الفوضى أو الانقلاب!
بقلم: أيمن عبد الرسول
لمصلحة من الوقيعة بين الشعب المصري وجيشه؟ على الذين يشكِّكون في هذه العلاقة المتينة والتي أسفرت عما يمكن تسميته بـ"انقلاب قصر" وجعلت الجيش هو الحكم بين السلطات بعد تخلي الرئيس السابق عن منصبه، وقبول المحتجين بحكم العسكر لفترة انتقالية، رغم أن سيادة المشير طنطاوي أدى اليمين الدستورية على منصبه أمام الرئيس السابق، ومع حكومة شفيق، على الذين يحاولون تحويل البلد إلى فوضى أو صدام مع الجيش المصري أن يستيقظوا أو يبحثوا لهم عن فوضى بحجم فوضى رؤوسهم الخربة!
ثم إن الدولة المصرية ببنائها ومؤسساتها ليست نظام مبارك، كما أنها أيضًا ليست تركة يريد الشعب توزيعها على نفسه، على ما في تعبير الشعب من مجانية، ورمزية لا حقيقية، والذين ينتقمون من النظام السابق بُغشم سياسي يليق بمطالبهم غير المشروعة الآن، بعد سقوط النظام، مثل الإفراج عن كل المعتقلين، دون تفهُّم للطبيعة القانونية لبعض معتقلي جرائم الإرهاب والمخدرات والخطورة على الأمن العام، ومطالبة بعضهم من الفوضويين بإلغاء جهاز مباحث أمن الدولة، وهل يوجد نظام واحد في العالم يعمل دون هذا الجهاز مع اختلاف المسميات؟!
بصراحة شديدة جدًّا ورغم اعتراضاتي على حكم العسكر، الجيش المصري يتعرض لضغوط كبيرة في هذه المرحلة، من قِبَل مدبري الثورة المضادة، وعدم وعي المحتجين في الوقت الراهن بطبيعة المرحلة التي تخوضها البلاد، علينا جميعًا كمصريين يهمنا أمر هذا البلد المساهمة مع الجيش في تسيير الأمور إلى حيث دولة مدنية بنظام ديمقراطي، يقول فيه المواطن رأيه بصراحة، بعد 59 عامًا من عزله عن محيطه السياسي، فالعقلاء فقط هم من يخافون على مصر من سيناريوهات الفوضى المدمرة التي يعمل لها ومن أجلها السائرون نيامًا خلف أحلامهم غير الواقعية بالمرة!
تطبيع العلاقة مع الشرطة واجب قومي على الشرطة المبادأة به فورًا، مع الوضع في الاعتبار عدم تحرش قوى الغضب بأبناء مصر الذين دفعوا أيضًا ضريبة الدم في الشوارع وفي ملاحقة المجرمين وتمثيل يد العدالة التنفيذية، لا شك أنه كان ثمة تجاوزات، ساهم في بعضها المواطن المصري الذي لا يعرف حقوقه، بعقوقه للقانون مرة، وبتواطئه على الفساد مرات، ولا أتعجب من محاولات الإقصاء المريرة التي يقودها بعض الثائرين ضد شركائهم في الوطن، فالسلفيون منهم ضد الإخوان، والإخوان ومن خرج من عباءتهم ضد شباب الثورة المعلمن، ويريدونها إسلامية، وتطبيق الشريعة، والمتواطئون بالصمت ضد الجميع، علينا تجاوز المرحلة الانتقامية، للشروع الفوري في المشاركة الفعالة بالمرحلة الانتقالية.
للمرة المليون نقولها نحن مع الحفاظ على مكتسبات ثورة 25 يناير، التي هي بلا برنامج ولا رأس سياسي واحد مدبر، ولا تعرف تمامًا ماذا تريد لمستقبل مصر، هي فقط كانت تعرف ما لا تريد، ولذلك علينا أن نستمع لصوت العقل والحكمة، حتى وإن وصمها المعترضون عليها بالتخاذل، فيا عقلاء مصر اتحدوا، لإنقاذ انتفاضة الشباب من تطوراتها غير المحسوبة، وغضبها الثائر الذي لم يعد مبررًا على المستوى الفوقي، وعلينا توحيد الجهود لإقامة ثورة على النظام السابق في تعامل الشعب المصري مع مواطنيه، فالذي يرى أن مصر "خلاص اتغيرت" وبقت "فُلَّة شمعة منورة" واهم تمامًا كالذي يرى أنه لم يحدث تغيير نهائي و"لسة الأيام السودا جاية"!!
الطريق الثالث بين تصورين هو الأقرب إلى الصواب، وهو مراجعة مكتسبات ثورة الثمانية عشر يومًا، والانتقال إلى تثوير دائم لإمكانات المواطن المصري الذي حرص رموز النظام السابق على تفريغه من كوادره، وبقاء الصف الثاني في كل الهيئات والمؤسسات شاغرًا لصالح أبدية رجال الصف الأول، فالناس على الفيسبوك، يتساءلون عن معنى حكومة تكنوقراط، ويقصد البعض الآخر بها حكومة ائتلافية، ويرفضون حكومة شفيق الانتقالية التي تسيير الأمور إلى حين.
"شيء من الخوف" لازم، ولكن هوس البعض من بقايا النظام البائد، وهيستيريا الثورة المضادة، وغيرها من مطالبات وهواجس البعض ممن ينتهجون العمل المدني لا السياسي، والتهويل من مخاطر حكومة شفيق وبقاء الرئيس السابق في شرم الشيخ تضعنا جميعًا أمام خيارين أحلاهما مُر، إما الفوضى العارمة، بضياع الأمن والأمان وتعديات الذين ينتظرون سقوط الأمن لتخريب البلاد، وهذه الفوضى لو حدثت لن يسامح الشعب المصري أبدًا ثوار ميدان التحرير، لأنهم في نظره من تسببوا فيها، وقادوا البلاد إليها، والخيار الثاني هو وقوف الجيش في وجه من سيتم تصنيفهم على أنهم متمردون وخارجون على الشرعية، ووقتها ستقودنا السيناريوهات إلى انقلاب الجيش على الشعب، وعودة بقبضة حديدية لحكم العسكر، الذي لن يترك البلد تضيع على يد عصبة من عديمي العقل والوعي، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا بالخروج كل يوم إلى الميادين، أولئك كالأنعام بل هم أضل، الذين إذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون.. ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون!!
خافوا على مصر، فهي تستحق منا كل خير، ووعي وفهم وتفهم، ولا تهزؤوا بصوت العقل، فإن الفوضى والغشم لا يغنيان عن العقل شيئًا!
والوطن من وراء القصد
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :