اغتيال قطر1-2
د. مينا ملاك عازر
الثلاثاء ٦ يونيو ٢٠١٧
د. مينا ملاك عازر
لا شك في أن ما تفعله السعودية بالذات مع قطر لا يعد قطع للعلاقات الدبلوماسية وإنما هو اغتيال، فتخيل أنك تمنع عن قطر أن تمر من أجوائك ومياهك وحدودك البرية وأنت الذي تشترك معها في كل الحدود تقريباً، فلم يعد لقطر سوى إيران منفذ، وصحيح أن إيران لها علاقات جيدة بقطر لكنها تكلفة أعلى في النقل على القطريين، ضربة السعودية الأكثر وجعاً، ثم تلى ذلك الضربتين الخليجيتين الآخرتين الإمارات ثم البحرين، أما اليمن فهي تابع للسعودية، فليست ذات تأثير على الإطلاق اللهم إلا فيما يتعلق بالحرب اليمنية المتورطة بشكل ضعيف جداً فيها قطر، فالسؤال بات ما هو مصير الجنود القطريين الموجودين على الأرض اليمنية إن وُجِدوا.
أما الموقف المصري، وإن تأخر كثيراً، فتأثيره هنا بعنف نابع من أنه معبر عن اتفاق مصري سعودي ينبثق من الزيارة المفاجئة السرية التي قام بها الجبير وزير الخارجية السعودي لمصر ليلة الانقلاب الخليجي المصري على قطر، ولتصل الصورة بوضوح لسيادتكم أحبائي القراء، دعوني أن أذكركم لما جرى في عام 2015، حال اتهام مصر لقطر بضلوعها في قتل المسيحيين الواحد والعشرين في ليبيا، وأنها وراء الإرهاب في سيناء وليبيا، وأنها تستهدف مصر، ومع أن كل شيء كان على عينك يا تاجر - كما يقولون- إلا أن أعضاء مجلس التعاون الخليجي رفضوا ذلك، وضغطوا على مصر لتسحب اتهاماتها، وكادوا يقاطعوا مصر دفاعاً عن تلك الإمارة التي يعادونها الآن، ولعل الوضع الخليجي المصري والموقف المتبع حيال قطر الآن سينظر له البعض من خلال تلك الأسباب المعلنة التي جاءت في بيانات الدول الأربع الأولى التي قاطعت قطر واغتالتها وتخنقها، وهنا نورد أهم الأسباب الواردة لنحللها ولنرى هل هي كافية لاتخاذ مثل هذا الموقف أم لا.
أول الأسباب كان ممالءة قطر للإرهابيين بشتى أصنافهم، القاعدة وداعش والنصرة وغيرها، هذا السبب ليس جديد ولا يمكننا التعويل عليه لقدمه، ولأن الكل كان يعرفه ومتأكد منه منذ زمن، وأيضاً لأن دولة من الدول الأربعة الأولى المقاطعة هي الأخرى تدعم داعش، وأحد مواطنيها زعيم روحي للقاعدة، ولا مانع لديها من دعم النصرة، ما دام ذلك سيصب في هدم النظام السوري، ولو على حساب سوريا والسوريين، وهذا ينقلنا للسبب الثاني المساق من الدول المقاطعة لتبرير مقاطعتهم، وهو محاولة قطر قلب أنظمة الحكم في بعض الدول الشقيقة، حاولت ذلك في مصر إبان دعمها للإخوان، وتفعله في ليبيا وسوريا، وفي الأخيرتين تتفق معها دولة من الدول المقاطعة في نفس النهج، ما يهدم هذا السبب، كما أن السبب نفسه أيضاً قديم ولا جديد فيه ومعروف منذ زمن بعيد، صحيح أن دول مثل مصر والإمارات لا تقبله ولا تتفق فيه، لكنهما أيضاً لم يتخذا هذا الموقف إلا اليوم، ما يعني أن ثمة أسباب أخرى تقف وراء الاغتيال، تابعونا المقال القادم لأقدم تقديري حول الأسباب والدوافع التي تقف وراء الاغتيال.
المختصر المفيد الأسباب المعلنة في بيانات المقاطعة تدين بعض الدول سواء بتأخرها في موقفها رغم تأكدها وعلمها السابق بتلك الأسباب أو لأنها ضالعة في عمل نفس تلك الأفعال المتسببة في المقاطعة.