الأقباط متحدون - تيريزا المصرية من أستاذة بالجامعة الأمريكية إلى راهبة في خدمة الفقراء| فيديو
  • ١٥:٢٤
  • الاثنين , ١٧ يوليو ٢٠١٧
English version

تيريزا المصرية من أستاذة بالجامعة الأمريكية إلى راهبة في خدمة الفقراء| فيديو

أخبار مصرية | الأهرام

٣١: ٠٢ م +02:00 EET

الاثنين ١٧ يوليو ٢٠١٧

تيريزا المصرية من أستاذة بالجامعة الأمريكية إلى راهبة في خدمة الفقراء
تيريزا المصرية من أستاذة بالجامعة الأمريكية إلى راهبة في خدمة الفقراء

المصرية القبطية ماجدة جبران، أو ماما ماجي كما يطلق عليها أحبتها، هي حالة إنسانية متفردة قلما نجد مثيلًا لها في عالم بات يضج بالعنف والحروب؛ غير مبال بأنات المحتاجين وعوز الفقراء والمهمشين، تركت حياة الترف كونها أستاذة بالجامعة الأمريكية وتفرغت لخدمة الفقراء في الأحياء الأكثر فقرًا، وذلك منذ أكثر من 30 عامًا، حتى وصلت عدد فروع مؤسستها "ستيفنز تشيلدرن" إلى 91 فرعًا.

ترشحت ماجدة جبران لجائزة نوبل للسلام أربعة مرات، الأمر الذي جعلهم يطلقون عليها لقب الأم تيريزا المصرية تشبيهًا لها بالأم تيريزا الألبانية الأصل، والتي فازت بجائزة نوبل للسلام عام 1979 تتويجًا لعملها الإنساني.

مؤخرًا تُوج مشوارها الإنساني بجائزة صناع الأمل في مايو الماضي، والتي سلمها لها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي.

تقول الأم تيريزا المصرية لـ "بوابة الأهرام"، إن جائزة صناع الأمل، والتي ترشح لها 65 ألفا من 22 دولة عربية، هي هبة من الله للفقراء، وهي تاج على رأسها من دولة الإمارات، لافتة إلى أن من رشحت اسمها لتلك المسابقة شابة هاتفتها وأخبرتها أنها تنوي ترشيح اسمها وسألتها هل تقبلين؟ وقد قبلت وقلت لها لا مانع.

تضيف ماما ماجي "نسيت أمر المسابقة وانهمكت في عملي، ثم فوجئت بهاتف من القائمين على المسابقة يطلبون مني الاستعداد للسفر وحضور الاحتفالية بدبي ولم يخبروني وقتها بكوني فزت، فرشحت لهم إحدى مساعداتي فأخبروني بالرفض طالبين مني الحضور بشكل شخصي، وتحكي عن لحظة نطق اسمها قائلة، كنت بين الحضور ثم نطقوا اسمي قائلة: لحظة صعودي على خشبة المسرح لتسلم الجائزة من حاكم دبي كانت لحظة سعيدة مرت على قلبي بفرح كبير، وظللت فترة كبيرة لا أصدق ذلك.

التقت "بوابة الأهرام" بماما ماجي في حي "الزبالين" أحد أفقر الأحياء بالقاهرة، حيث يمتهن أهله مهنة جمع القمامة من أحياء العاصمة وتخزينها وفرزها والربح من تجارتها فهي مصدر دخلهم الوحيد، وهناك يستقبلها الصغار والكبار بعيون تلمع حبًا لها وقلوب تنبض بالعرفان، يهرولون ناحيتها مقبلين يدها، يحيطون، بها تسألهم عن أحوالهم وكأنها تعرف واحدًا واحدًا بينما تطوق أذرعهم الصغيرة كتفيها.

أمام أحد أفرع مؤسسة ستيفن تشيلدرن، التي أسستها بحي الزبالين ضمن 92 فرعًا آخرين منتشرين بأنحاء مصر، كان الجميع في انتظار الأم تيريزا المصرية، وعلى رأس الشارع تظهر صاعدة على ظهر عربة خشبية فقيرة "كارو" يجرها حمار وهي مخصصة لنقل القمامة ويقودها "زبال"، يحيط بها العشرات تلقي عليهم ماما ماجي الحلوى وتباركهم بالدعوات، وعلى وجهها الملائكي لا تختفي ابتسامتها، وتقول أجلس بجوار عامل القمامة لأشعره بقيمة عمله، وقيمة وجوده في الحياة، وأن عمله شريف لا يخجل منه.

تنزل ماما ماجي من على ظهر العربة الفقيرة، وتسير عدة خطوات حتى باب المؤسسة بلباسها الأبيض الذي لا ترتدي غيره لونًا، واضعة وشاحًا أبيض على رأسها تنسدل منه عدة خصلات صفراء ممزوجة بالبيضاء، ملامحها بريئة وجميلة تشي بأرستقراطية ورقي لازالا عالقين في حنايا صوتها الهادئ المتزن.

يلقبونها بأم القاهرة الخيرة وكذلك بالقديسة ماجي ولكنها تحب لقب ماما فهو يعني لديها الحب والمودة، وقد اختارت العمل الإنساني منذ 30 عامًا تاركة حياتها المترفة، وكذلك عملها كأستاذة لعلوم الحاسب الآلي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، لتكون عونًا للفقراء ويدًا طيبة تطبطب على آلامهم.

وبمجرد دخول ماما ماجي من باب مؤسسة ستيفنز تشيلدرن تخر ساجدة على الأرض شاكرة لله؛ ثم تجلس بجانب حوض مثبت فوقه صنبور، وعلى الجدار مثبتة لوحة كبيرة لعيسى عليه السلام في العشاء الأخير وهو يغسل أقدام تلاميذه، ويعد ذلك من الطقوس المتعارف عليها في الديانة المسيحية كدلالة على التسامح والمحبة.

ينتظر ماما ماجي أطفال صغار من حي الزبالين الفقير ملابسهم رثة وأقدامهم متسخة من أثر اللعب والتجوال بالشوارع المصفوفة على جنباتها أكياس معبأة بالقمامة، تجلس على مقعد واضعة فوق ركبتيها "شرشف" للتجفيف ثم يجلس أمامها الأطفال واحدًا تلو الآخر على مقعد مواجه لها، تغسل أقدامهم بعناية فائقة بالماء والصابون وتجففها، ثم تحضر لها إحدى المتطوعات صندلًا جديدًا وقبل أن تضع قدم الصغير فيه تكون قد قبلتها بكل تواضع، وبعد أن تنتهي تلك السيدة الحنون من عملها تنتقل إلى مكان آخر لاستقبال أطفال المؤسسة والاحتفال معهم حيث يغنون أغان وطنية تهز الوجدان رافعين علم مصر.

وتقول ماما ماجي، إن غسل أقدام الأطفال هو عمل تترفع فيه عن غرور نفسها، وتعلم الطفل رسالة إنسانية في التواضع والتسامح، لافتة إلى أن الأمر أشبه بغسيل الروح من ذنوبها، وأن الجميع أمام الله سواء.

نشأت ماما ماجي في أسرة ميسورة الحال بنجع حمادي بمحافظة قنا، لأب كان يعمل طبيبًا تعلمت على يده الخير ومساعدة الفقراء والمحتاجين، أسمته جدتها جبران، حيث جبر الله بخاطرها لأنه كان الطفل الوحيد الذي عاش لها بينما مات جميع أطفالها عقب ولادتهم، وتقول ماجي عن والدها، تعلمت منه الهدوء والتفاني والاتزان الروحي وحب الناس، ولا أنسى أبدًا طوابير انتظار المرضى المحتاجين أمام عيادته التي كانت في نفس المنزل الذي كنا نسكن فيه.

قبل أن تنتقل ماما ماجي مع أسرتها إلى القاهرة في سن السابعة، كانت عمتها هي الأخرى تحب العمل الإنساني وتكرس كل وقتها لخدمة الفقراء المترددين على عيادة شقيقها تقدم لهم الطعام وتعلمهم تعاليم الدين المسيحي، فتعلقت بها الصغيرة ماجي ولم تكن تفارقها أينما ذهبت.

كانت هناك فارقة في حياة ماما ماجي هي التي جعلتها تختار العمل الإنساني وتمنحه وقتها ومالها حيث قالت لـ"بوابة الأهرام"، عقب وفاة عمتي تساءلت من سيعطف على هؤلاء الغلابة ويحنو عليهم، وبعد مرور سنوات عقب انتقالي إلى القاهرة اصطحبني صديق إلى أحد الأحياء الفقيرة ورأيت كثيرا من الصور الإنسانية الموجعة لأطفال محتاجين، وشدني طفل يقسم قطعة الخبز التي حصل عليها ويحتفظ بها ليمنحها لشقيقه بالمنزل حينما يعود فأوجعني هذا المشهد بشدة، لافتة إلى الرائحة الكريهة لهذه الأحياء الفقيرة والتي جعلتها لا تنام ثلاثة أيام وهي تفكر كيف يعيش فيها الناس، وتقول تعلمت من الأطفال الكثير، هؤلاء الذين يعيشون وسط القمامة ويأكلون منها وتدوس أقدامهم على الزجاج ويتعرضون للإصابة بالجروح.

وعن سر ارتدائها اللون الأبيض دون غيره تقول، كان ذلك بسبب تأثري بطفلة كانت تبلغ من العمر 14 عامًا ولاحظت أنها لا تلعب مع رفقائها فسألتها عن سر ابتعادهم عنها فقالت أنه بسبب ارتدائها ثوب واحدا لا تملك غيره، فأجبتها أن الإنسان ليس بظاهره بل بما داخله من خير وبر، وأخبرتها أنني سأعقد معها اتفاقًا بأن أرتدي أنا الأخرى زيًا واحدًا طيلة أسبوع بعدها نصبح أصدقاء فوافقت الطفلة المسكينة، وبعدها أعجبتني الفكرة وأصبحت منذ ذلك الوقت لا أرتدي سوى الزي الأبيض.

تطلق ماما ماجي اسم ستيفنز تشيلدرن على مؤسستها الخيرية تيمنًا باسم القديس اسطفانوس الذي تعرض للاضطهاد وكانوا يضربونه بالحجارة، وتقول: لقد أن الأطفال كذلك مثله يتعرضون للاضطهاد والقهر والمعاملة السيئة، وأنه برغم ما عاناه هذا القديس إلا أنه أكمل مشواره واستمر في العطاء، وتلفت إلى أن مؤسستها الخيرية شاملة جامعة تنموية فهي تهدف إلى تعليم الطفل وتهذيبه وتقويمه النفسي وكذلك عائلته، وتقديم الرعاية الصحية ثم إعداده لمواجهة المجتمع، وتعليمه حرفة يشق بها طريقه ويوفر منها قوت يومه.

يوجد بمؤسسة ماما ماجي دور رياض أطفال يتعلمون فيها على يد شباب متطوعين اللغة العربية والإنجليزية، ويتمتعون كذلك بأنشطة فنية مثل الرسم والموسيقى والغناء، وكذلك لا تنسى المؤسسة رعاية الكبار وتعليمهم حرف يدوية مثل تصنيع الأحذية للرجال، وحياكة الملابس للنساء، وذلك لتوفير فرص عمل لهم، حيث تؤكد ماما ماجي أن كثيرا من الشباب استطاعوا بعد تدريبهم في المؤسسة عمل مشاريع خاصة بهم وتوفير فرص عمل لشباب آخرين.

ماما ماجي، هي زوجة لطبيب وأم لفتاة وشاب اختار أن يكون راهبًا وقدرت له ذلك متمنية أن يعرف عن الله الكثير، كذلك يساعدها في عملها الخيري شقيقها طبيب القلب نبيل جبران؛ كما يلتف حولها أصدقاء لها يساعدونها ويمدون لها يد العون والمساعدة، وتقول ماما ماجي: يعمل بمؤسسة ستيفنز تشيلدرن الخيرية البالغ فروعها أكثر من 90 فرعًا أكثر من 1600 شاب وفتاة متطوعين يقبلون على العمل الإنساني معها بكل حب وتفاني.
 









تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.