الأقباط متحدون - شرطان بين الشروط الخليجية الثلاثة عشر هما موضع جدل خاص
  • ٠٧:٥٣
  • الجمعة , ٧ يوليو ٢٠١٧
English version

شرطان بين الشروط الخليجية الثلاثة عشر هما موضع جدل خاص

ميشيل حنا حاج

مساحة رأي

٠٩: ٠٩ ص +02:00 EET

الجمعة ٧ يوليو ٢٠١٧

قطر
قطر

المفكر والكاتب ميشيل حنا الحاج
بينما  قد تثير بعض الشروط  في مطالب الدول الخليجية جدلا حول الحق في طرحها، وما اذا كانت تمس بالسيادة القطرية أم لا، ومنها حق قطر في الاستعانة بالجيش التركي، وحقها باقامة علاقة سياسية او غير سياسية مع ايران، فان هناك شرطان هما اكثر الشروط غرابة، وهذان الشرطان يتعلق أحدهما بالتوقف عن دعم الارهاب، والثاني يتعلق باغلاق قناة الجزيرة.

ليس هناك خلاف بين اي من الدول، بما فيها قطر، على وجوب التوقف عن تقديم الدعم المالي والتسليحي للارهاب والارهابيين. فهذا ما تعلنه قطر منكرة وجود دور لها في تقديم دعم ما لهذا أو لذاك.  وهذا الانكار، هو بمثابة الموافقة القطرية الضمنية على شجب ذاك الدعم، والاستعداد المبدئي لأن تلتزم قطر بشجبه، علما أن بعض دول الخليج لا تعتد بموافقات قطر المعلنة، لكونها قد تعهدت سابقا بشيء كهذا في عام 2013 ، ومن ثم مرة أخرى كتابة وبحضور أمير الكويت في عام  2014 . ولكن ولغايات الدقة، كان يفترض مطالبة كلا من السعودية وقطر بوقف تمويل العمليات الارهابية.  فالخطأ في صياغة هذا البند بين الشروط الخليجية، هو كونه يطالب قطر وحدها بالتوقف عن دعم الارهاب، فلم تتم صياغته بشكل مطلق، يطالب كل الدول والمؤسسات وخصوصا الخليجية منها، بالتوقف عن دعم الارهاب. فالبند  في صياغة مرنة كهذه، كان سيجعله أكثر قبولا واستجابة من قطر. 

ذلك أن السعودية، بين دول الخليج، قدمت أيضا وربما لم تزل تقدم الدعم للارهاب والارهابيين. والجميع يعرف مدى الدعم المالي والتسليحي الذي قدم للمجاهدين الأفغان لدى حربهم ضد التواجد السوفياتي في أفغانستان، وهو الدعم الذي  حول المجاهدين بعد خروج السوفيات، الى تنظيمات ارهابية ترتع بنعم الدعم السعودي الذي ظل قائما حتى بعد أن أسس المجاهدون تنظيم القاعدة، الذي سرعان ما فجر البرجين في نيويورك عام 2001، وتسبب بمقتل ثلاثة آلاف أو أكثر، بات لذويهم الآن بموجب قانون جاستا، الحق بمطالبة السعودية بالتعويض لأسر الضحايا، على ما الحقوه بعائلاتهم من ضرر.

ولا يجوز أن ننسى الدور السعودي، مع بداية الحرب الارهابية في سوريا عام 2011، في اذكاء نيران تلك الحرب وابقائها مشتعلة، وهو الأمر الذي لعب فيه دورا  رئيسيا الأمير بندر بن سلطان، رئيس المخابرات السعودية، عندما جند الآلاف من المرتزقة  وأرسلهم الى سوربا لمقاتلة الحكومة الشرعية القائمة. ومع تواجد كل أولئك المرتزقة في سوريا بتمويل وتسليح سعودي، تحولت سوريا الى ماكنة لتفريغ الارهاب الذي عم وانتشر وبات يهدد العالم كله.

قطر اذن مذنبة بدون شك،  لكنها ليست الدولة الوحيدة المذنبة، بين دول الخليج على الأقل،  والتي تقدم الدعم للارهاب. ولذلك كان يفترض ولغايات الدقة والموضوعية، أن تطالب بموجب ذاك البند، كلا من قطر والسعودية، بوقف تمويل العمليات الارهابية، علما أن السعودية ما زالت تمول جيش الاسلام المقاتل في سوريا، وهو جيش طالما اعتبرته سوريا، بل وروسيا أيضا، بأنه جيش ارهابي كالنصرة وداعش، علما بأنه يقوم حاليا بقصف المدنيين في "دوما" القريبة من دمشق.

والأمر لا يختلف بالنسبة للبند المتعلق بقناة الجزيرة  والمطالب باغلاقها.  ففي ذلك تعد واضح على حرية الرأي، علما أن قنوات المملكة السعودية التليفزيونية، ليست أقل تهجما على قطر من تهجم قناة الجزيرة على المملكة السعودية وعلى دولة الامارات.  والواقع أن التهجم الاعلامي القطري عبر قناة الجزيرة، وربما التزييف الاعلامي القطري عبر تلك القناة، أمر لا يحتاج لمعاقبته والحد منه،  اغلاق قناة الجزيرة. اذ كان يمكن الاكتفاء بالتشويش على القناة، أو بمناشدة الرعايا الخليجيين بعدم مشاهدة تلك القناة.

والواقع أن عدم المشاهدة والمتابعة لبرامج القناة،  سلاح فعال لجأت أنا اليه منذ عام 2012 بعد أن كنت من أكثر المتابعين لقناة الجزيرة  منذ    انطلاقها في أوائل التسعينات. الا أنني توقفت لاحقاعن مشاهدتها نهائيا، عندما انكشف لي وللكثيرين، لجوء الجزيرة أحيانا للمبالغة والتهويل في صياغة تقاريرهم، بل ولجوئهم أحيانا لفبركة بعض التقارير. فبعد انكشاف هذه الحقائق مبينة  نهج الجزيرة الخاطىء، لجأت الى المقاطعة كحل للابتعاد عن التضليل المتعمد.  وقد فعل ذلك الكثيرون من أصدقائي الذين قاطعوا قناة الجزيرة مقاطعة تامة، وكان يجدر بدول الخليج  أن تحث الناس على المقاطعة، علما أن قنوات بعض الدول الخليجية وخصوصا قنوات السعودية، لا تقل تحيزا واندفاعا في مؤازرة مواقف حكومتهم  من باب أنصر حكومتك ظالمة كانت أو مظلومة. والواقع  أن موقف قناة أم بي سي السعودية المستقلة، التي أفرزت لاحقا قناة العربية لتنافس قناة الجزيرة، لا تقل انحيازا أحيانا في تقاريرها، الى جانب الموقف السعودي الرسمي، رغم كون العربية يفترض بها أن تكون مستقلة، رغم كونها مملوكة لسعوديين لكن ليس للحكومة السعودية.

لكن الأغرب من مواقف قنوات السعودية واحيانا قنوات الامارات، موقف قناة سكاي نيوز عربية، المملوكة من بريطانيين، والتي تبث من أبو ظبي.  فسكاي نيوز عربية يملكها بريطانيون، تماما كقناة بي بي سي التي يملكها أيضا بريطانيون، بل وتملكها الحكومة البريطانية.  فرغم المؤازرة الضمنية للمطالبة  بوقف تقديم الدعم للارهاب، الا أن بي بي سي تقدم تقريرها حول هذا الخلاف الخليجي ، بنهج ايجابي وموضوعي، خلافا لقناة سكاي نيوز عربية التي يفترض بها أنها بريطانية، وينبغي أن تكون موضوعية ولو الى حد ما. فهذه القناة (سكاي نيوز عربية والتي يديرها الأردني السيد نارت بوران) تقدم تقاريرها حول أزمة دول الخليج مع قطر، باطار فيه شبه وضوح بانحيازها للجانب الخليجي، يرافقه تشدد شبه واضح في لوم قطر وتحميلها الكثير من المسؤولية عما حدث ويحدث في الخليج. ولعل ادارتها من قبل مواطن عربي، دفعها لسلوك بعض التشدد في معالجة القضية والتعاطف مع دولة الاقامة، وعدم الاكتفاء بالحياد البريطاني المعروف في التعاطي مع امور كهذه.

لكن الأمر الأكثر وضوحا في هذا النزاع، أن دولة قطر هي أكثر دول المنطقة تضررا منها، وأن أكثر الدول استفادة منها هما تركيا وايران.  والواقع أن جمهورية مصر العربية هي أيضا من أكثر الدول المعنية بالصراع،  واكثرها استفادة من مجرياته. ذلك أن مصر تعاني الكثير من قطر، ومن ذلك تواجد القرضاوي في الدوحة،  وتواجد قيادات الاخوان المسلمين وقيادات حماس فيها أيضا. كما تعاني من الدعم القطري للاخوان الناشطين في الداخل المصري، وللدواعش وغيرهم المتواجدين في سيناء، اضافة الى كونها تعاني من الدعم الذي تقدمه قطر للمعارضة الاسلامية المسلحة المتواجدة في ليبيا، والذين يقدمون الدعم والتدريب لأعضاء الاخوان المسلمين المصريين.  كما يسهامون في نقل الأسلحة من ليبيا الى دواعش سيناء. ومن هنا قد يؤدي التوصل الى نتائج ايجابية في هذا الصراع، الى بعض التراجع في المواقف القطرية، لتحقيق مصالح جدية لمصر، وخصوصا لأقباط مصر، ومنها التخفيف من حدة العمليات الارهابية ضد الشعب المصري سواء في سيناء أو في داخل المدن المصرية.

الاعلامي العربي الأول والمميز لعام 2017 كما أعلن  الا تحاد العام للاعلاميين العرب.
مستشار في المركز الأوروبي لمكافحة الارهاب والاستخبار - برلين
      

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع