الأقباط متحدون - هل هذه حقاً بديهيات دينية؟ (7) ..النساء ناقصات عقل ودين
  • ١١:١٥
  • الثلاثاء , ٦ يونيو ٢٠١٧
English version

هل هذه حقاً بديهيات دينية؟ (7) ..النساء ناقصات عقل ودين

مقالات مختارة | خالد منتصر

٤٠: ١٢ م +02:00 EET

الثلاثاء ٦ يونيو ٢٠١٧

خالد منتصر
خالد منتصر

يعتمد الكثيرون فى تقنين قهر النساء وإدانة تفكير المرأة وتصرفاتها على الحديث الشهير الذى رواه الصحابى أبوسعيد الخدرى فقال «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أضحى أو فطر إلى المصلى فمر على النساء، فقال: يا معشر النساء ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الحازم من إحداكن، قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟، قال: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟، قلن: بلى، قال فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تُصلِّ ولم تَصُم؟، قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان دينها».

استغل أتباع حزب احتقار المرأة هذا الحديث للانتقاص من أهليتها وعزلها عن العمل العام وتعطيل ملكاتها وطاقاتها، وعادت إلى الأذهان عبارات الجاهلية ومظاهر وأد البنات وخرجت إلى النور الأبيات الشعرية والحِكَم القديمة التى كانت تقول: لم أر نعمة شملت كريماً / كنعمة عورة سُترت بقبر.... ومن غاية المجد والمكرمات/ بقاء البنين وموت البنات... ومشاورتها شؤم ومحادثتها للمخالفة فقط.... الخ.

ورغم أن جمعاً كبيراً من المفكرين الإسلاميين طالبوا بمراجعة كتب الأحاديث من حيث رفض منهج الاعتماد على السند فقط فى بيان وقياس مدى صحته حتى ولو خالف الحديث منطق الأمور ومفاهيم الإسلام الكلية وآيات القرآن الواضحة، فإن الملاحظات التى قيلت فى شأن هذا الحديث كثيرة، ولكن سنذكر منها ما تسمح به المساحة:

■ قيلت ملاحظات على عدم تذكر مناسبة وزمن قوله وهل هو عيد الأضحى أم عيد الفطر؟، يعنى البداية فيها تذبذب، فكان السؤال لماذا نتمسك بما قالته هذه الذاكرة عن باقى الرواية إذا كانت تنسى المناسبة من أصله؟، إلا إذا كان هناك تربص من المجتمع الذى استغل الحديث كوسيلة قمع للمرأة أو بالبلدى «تلكيكة» اجتماعية تروج لهذا المعنى وتتمناه فى عقلها الباطن فتتغاضى عن أشياء تعتبرها شكليات مثل تحديد وقت قول الحديث لصالح الغرض الأساسى وهو تحقير المرأة.

■ من الملاحظات التى قالها د.محمد عمارة على هذا الحديث أن المناسبة تفرض شروطها وتفرض ألفاظها وأيضاً تفرض فهمنا له، فليس من المعقول أن تكون المناسبة مناسبة عيد ويكون التبكيت والغم والحزن هو المقصود، والحديث يتحدث عن واقع محدد وحالة خاصة من النساء، فمثلاً عندما يقول الرسول «إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب» هل هذا إقرار بواقع أم تشريع لعبادة؟، وهل من المعقول أن يطلب الرسول من أمته عدم طلب العلم؟، بالطبع مستحيل أن نفهم هذا الكلام بهذه الصورة ولكنه مجرد وصف واقع قابل للتغيير والتطور، وهكذا حال النساء اللاتى كان يخاطبهن، هذا عن وصف الواقع، أما عن الحديث كوصف حالة بعينها فتؤيده رواية أخرى للحديث تصف حالات خاصة بعينها لنساء يكفرن العشير حتى ولو أحسن هذا العشير إلى إحداهن الدهر كله، أى إنه كان يقصد نسوة بعينهن حين كان يخاطبهن، والسؤال: هل لو قال الرسول عليه الصلاة والسلام كلاماً فيه زجر لبعض الرجال المنحرفين هل سيكون هذا إدانة لكل جنس الرجال؟!، بالطبع لا.

الحيض لا يمكن أن يعتبر نقصاً فى دين المرأة، لأن الخالق عز وجل لا يخلق إنساناً بصفة ما ثم يعايره بعدها بنفس الصفة التى هى من صنعه، كيف يستقيم هذا مع صفة العدل؟، إن الإفطار وعدم الصلاة وهى حائض رخصة، والله يحب أن تؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه، والمرأة إن أفطرت فى رمضان فهى تفطر بإذن ربها وشرعه وهى تستكمله بعد ذلك، إذن صيامها يعتبر كاملاً غير منقوص، مثلها مثل الرجل المسافر حين يفطر، هل نعتبر إفطاره هذا نقصاناً فى دينه؟، وكذلك الرجل الذى يعانى سلس البول ولا يستطيع الوضوء مثلاً هل نعتبره ناقص الدين كما اعتبر المتزمتون الحائض ناقصة الدين، ومن ترك عملاً غير واجب عليه لسبب ما لا يمكن أن نعتبره مقصراً فى حق الله ولا مخلاً بدينه، فالرجل الذى ترك الزكاة لكونه فقيراً أو ترك الحج لكونه عاجزاً أو ترك الجهاد لكونه غير ميسور له لا يكون دينه ناقصاً بتركه هذه الفرائض، إذ إنه لم يتركها بإرادته وإنما تركها لأنه غير مأمور بها، فدينه تام كامل عند الله إذا أتى ما أمر به الله من الواجبات التى يستطيع القيام بها.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع