هل هذه حقاً بديهيات دينية؟ (12).. واضربوهن
مقالات مختارة | بقلم :خالد منتصر
الأحد ١١ يونيو ٢٠١٧
منعت وزارة التربية والتعليم ضرب التلاميذ فى المدارس، ومنعت وزارة الداخلية عقوبة الضرب فى السجون وأقسام البوليس، وأدانت منظمات حقوق الإنسان ووزارة العدل والهيئات القضائية الضرب حتى ولو بغرض انتزاع الاعترافات، ولكن للأسف الفقهاء المسلمون لم يمنعوا ضرب الزوجات فى البيوت بل أباحوه وحبّذوه كتأديب للزوجة وحل لنشوزها وكسر لأنفها المتعالى!!، واختلف هؤلاء فقط فى درجة الضرب ونوعيته ومدى عنفه، وظلت إباحة ضرب الزوجة هى السلاح السرى الفعال فى يد الزوج المسلم يستعمله متى شاء وكيف شاء اعتماداً على الفتاوى التى تبيح له تأديب زوجته الناشز، وبالطبع كما اختلفت الأقوال فى ما هى كمية الضرب؟ اختلفت الأقوال أيضاً فى ما هى درجة النشوز أو ما هو النشوز أصلاً؟، وبين هذا وذاك تاهت المرأة فى دروب الفقهاء الوعرة ما بين ركلة وصفعة ولطمة ولكمة، وكله للأسف باسم الدين الذى هو من كل ذلك براء، لجأ المعاصرون من المفكرين المستنيرين إلى أحد حلين لفهم هذه الآية والخروج من هذا المأزق، وكان الحل الأول هو فهم هذه الآية فى نطاق زمانها وبيئتها والوضع الاجتماعى للمرأة حينذاك الذى كان يحمل بقايا البدوية الجاهلية، وهذا المنهج فى الحل يعتمد على عدة سوابق فى الاجتهادات الإسلامية المرنة التى واءمت تطور الزمن والتى كانت توقف العمل بأحكام ذكرت فى آيات قرآنية، والأمثلة كثيرة ومتعددة تملأ المراجع الإسلامية، ورفض هذا الحل الأول ناتج عن الخلط بين الحكم الشرعى والعادات والتقاليد العربية، أى بين ما هو دين وبين ما هو عرف فى الجزيرة العربية، والخلط الحادث أيضاً بين الإسلام الذى أنزله الله وبين الفهم القومى لهذا الإسلام، أى طريقة تطبيق المجتمع للدين حسب فهمه وتصوره واحتياجاته، فالدين غالباً يدخل ويعجن فى فرن الفهم والتفسير الخاص للمجتمع الذى يدين به، ونحن غير ملزمين بفهم وتطبيق هذا المجتمع لأن ذلك هو نتاج تفاعلهم الخاص مع الدين، فالمجتمع البدوى القديم كان الضرب فيه سلوكاً غير مستهجن، ووضع المرأة كان متدنياً لظروف كثيرة ومختلفة ليس هنا مجال الحديث عنها الآن، ونحن غير مطالبين فى القرن الحادى والعشرين وفى بلد عرف الحضارة والمدنية منذ آلاف السنين أن نتبع ذلك الفهم البدوى بحذافيره ما دمنا لم نخرج عن الأطر والمبادئ العامة التى وضعها لنا الإسلام الحنيف.