الأقباط متحدون - هل هذه حقاً بديهيات دينية؟ (6).. «وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إنْ هُوَ إِلَّا وَحْى يُوحَى»
  • ٠٩:١١
  • السبت , ٣ يونيو ٢٠١٧
English version

هل هذه حقاً بديهيات دينية؟ (6).. «وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إنْ هُوَ إِلَّا وَحْى يُوحَى»

مقالات مختارة | بقلم:خالد منتصر

٠٢: ٠٨ م +02:00 EET

السبت ٣ يونيو ٢٠١٧

خالد منتصر
خالد منتصر

 لا تندهش عندما تسمع من شيخ سلفى شهير أن السنة تنسخ القرآن، وأنه إذا تعارض القرآن مع الحديث فالحديث أولى!! ولا تتعجب إذا سمعت هتاف تكبير من المستمعين والمريدين المعجبين بهذا الكلام الغريب الصادم أو المفروض أنه صادم! ببساطة لأن هناك منظومة أفكار تقف داعمة لهذه الرؤية، هذه المنظومة الفكرية يعتبرها السلفيون خطاً أحمر يراق على جوانبه الدم ودونه خرط القتاد! على رأس تلك المنظومة تفسيرهم الذى يشهرونه فى وجهك لو اعترضت وهو «وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إنْ هُوَ إِلَّا وَحْى يُوحَى»، فيعتبرون كل حرف وكل لفتة وكل رأى فى الطب والحرب والزراعة والتجارة هى من قبيل الوحى، لذلك عليك أن تخرس وتبلع لسانك ولا تعترض وإلا اتهمت بالزندقة والكفر والإلحاد وطبعاً الازدراء، وما أدراك ما الازدراء! هذا التيار السلفى أو بالأصح الحرفى يقاتل من أجل عدة بديهيات يريد أن يرسخها، هو يرفض رفضاً باتاً ربط النصوص الدينية بالزمن ويريدها سرمدية معلقة إلى السماء بأحبال نورانية لا يصح أن تلمسها أو تنظر إليها، ويرفض أيضاً بشرية الرسول، واعتبار ما يقوله فى شئون الحياة فى معظم الأحيان يندرج تحت بند الرأى المتأثر بظروف المكان وتوقيت الزمان، بالرغم من أنهم هم الذين يدافعون باستماتة عن أحاديث تضفى الطابع البشرى على الرسول، وحديث السحر أكبر وأهم نموذج على هذا التناول البشرى، فى هذه البديهية سأستعير الرد من عالم وفقيه جليل لا يستطيع أحد أن يدعى إنكاره للسنة أو كفره بالأحاديث، هو الدكتور عبدالمنعم النمر، الذى يكتب تحت عنوان هل أحاديث الرسول كلها عن وحى: «بعض العلماء قالوا بهذا، مستظلين أو مستدلين بقوله تعالى مدافعاً عن رسوله «وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى* مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى

* وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْى يُوحَى* عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى» وهى الآيات الأولى من سورة النجم، واعتبروا النطق عاماً فهو لا ينطق ولا يقول قولاً إلا عن وحى يوحى إليه ومثله الفعل».. ويؤكد المؤلف أنه استناد خاطئ غفلوا فيه عن سياق الآية وسبب نزولها، فالآيات مسوقة للرد على المشركين الذين ادعوا أن محمداً يكذب ويفترى ويؤلف القرآن، لذلك حين أراد الله نفى اتهامهم له بالافتراء فى القرآن قال «مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى» فهو صاحبكم منذ الشباب ولم تجربوا عليه كذباً قط، والقرآن وحى من عند الله، فهذه الآية وما قبلها واردة فى شأن نطقه بالقرآن خاصة لا بكل ما ينطق به، كما تدلنا الوقائع الكثيرة فى حياته، التى اجتهد فيها رأيه وثبت أنها لا تتفق مع المصلحة بعدها، مثل تأبير النخل وعدم تسعير السلع وغيرهما، هذا كان رأى شيخ كبير مجتهد هو د. النمر، كثيرة هى كلمات الحق التى يراد بها باطل والأكثر منها منافقو هذا العصر الذين يرددونها لزعامة تيار سيحرق الأخضر واليابس، والأخطر من هذه الكلمات وهؤلاء المنافقين من يغازلونهم سواء من السلطة أو من المثقفين ويزايدون عليهم.. وهكذا إذا استمر وضع النفاق والمغازلة سيغلق الطوق ويطبق على رقبة الأمة وتكتب لها شهادة الوفاة باسفكسيا الجهل والتعصب، وقانا الله ووقاكم شرها.

نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع