وينتقض التضييق عليه وعلى قناته، علماً بأن عيسى نفسه هو الذي كان يعتبر الرئيس الحالي للمجلس الأعلى للإعلام أستاذ له، وله أفضال عليه، ويقبل أن يجلس ليتتلمذ على يديه، لكن مزاج السيد مكرم محمد أحمد دفعه دفعاً لأن يتبع مزاجه ويبلغ عن عيسى لأنه يفجر الفتن الطائفية بقتله قرابة ثلاثين مصرياً قتلاً على الهاوية في صحراء المنيا، والهروب بجريدته المقال لليبيا بل والهرب من طلعات جوية نفذت ضده.
الجهات المزاجية العليا التي تدير أمزجة أصحاب المناصب والكراسي في هذا البلد المزاجي للأسف، هي ذاتها التي تختار من ينفذ ضدهم قرارات الرئيس وتعليماته بإزالة التعديات عن أراضي الدولة، فهناك من هم في مأمن ومن ينفذ ضدهم لكي يثبت أنه لا يوجد من يحتمي بحصانة، وهناك من يداسوا بالرجلين حتى ولو كانت التعديات هذه موثقة كأرض الإعلاميين بطريق الواحات أو فيلة الفنان فاروق حسني، وسلم لي على مزاج الجميع، ويجعل مزاج الكل عالي، وربنا يجعل كلامنا على مزاجهم خفيف علينا.
المختصر المفيد ليس بالمزاج تتقدم الأمم، ولا تقال من عسراتها، المزاج مكانه الغرز والقهاوي ولا مؤاخذة.
ملحوظة أعذروني لو شعرتم أثنا قراءاتكم للمقال أن مزاجكم اتعكر، فمزاج كاتب المقال متعكر على البلد أوي.