الأقباط متحدون - العودة إلى الحجم الطبيعى
  • ١٤:٣٧
  • الأحد , ١١ يونيو ٢٠١٧
English version

العودة إلى الحجم الطبيعى

مقالات مختارة | بقلم : د. عماد جاد

٥٧: ٠٢ م +02:00 EET

الأحد ١١ يونيو ٢٠١٧

د. عماد جاد
د. عماد جاد

 عندما اتخذت دول مجلس التعاون الخليجى الثلاث قرارها بقطع العلاقات مع قطر، وحزمة من الإجراءات العقابية تجاه هذه الدولة «المارقة»، بسبب دعهما للعنف والإرهاب، ثم انضمام مصر إلى هذه الخطوات، تطلع الجميع إلى ردود فعل «واشنطن» على هذه القرارات، فالمعروف أن قطر حليف قديم للولايات المتحدة الأمريكية، كما أنها تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية فى المنطقة، وانتظر المراقبون ردود فعل «واشنطن» حتى يمكن بناء تصورات محدّدة عن فرص نجاح هذه السياسات العقابية تجاه قطر. فى اليوم الأول التزمت «واشنطن» الصمت تماماً، ثم فاجأنا الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بتغريدة على موقع «تويتر» أشار فيها إلى بداية مواجهة عمليات تمويل الإرهاب، ثم عقد مؤتمراً صحفياً فى البيت الأبيض يوم الجمعة (أمس الأول)، ووضع النقاط فوق الحروف، فقال إن لقطر تاريخاً طويلاً فى دعم وتمويل الإرهاب على مستوى عالٍ، وإنه يعتبر مشاركته فى قمة «الرياض» استثنائية وتاريخية، وإنه بدأت بالفعل عملية محاصرة الإرهاب ووقف تمويله، وإنه يشكر صديقه الملك سلمان على ما يقوم به من جهود فى هذا الاتجاه. وبعد ذلك أجرى الرئيس الأمريكى اتصالاً هاتفياً بالرئيس السيسى، وأبدى الرئيس ترامب استعداده لاستضافة قمة فى «واشنطن» لتسوية هذه القضية.

 
كلمات الرئيس الأمريكى فى مؤتمره الصحفى كانت بمثابة اللطمة للنظام القطرى، الذى لم يكن يتوقع صدور مثل هذه التصريحات، التى وجهت الاتهام المباشر والصريح إلى النظام القطرى بالضلوع فى عمليات تمويل الإرهاب، وهى الكلمات التى مثلت رفعاً شاملاً للغطاء الذى كانت تعتقد قطر أنه يظللها ويوفر لها الحماية الكافية فى مواجهة دول مجلس التعاون الخليجى، لا سيما السعودية والإمارات، وأيضاً مصر، كما لم تشفع للنظام القطرى علاقاته المكثفة مع إسرائيل، التى سبق لأمير قطر أن تباهى بها فى حديثه الذى تم سحبه، مدعياً أن موقع وكالة الأنباء القطرية تم اختراقه.
 
اتبع النظام القطرى منذ مجىء الأمير الأب عام ١٩٩٥ بفعل انقلاب قصر على الأمير الجد، اتبع سياسات معادية للبيئة الإقليمية، ظن أن بناء علاقات مكثفة مع «واشنطن» ووجود أكبر قاعدة عسكرية أمريكية فى المنطقة على أراضيه سوف يوفر له حماية ويُحصّنه ضد البيئة الإقليمية، وبنى حساباته على أن الطريق إلى قلب «واشنطن» يمر عبر تل أبيب، فطور العلاقات مع إسرائيل على كل المستويات، ومن ثم انطلق متبنياً سياسات تدخليّة فى المحيط الإقليمى القريب (السعودية، الإمارات والبحرين) والبعيد (مصر، ليبيا وسوريا)، ووظّف الوفرة المالية المتحقّقة من بيع الغاز فى الإنفاق على سياسات عدائية وتدخلية فى الإطارين الإقليمى القريب والبعيد، واستغل فترتى حكم الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما كى يشارك فى تنفيذ مخطط الفوضى الخلاقة، وما سُمى لاحقاً بالربيع العربى، فانهالت المساعدات على التنظيم الدولى للإخوان، وعلى فروعه المحلية، وأيضاً على الجماعات والتنظيمات الراديكالية المتطرّفة، مثل «القاعدة» و«داعش» وغيرهما من الجماعات ذات المسميات المختلفة، التى شاركت فى هدم بلدانها، كما حدث فى سوريا وليبيا. وواصلت قطر اتباع سياسات القوى الإقليمية الرئيسية، فقدّمت المساعدات الضخمة لحملة المرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون التى كانت تنافس الرئيس الحالى دونالد ترامب، وكانت هزيمة «كلينتون» بمثابة الصدمة الصاعقة لقطر، وبداية تبلور توجّه لدى الإدارة الأمريكية بالتخلص من سياسات «أوباما»، والعودة للتحالف مع القوى الإقليمية الرئيسية فى العالم العربى، وتحديداً السعودية والإمارات ومصر، ومن ثم جاءت القمم التى عقدها الرئيس الأمريكى ترامب فى «الرياض»، التى رسمت خطوط التحالفات الجديدة فى المنطقة، والتى لم يتكشّف منها سوى شق يسير هو إعادة دويلة قطر إلى حجمها الطبيعى، وربما إلى ما هو أقل من ذلك بكثير، مع جنى «واشنطن» عوائد هذه التغيرات مئات مليارات الدولارات.
نقلا عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع