الأقباط متحدون - أصوليات هذا الزمان:اختراق الحريديم (24)
  • ١١:٢٨
  • الأحد , ٢٥ يونيو ٢٠١٧
English version

أصوليات هذا الزمان:اختراق الحريديم (24)

مقالات مختارة | بقلم : مراد وهبة

٢٨: ١٠ م +02:00 EET

الأحد ٢٥ يونيو ٢٠١٧

مراد وهبة
مراد وهبة

 إذا كان الحريديم نسقاً مغلقاً.. فهل فى الإمكان اختراقه؟

 
للجواب عن هذا السؤال يلزم التنويه بأن الحريديم الذى يمثل التيار السلفى فى راديكاليته ينظر إلى الذين يتلاءمون مع الثقافة المعاصرة على أنهم «ضعاف» بسبب عجزهم عن كبت رغباتهم التى تنجذب نحو المغريات والملذات التى تموج بها ثقافة هذا العالم فى بُعدها السيكولوجى. ومن هنا يمكن القول بأن الأصولية اليهودية تنطوى على صراع سيكولوجى أكثر مما تنطوى على صراع اجتماعى، بمعنى أنه بسبب عنف مغريات الثقافة المعاصرة حاول اليهود الأرثوذكس البحث عن طرق للدخول فى الحداثة التى تمثل الروح المعاصرة فى هذا الزمان دون التخلى عن حرفية الشريعة. إلا أن هذه المحاولة قد دفعت الحريديم إلى التشدد فى فهم الشريعة إلى الحد الذى تجاوزوا عنده أى بارقة أمل فى التكيف مع الثقافة المعاصرة وذلك بالدعوة إلى مزيد من الزهد والتقوى.
 
ومع ذلك فإن بعضاً من الحريديم قد ارتأى أنه فى الإمكان التعامل مع التكنولوجيا المعاصرة دون الإخلال بالتقوى ومع المحافظة على الرؤية الكونية المتزمتة. إلا أن البعض الآخر قد تخوف من مزالق هذا التكيف. ومن هنا اشتد الهجوم على العلمانية وعلى الحوار مع الثقافات حتى يمتنع اجتثاث جذور الماضى، ومن ثم اتهم مَنْ يعترض على هذا الهجوم بأنه يرتكب أبشع معصية دينية. ومن هنا أيضا امتنع الحريديم عن الذهاب إلى أمريكا بدعوى أن الحياة فيها من شأنها أن تؤدى إلى القضاء على الحياة اليهودية ذاتها، كما أنهم امتنعوا عن الذهاب إلى فلسطين بدعوى أنها تلوثت بالاشتراكيين والملحدين. ولكن مع انتهاء الحرب العالمية الثانية لم يكن أمامهم سوى الهجرة إما إلى أمريكا وإما إلى إسرائيل. ومع ذلك فإن الحريديم بمجرد وصولهم إلى أمريكا كانوا حريصين على بناء مؤسسات خاصة بهم والتركيز على تراكم رأس المال من خلال تجارة الماس والإلكترونيات والتقوقع داخل تجمع يهودى بحت دون الإخلال بممارسة حقوقهم فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية، ومن ثم أُجبر المرشح الأمريكى- سواء كان مرشحاً للرئاسة أو مرشحاً للكونجرس- على تلبية طلباتهم من أجل الفوز فى الانتخابات. وهذا هو مغزى مصطلح «الصوت اليهودى».
 
هذا عن الحريديم فى أمريكا.. فماذا عن الحريديم فى إسرائيل؟
 
إنهم ذهبوا إلى إسرائيل بدعوى أن إسرائيل أرض مقدسة فى انتظار مجىء المسيا الذى هو المسيح من أجل تحقيق الخلاص النهائى لليهود. ومع ذلك فإن الحريديم كانوا على قناعة بأن دولة إسرائيل، فى النهاية، هى دولة علمانية ومحكومة بحزب اشتراكى معادٍ للدين. إلا أن هذه القناعة لن تكون مانعاً من مقاومة الدولة الإسرائيلية العلمانية، بالحياة فى عزلة، أى فى جيتو. مع طرد أى يهودى لا ينتمى إليهم. إلا أن هذه العزلة لم تمنعهم من التأثير فى الحياة السياسية. فقد كانوا على وعى بأنه فى الدولة الديمقراطية تكون قوة الأغلبية محكومة بالأقلية بشرط أن تكون هذه الأقلية مقاومة بعنف ضد مسائل معينة تكون مهددة لهويتهم وكيانهم.
 
والسؤال بعد ذلك:
 
هل ثمة أصوليات يهودية غير الحريديم؟ وإذا جاء الجواب بالإيجاب فما الفرق؟
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع