
نهاية الإرهاب.. ونهاية الأسانيد «33»
مقالات مختارة | عادل نعمان
الخميس ٢٩ يونيو ٢٠١٧
يؤكد التاريخ أن إرهاب الإسلام السياسى قائم منذ قرون مضت، ودائم دوام ربط الدين بالسياسة، وخالد خلود فكرة الإسلام دين ودولة، وباقٍ بقاء تكليفهم بإقامتها مهما كان الثمن المدفوع حتى لو كان كل البشر، ومستمر استمرار رهانهم على غزواته وفتوحاته لإقامتها. وحقيقة الأمر أن النبى أقام دينا داخل قبيلة ولم يُقِم دولة، حتى وإن كبر حجمها، فقد كان هو النظام السياسى المتاح عندئذ، ولو كان الأمر غير ذلك، لكان أَوْلَى بالنبى فى مدة الرسالة أن يضع ضوابط للحكم والخلافة لدولة عصرية المقام، ونظاما معتبرا من السماء، له كيان دائم وثابت ومتطور، يأخذ من الله العلم الأصلح من العلم البشرى، يتفوق عليه ويسبقه، وينعم فيه المسلم بنعيمه أكثر من غيره شكلا وموضوعا، وليس على النحو الفاشل الذى يتبناه المسلمون منذ عصور، ويكون كضوابط النكاح والسبايا والغنائم ودخول الخلاء، فكيف ذلك، ولم يضع النبى أساسا لاختيار مَن يخلفه فى إدارة شؤون البلاد، وهو الأساس الذى يُبنى عليه نظام الحكم؟! إلا أن أصحاب فكرة الجهاد لهم رأى آخر، وهو أن النبى أقام دينا ودولة، وساروا بنا فى طريق شائك إلى هذا الخراب والدمار على يد الدواعش، آخر الأحفاد الآن، والبقية تأتى، وكان سندهم على الوجه التالى.. حين كان النبى بمكة مستضعفا وجب عليه التسامح مع أهلها، ولقد اختلف الأمر فى حالة الاستقواء بالمدينة، فنزلت الآيات التى تحرضهم على القتال: (واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم)، ثم فرض الجهاد على المسلمين، على كل قادر:
(وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين)، والآية: (سألقى فى قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان)، والآية: (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق)، حتى نزلت آية السيف، التى فتحت باب الجهاد ضد الجميع، مُعاهَدا وغير مُعاهَد: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم وأحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخَلُّوا سبيلهم إن الله غفور رحيم)، وكانت الآية الفاصلة التى بُنى عليها أمر البشرية حتى يومنا هذا: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون)، فكان هذا منهج الحكم بعد الرسول، وهو منهج لا يجوز أن ينتهجه أحد من خلفائه، فقد كان خاصا به وليس لغيره، فإذا كان ما قام به وحيا فقد انقطع وحى السماء إلى الأرض، ولا يحق لأحد أن يرث الوحى من بعده!!. لكن للأسف ورثه الخلفاء من بعده فى إقامة الحكم والسلطان، فكانت حروب مانعى الزكاة، والتى سُميت خطأ «حروب الردة»، وهى بداية الإرهاب السياسى، فقد أُبيحت الأنفس والأموال تحت دعاوى: «والله لو منعونى عقال بعير كانوا يؤدونه لرسول الله لحاربتهم عليه»، ولم نسمع ولم نقرأ عن حكم يُجاز فيه قتل مانع الزكاة، وإباحة دمه وماله وعِرضه، وكانت هذه الحروب لبنى أمية والعباسيين والوهابيين والدواعش، وستظل حتى نهاية العمر، ملاذا ومتنفسا وسندا فى الحكم والسيطرة والإبادة، تحت دعاوى إقامة حكم الله أو دولة الخلافة.
نقلا عن المصري اليوم