قطر.. إن الأسوأ قادم
مقالات مختارة | د. سعيد اللاوندى
الاربعاء ٧ يونيو ٢٠١٧
أحكمت قطر الخناق حول عنقها ...وسمة أمل ضعيف في المصالحة... أثارت قطر في الأيام القليلة الماضية أزمة خليجية ليس في الإمكان حلها، خصوصا أن الكويت (وبتعهدات من أمير البلاد) تحاول الجمع بين الشيخ تميم أمير قطر والعاهل السعودي باعتباره طرفا في الأزمة، ناهيك عن أنه كبير دول مجلس التعاون الخليجي . ويرى البعض أن هذه الوساطة قد لا تفلح لأن أزمة مشابهة بين قطر والدول الخليجية حدثت عام 2014 لم تلتزم فيها قطر بما تم التوصل إليه من التزامات واستحقاقات شارك فيها عدد من دول الخليج ،ولذلك قد تستمر هذه الأزمة، خصوصا أن قطر -وفى محاولة منها- للخروج من العزلة التى فرضتها عليها السعودية والإمارات والبحرين ومصر، بحثت عن بدائل لدى إيران وإسرائيل التي فاخر الشيخ تميم قبل أيام بعلاقاته الجيدة معهما، ضاربا عرض الحائط بمسلمة أن السيناريو الإيراني مكروه في المنطقة العربية أما إسرائيل فهي العدو الكلاسيكي للأمة العربية ! كانت البداية لهذه الأزمة في المؤتمر العربي الإسلامي الأمريكي الذى احتضنته الرياض قبل أقل من أسبوعين، عندما شعرت قطر بضآلة حجمها وأنها (كمالة
عدد) ولا تأثير لها، وأنها فى زمن أمريكا-ترامب مجرد دولة خليجية فحسب.. وهذا معناه أن الحظوة التى كانت تتمتع بها فى زمن أمريكا -أوباما وهيلارى كلينتون، قد انتهت الى غير رجعة . والحق أن قطر بنظامها السياسي ارتكبت أكثر من خطيئة في حق الدول الخليجية، لعل آخرها موافقة أمير قطر على بث كاريكاتير يسخر من العاهل السعودي، ثم احتضانها لمنظمات ارهابية وتجنيدها لوسائل إعلامها المقروء والمسموع والمرئي للنيل من دولة بحجم مصر وتأليب شرائحها المجتمعية على الحاكم وإثارة الفتن بين المسيحيين والمسلمين لإشغال النظام المصري عن التنمية التي يقوم بها في ربوع البلاد . وقد أوضحت البلدان الخليجية في بيانها سبب فرض العزلة برا وبحرا وجوا على قطر، وهو أن الممارسات القطرية تشق الصف الخليجي وتطعن البيت الخليجي في الظهر، واعتبر البيان أن قطر تعمل ضد الأمن القومي الخليجي . والحق أن الشعب القطري يعيش أسوأ أيامه عندما استيقظ بين يوم وليلة، وشعر أن نظامه السياسي جعله يعيش (كابوسا سياسيا) في مأكله ومسكنه، إلى حد أن المواطن القطري بدأ يستشعر الخطر الداهم، ولذلك ظهرت جبهات عديدة تريد تحرير قطر من سطوة أمير البلاد الذى ضرب كافة القواعد التي نشأ عليها البيت الخليجي، فمثلا ظهرت فى الدوحة جبهة التحرير القطرية التي أصدرت بيانا عزلت فيه الأمير تميم الذى أورد البلاد على مواطن التهلكة. هناك حديث متواتر حول توترات داخلية، ورغبة الأخ غير الشقيق من
الأمير تميم في أن يقفز إلى سدة الحكم ويعيد البلاد الى البيت الخليجي، ناهيك عن ردود فعل دولية عديدة، فمثلا واشنطن ترى أنه على دول الخليج أن تهدئ من روعها وتحل الأزمة مع قطر التي دأبت على ممارسات مقلقة لدول الخليج وواشنطن معا . أما نائب حزب الجبهة الوطنية في فرنسا، فقد طالب بالسير مع دول الخليج التي قاطعت قطر، وحمل هذه الدويلة مسئولية الإرهاب الذى حصد المئات في فرنسا وألمانيا وبريطانيا، وأشار إلى أن قطر توفر الملاذات الآمنة للإرهابيين، مشيرا إلى كلمة الرئيس السيسي التي قال فيها إن الإرهابي ليس من يحمل السلاح ويقتل، ولكن أيضا من يقوم بالتدريب والتمويل والتسليح ويوفر الملاذات الآمنة للإرهابيين، وقال إن التوصيف ينطبق تماما على قطر . والحق أن دول عديدة ستنضم لاحقا وتطالب باجتثاث النظام القطري من الجسد الخليجي باعتباره زائدة دودية يجب التخلص منها وبترها . والثابت أن قطر لا يزيد جيشها عن 12 ألف جندي، وأنها قد اشترت
سلاحا في السنوات الماضية يزيد عن 300مليار دولار، وزعته على المليشيات في اليمن وإيران ومصر وتركيا، ومن ثم وفرت الأسلحة والقنابل لعصابات الإخوان الارهابية فى كل مكان . وقد تبين أن الأمير تميم أحجم عن إلقاء كلمة له عبر احدى القنوات امتثالا لوجهة نظر أمير الكويت الذى يقوم بالوساطة بين قطر ودول الخليج، خشية أن يزيد الطين بله فى كلمته . لكن للإنصاف قطر تعيش ظروفا سياسية صعبة، وأوقع الشيخ تميم البلاد في مأزق لا تحسد عليه، فكان أشبه بمن لف الحبل على عنقه لكى يشنق نفسه. باختصار إن العزلة التي وجدت قطر نفسها فيها هي عزلة غير مسبوقة، والرؤية الآن ضبابية .
نقلا عن مصراوي