شرفت بحضور اللقاء المفتوح للدكتور مصطفى الفقي مدير مكتبة الإسكندرية الجديد مع عدد من المثقفين والأكاديميين والنخبة السياسية، للاستماع إلى آراءهم ومقترحاتهم بشأن دور مكتبة الإسكندرية في المستقبل، وفيه تم استعراض أنشطة ومجهودات المكتبة خلال الفترة الماضية، وفتح نقاش حول الدور المنتظر للمكتبة خلال الفترة المقبلة.
وأثيرت كثير من المقترحات لكي تتبناها المكتبة مستقبلا، وأن تكون حافظة الذاكرة الوطنية المصرية، واحتضان المواهب الجديدة في الفن والإبداع، مع عدم الزج بالمكتبة في العمل السياسي واأن تركز على الجانب الفكري وأن تحتضن الحوار المجتمعي الغائب وخاصة مع الشباب.
إلا أن هناك تحديات كبيرة لابد من مواجهته، فإذا كانت مكتبة الاسكندرية منارة المعرفة، فعليها استخدام لغة العصر في التواصل مع كل الفئات، وإذا كان هناك قصورًا في مخاطبة الشباب، فهذا يرجع إلى عدم استخدام اللغة المستخدمة لديهم، فأين المكتبة من الفضاء الالكتروني وخاصة "الفيس بوك" و"تويتر" و"انستجرام" و"سناب شات"، وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي.
وحتى الآن لا يوجد تطبيق للمكتبة يمكن استخدامه عبر الهاتف المحمول،
(Mobile app)، للتعرف على المكتبة من الداخل والخدمات المقدمة، فالمكتبة الوطنية للهند لديها تطبيق جيد جدا ويستهدف كثير من الفئات، كذلك المكتبة الصينية، وأيضا مكتبة الكونجرس، والتى لا توفر فقط تطبيقا لها، وإنما عملت على وضع تطبيق 3D يسمح للزائر بجولة تفقدية بشكل جذاب تمكنه من معرفة المحتويات وما تتضمنه المكتبة.
الأمر لا يتوقف عند وضع تطبيق للهاتف المحمول للتعريف بالمكتبة وأنشطتها فقط، بل إنه يفتح الباب لمزيد من النقاش والحوار الفعال فى كثير من الفعاليات، فعلى سبيل المثال خلال مشاركتي مؤخرًا فى منتدى الاعلام العالمى بمدينة بون الالمانية وفر المنتدى تطبيقًا يسمح للمشاركين بالتوصل مع بعضهم البعض، والتواصل مع جلسات المنتدى من خلاله سواء بالتعليق أو طلب الكلمة او التغريدات على تويتر، ومن خلال التطبيق يصبح كل شيء متاح بعيدًا عن الطرق التقليدية لكثير من الفعاليات التى يجري تنظيمها في مصر، ونفس الأمر وصلني تطبيقًا أعدته الجمعية الدولية للإيدز في مؤتمرها السنوي الذي يعقد في باريس نهاية الشهر الجاري يوفر كثير من الخدمات والأدوات الحديثة التي تجعل من النقاش أكثر ثراء، واستخدام التكنولوجيا لخدمة القضية محل النقاش.
واعتقد أنه من المهم أيضًا إتاحة المكتبة الفرصة للشباب لديها لتبادل الخبرات مع المكتبات العالمية عبر برنامج تبادل زوار، مثل كثير من المؤسسات الدولية، فمثل هذه البرامج تسمح للعاملين بالمكتبة رفع المهارات والقدرات وصقل الخبرات، والقفز على البيروقراطية والأساليب النمطية فى التعامل مع قضايا الساعة، فإذا كان هناك دعوات لكى تكون مكتبة الاسكندرية ( خلية تفكير Think tank)، لتقديم حلول وأفكار غير تقليدية لمواجهة هموم الشارع المصري، فكيف يمكن ذلك بدون الاستعانة من ذوي الخبرة مع منح الفرصة للأجيال الشبابية بالمشاركة الايجابية فى تقديم الحلول غير التقليدية، بدلا من تنظيم مؤتمرات تلفزيونية تحت مسمى "تمكين الشباب" دون إتاحة الفرصة لهم فى التواجد بدوائر صناعة القرار!
التحديات كثيرة وخاصة فى ظل استقطاب التنظيمات الارهابية للشباب، وفى ظل غلق المجال العام، وغياب البديل للعالم الافتراضي، لذا لا مفر من مخاطبة الشباب بلغة اليوم، والاشتباك مع عالمهم وتوفير بيئة ثقافية اجتماعية مختلفة تسمح لهم بالمشاركة الايجابية، بعيدا عن الطرق الكلاسيكية فى البحث عن أسباب عدم حماس الشباب للقراءة، فى الوقت الذى نجح فيه أحدهم فى بيع 15 ألف نسخة من كتابه خلال حفل توقيع فى ظاهرة محيرة نتيجة انتقاد محتوي الكتاب وضحالة اللغة المستخدمة.
الاشتباك مع قضايا الشباب واشراكهم فى تقديم حلول عبر وجودهم فى دوائر صناعة القرار هو المخرج الوحيد لمواجهة أزمات المجتمع، ودون ستظل المؤتمرات الشبابية أمورا تقليدية لا تبنى الأوطان ولا تحقق أى نجاحات بقدر ما تفتح الباب للسخط على الحكومة..
فهل تنجح مكتبة الإسكندرية فى العبور بالوطن والشباب إلى المستقبل المأمول؟!