الأقباط متحدون - برلمان عبدالعال والحوار الحلال!
  • ٠١:٠١
  • السبت , ٢٤ يونيو ٢٠١٧
English version

برلمان عبدالعال والحوار الحلال!

مقالات مختارة | بقلم مفيد فوزي

٠٠: ٠٩ ص +02:00 EET

السبت ٢٤ يونيو ٢٠١٧

مفيد فوزي
مفيد فوزي

بغض النظر عن طبيعة القضية المنظورة تحت قبة البرلمان، سياسية جادة كتيران وصنافير، أو هزلية خادشة للحياء العالم كالكشف على عذرية بنات الجامعة (!)، فإن المطلوب هو الحد الأدنى من الصوت وتتولى الميكروفونات المثبتة أمام الأعضاء الموقرين إيصاله لكل الآذان المصغية. أقول هذا لأن آفة برلماننا أننا (نتكلم جميعاً فى صوت واحد وأحياناً نتشنج جميعاً على وتيرة واحدة) فلا الأعضاء يفهمون ما يقال ولا المنصة تعى فحوى ما يقال. بغض النظر عن جدية الموضوع أو عبثيته فليس مقبولاً هذا الكم من الضوضاء الذى يخالف الحدود المقبولة، ولا مقبولاً الانقسام والتخوين والاتهام بالعمالة. هذه سمات مرذولة صاحبت الثورة الينايرية ولكنها مازالت حاضرة. أتفهم جيداً نشوب مناقشة فى حى شعبى تتحول إلى مشاجرة بالأيدى وسباب بالأم والأب يصاحبها صراخ نسوة وعويل أطفال ووصول بوكس الأمن متأخراً بعد سقوط ضحايا.

ولا أتفهم حدوث مناقشة بين أعضاء برلمان عريق يشتعل فيها الحريق وتتحول إلى معركة تتساقط فيها القيم والهامات والقامات وينقسم «ممثلو الشعب» إلى شرفاء وخونة. فى برلمانات سابقة كان رئيس المجلس «سرور». كان صقر قانون له هيبة وكان هناك نجم البرلمان وكل برلمان الذى «يزغر» بعينيه أو «يزجر» بيديه!، إنه تربية برلمانات كمال الشاذلى! ولكن الأمر المحال فى برلمان عبدالعال هو سوء الأحوال والكثير من الضلال والخروج عن النص بغليظ الأقوال ومعيب الأفعال، حتى أكاد أجزم أن نصف المجلس يعانى من التهاب فى الأعصاب وضغط وسكر وبحاجة إلى أمصال.

للأمانة والتاريخ، فإن فى برلمان عبدالعال أعضاء لهم عقول أعرفهم بالاسم وأظن أنهم فى الخناقات العبثية وتبادل الاتهامات يتوارون، وفى محاوراتهم يدخلون وبالصمت يحتمون!، وما البرلمان إلا جزء عزيز من هذا الشعب الذى طالته هذه العاهات الاجتماعية، وإن كنت أعتقد أن برلماناً جاء بعد ثورتين يكتسب مناعة وقادر على التصدى بالرأى والصواب وإعمال العقل والمنطق.

لو كنت حاضراً مناقشة «جنسية تيران وصنافير» ورأيت صور الاشتباكات والاعتداءات والألفاظ النابية المتطايرة وخلع الجاكيتات تمهيداً لمعارك وتحطيم ميكروفون المنصة، ومغادرة رئيس المجلس الجلسة بعد أن ساد الهرج والمرج وكتابة استقالات مسببة والقبض على العشرات، لو كنت حاضرا لاستدعيت فتحى سرور فى خيالى وترحمت على كمال الشاذلى، وكنت قد رددت «عيب. عيب. عيب».. وهى كلمة تقال لتلامذة ثانوى أشقياء وليس لأعضاء برلمان لم يصل بعد للحوار الحلال فى برلمان عبدالعال. فالحوار الحلال هو النقاش الهادئ بعقلانية ومنطق. هل أنا أستخدم كلمة المنطق فى موضعها أم هى رفاهية بعيدة المنال؟. وأنا تلميذ فى بنى سويف الثانوية التحقت بجمعيتى الصحافة والخطابة وأتذكر أن أول درس فى الخطابة هو كيف أتعلم الإصغاء للآخر، وتعلمت كيف الرد بصوت منخفض واضح، وتعلمت كيف أفند الحجج بحلاء يخاصم الغموض، وتعلمت كيف أتجنب المزايدة فهى بئس أدوات النقاش، وتعلمت كيف أخاطب المنصة ولا أقاطع أحداً. تعلمت كيف لا أسفه من رأى غيرى. وقد سرت على هذا الدرب قرابة 20 عاماً وأنا أقدم حديث المدينة أول توك شو من الشارع.

نعم، كان زمناً جميلاً لأنه كانت هناك «عقول تتكلم وآذان تسمع» فهل المنحنى فى سقوط وكنت أحسبه فى صعود؟ أنا - مرة أخرى - لا أناقش مصرية الجزر أو سعوديتها وإن كنت أرى عواراً فى التوقيت والإخراج. أنا أناقش أدبيات الحوار فى برلمان عبدالعال. أنا أناقش الأسلوب والكيفية ورد الفعل وحجم المنطق والتوثيق الصحيح، وأطرح على نفسى أسئلة من باب أدب الحوار:

1- هل أنا متشائم من أحوال برلمان عبدالعال، حيث عقم الجدل وعنف الجدال؟

- لا.

2- هل أنت متفائل بعد غياب المنطق الحلال فى برلمان عبدالعال؟

- لا.

3- هل نحن ظاهرة صوتية يحكمنا «خدوهم بالصوت» فى برلمان عبدالعال؟

- لا.

4- هل الطرد من القاعة والمحاكمات التأديبية يمنعان الضلال فى برلمان عبدالعال؟

- لا.

5- هل التوبيخ والحرمان من الجلسات يعيدان للمجلس هيبته؟

- لا.

6- هل البرلمان القادم سيتعلم من برلمان عبدالعال التحضر والاعتدال وصبر الجمال ورفض التخوين، آفة الأهوال، فلا سب ولا سباب عمال على بطال، ولعل هذا هو المنال فى الغد القريب والبعيد حيث يتصدى البرلمان لكل صور الضلال فى الدين والسياسة وكل أساليب الاستهبال لأنه لن يكون برلمان أشبال؟

- نعم.

فى الشأن العام:

■ لم تصل المطافئ فى الوقت المناسب عندما نشب حريق فى دير القديسة دميانة مركز بلقاس فى الدقهلية «تكرر 3 مرات» فاحترق الدير كله!! «عيب ما يصحش».

■ لم يحضر وزير الصحة اجتماعاً واحداً للحد من الكثافة السكانية. حضرت بنفسى 3 اجتماعات ولم يحضر صاحب المعالى! «عيب ما يصحش».

■ فى مطار القاهرة صالة 3 حوالى 17 شباكاً لإنهاء جوازات العائدين من السفر. لا يعمل فيها فعلياً - وأشهد على ذلك - سوى 3 شبابيك، ويتكدس الركاب العائدون لأكثر من طائرة فى حالة لا تطاق «عيب ما يصحش».

■ عندما يراهن الرئيس على وعى المصريين لاستيعاب أحداث مصر الاقتصادية، فإن السؤال: أين الإعلام الذى يمول المصريين ويحقنهم بالوعى. إنه شاشة التليفزيون المصرى الذى تنظر له الدولة كعجائز الفرح!! «عيب ما يصحش».

■ ممنوع وقوف أى سيارات أمام باب الوصول فى مطار القاهرة لدواع أمنية مفهومة، ولكن عندما أرى سيارات عادية تقف أمام الباب فأنا أسأل «الأمين» الذى يسمح أو يمنع السيارة التى تحاول اختراق الكوردون: «عربيات من دى؟».. فيرد: دى يا أفندم «مأموريات».. إنها إجابة لإخراسى، وأعتقد أنها سيارات أفراد لهم مكانة فى المجتمع ولا أزيد حرفاً! «عيب ما يصحش».
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع