الأقباط متحدون - امبراطورية الأكثر مبيعا..سر الصنعة للخمسة الكبار
  • ٢٢:٥٨
  • الاربعاء , ١٩ يوليو ٢٠١٧
English version

امبراطورية الأكثر مبيعا..سر الصنعة للخمسة الكبار

٢٠: ٠٤ م +02:00 EET

الاربعاء ١٩ يوليو ٢٠١٧

 امبراطورية الأكثر مبيعا..سر الصنعة للخمسة الكبار
امبراطورية الأكثر مبيعا..سر الصنعة للخمسة الكبار
القاهرة / أحمد حسن أحمد
في مصر آلاف الروائيين لكن خمسة منهم فقط لمعوا بشدة وثلاثة من الخمسة لا زالوا على القمة متوهجين وكل فترة يلمع نجم جديد وسرعان ما يهوي، يدور فى فلكهم بالقرب منهم لكنهم يتجاوزه بعدها ، فى تقديري أن السر يكمن وراء الثقافة فكل ناجح منهم أراد أن يكون مختلفا متفردا يلعب فى منطقة لا يجيدها غيره حتى لو طرقها آخرون قبله لكنه ابتكر طريقة تغليف جديدة لافكار الروائية وقدمها للقارئ فاجتذبه بمهارة .
 
وبعيدا عن مبيعات احمد خالد توفيق قديما وما حققه من نجاح مدوي دعونا نرى بالامثلة عن روائيين لا يكتبون غير فن الرواية الأدبية الطويلة وفقا للتصنيف المبدئي لعلنا نتفق أو نختلف .
 
 أولهم هو الدكتور علاءالاسواني ظهر فى 2002 بعد تجارب أدبية فاشلة لم تلق قبولا ولا استحسانا لكنه بعد ذلك نال اهتماما نقديا كبيرا وواسعا فى مصر والخارج ، فكانت روايته الأشهر عمارة يعقوبيان ومن بعدها شيكاجو ليلعب علاء على وتر جديد بحرفية بالغة بعيدا عن الكتابة الادبية المعتادة او المفردات الغنية او اي شئ ادبي بحت ، فالرجل اختار الموضوع ثم جعل البطل هو المكان ، واعتمد التشويق، ولغة الاثارة والجنس الصريح والجذب لأقصى درجة حتى لو على حساب الحبكة الدرامية احيانا , المهم ألا تترك الرواية من يدك ، نجح الرجل بامتياز وترجمت اعماله الى عشرات اللغات ونال تكريمات عديدة دولية ، لماذا نجح؟ لانه اختار ان يكتب عن حقائق لا يريد الناس تصديقها فى الواقع لا يريدون قرائتها فى جريدة او سماعها كخبر حقيقي انما فى رواية كان الامر مقبولا جدا وجاء النجاح الذي لعب عليه بذكاء وهو يكتب بقلم ولسان يخاطب الرجل الغربي ليسهل ترجمته، عينه على الغرب لا الشرق، لكن هل حافظ  علاء الأسواني على نجاحه كما بدأ ؟ هذا ما سنعرفه فى الرواية القادمة لأن روايته الاخيرة نادي السيارات ترهلت منذ المنتصف وباتت وجبة باردة بلا طعم كما نالت السياسة منه كثيرا وافقدت القارئ العربي اللهفة فى انتظار ما سيكتبه من كثرة مقالاته الصريحة المباشرة .
 
الثاني هو أحمد مراد  ظهر في 2007، اهتم النقاد ببعض اعماله خاصة بعد وصوله للبوكر ، متفرد تماما، هو البريمو بين الخمسة الكبار والفتى المدلل للقراء والاكثر انتشارا من الجميع ، كثيرون كتبوا أدب اثارة وجريمة وكثيرون رواد فى هذا المجال ، لكن التوقيت والطريقة والتشويق والتسارع لدرجة اللهاث ثم استخدام مصطلحات الشباب الجديدة والتحرر من اللغة والادب ومخاطبة الغريزة احيانا بفن محتلف ثم ابتكار موسيقى تصويرية للرواية وجلسات تصوير لموديلات تصور مشاهد منها ثم التحول للكتابة الأكثر أدبية مؤخرا مثل أرض الاله ، تلك كلها ادوات مراد للوصول الى جمهوره لتأتي السينما لتضعه على قمة الهرم بلا منافس الى الان ، هل نجح بالتأكيد نعم ونجاح باهر  وترجمت بعض اعماله ايضا، لكن هل يستمر ؟ الاجابة نعم بالطبع لأن مراد ذكي وعقليته تجارية يعرف كيف يسوق نفسه كسلعةليجذب الزبون ويحتفظ به حتى النهاية .
الثالث هو أشرف العشماوي ظهر في 2010 ، وقد لاقى اهتماما نقديا كبيرا فى كل أعماله ووصل لجائزة البوكر ايضا ونال جائزة من الدولة بعدها، هو روائي مختلف تماما عن كثيرين فى طريقة كتابته التى تتميز بالكثير من المشهدية البصرية وإن كانت أدبية فى كثير من الأحيان ، يلعب فى منطقة تبدو حكرا عليه وحده فهو صاحب لغة قوية وأسلوب أدبي جيد وايضا لديه قدرة هائلة على التشويق يعمل على تطوير نفسه أدبيا باستمرار لكنه لا يريد أن يفقد الجماهيرية فى ذات الوقت، اختار منطقة جديدة غلفها بمهارة ـ أوضحت ملامح من مشروعه الادبي بعد 6 روايات طويلة لنعرف بوضوح أنه أراد اعادة كتابة تاريخ بلده لما أيقن أن القراء لا يقرأون التاريخ ولا يحبونه لأنه جاف ممل طويل مليئ بالتفاصيل فكان سر نجاحه هو إعادة صياغة مشاهد من التاريخ القريب من العشرينات الى الثمانينات مهمة أو مهملة على شكل روايات تحوي اسقاط غير مباشر وسرد شيق وحكمة بين السطور فى احيان أخرى بخبث وبراعة شديدين ولا تخلو كل رواياته من سخرية واضحة وتساؤلات بلا اجابة ، فجذبت بسهولة قطاعا كبيرا من القراء وصار له جمهورا وحقق مبيعات بالاف مثله مثل الاكثر مبيعا فى مصر وترجمت بعض رواياته مؤخرا لعدة لغات ، لكن هل نجح ؟ الاجابة ايضا نعم ، هل يستمر؟ هذا يتوقف على قدرته على التنوع والتخلص من حيرته بين الجماهيرية والأدب الحقيقي ، فهو إلى الان قادر على فعلها باقتدار ويقف على أرض صلبة، لكن ربما ينضب معين التاريخ الجذاب الذي ينهل منه باستمرار وقد يضطر إلى تغيير جلده وكتابة لون اخر،لكن تواجه العشماوي مشكلة أنه لا يخاطب الشباب مثل مراد او محمد صادق وعصام يوسف وبالتالي يفقد قطاع كبير من جمهوريقرأ ويشتري ويحضر الندوات، وهو كذلك لا ينحدر كثيرا للأسفل فى الكتابة بلغة صحفية تقريرية او يعتمد الجنس الصريح ليتلقط قارئ سطحي عادي نهم لهذه الموضوعات مثلما يفعل الاسواني بذكاء شديد وحرفية أشد فيفقد العشماوي قارئ أخر كسول لكنه بأعداد كبيرة سيحتاجها ولا شك فى ظل منافسة ضارية مع الاربعة الكبار الاخرين . إن اللعب فى المنطقة الرمادية مقامرة ولاشك والعشماوي بطبيعته متحفظا كلاسيكيا وأيضا خجول ربما بحكم مهنته كقاض أو تركبيته الاجتماعية التي تميل للعزلة وقلة الكلام، هو ناجح الى الان لكنه نجاح قلق ينتظر المزيدربمابسبب رغبته فى الحفاظ على الجماهيرية التي حصدها وايضا تحفظه وروح الهواية التي لم يغادرها بعد للاحتراف مثل الأربعة الأخرين.
 
الرابع هو عصام يوسف ظهر 2008 ولم يهتم به اي ناقد ولم يحصد اي جائزة وهو لم يتقيد بلغة او أسلوب سردي قوي او أدب  حقيقي او اي شئ فلغة رواياته أرب لكلام الجرائد ومع ذلك كان الاكثر مبيعا لسنوات طويلة حتى اختفى فى ظروف غاضة وخفت نجمه ، عصام اعتمد على الحكاية الحقيقية الواقعية فى روايتين لا يملك غيرهما وسيناريو مسلسل يتيم لم يلق نجاحا عند عرضه قبل عام من بطولة احمد السقا ، هذه التركيبة نجحت مع ربع جرام الرواية الاولى نجاحا مدويا لانها قصة حقيقية تهم كل بيت فى مصر اما الثانية 2 ضباط  فقد نجحت بقوة دفع الاولى حتى خفتت القوة فتراجعت الثانية . نجح عصام مؤقتا لكنه في ظني لن يستمر او لن يعود كما كان مرة ثالثة برواية قصر البارون التي يكتبها الان مثلما أعلن مؤخرا . فهذا اللون من الكتابة لا يعيش طويلا وان كان عصام يوسف يتمتع بعقلية تجارية ايضا تساعده على تخطي عقبات اخرى كثيرة فى الكتابة لتضمن له البقاء مع الخمسة الكبار بروايته القادمة .
 
الخامس هو محمد صادق ظهوره الفعلي 2013وتجاهله النقاد تماما حتى الان وكذلك الجوائز ،هو كاتب شاب كتاباته اقرب للعامية واقرب لخواطر على صفحة مواقع التواصل الاجتماعي ، بلا اسلوب ادبي قوي بالطبع لكنها تخاطب عقلية شاب فى سن المراهقة وكأنه يفكر مثله فالتفوا حوله وصنعوا نجاحه مع روايته الرابعة هيبتا، نعم الرابعة فقبلها ثلاث روايات فاشلة بلا طعم . نجحت الرواية ثم الفيلم من بعدها واستثمر صادق النجاح باستسهال ليهبط فى فخ السطحية برواية انستاحياة ثم روايته الاخيرة أنت فليبدأ العبث وهي اسم على مسمى فعلا , وكأن الجمهور يخاطبه بتلك العبارة . صادق رغم ذكائه الا يبدو أن الغرور اصابه كان يمكنه تحقيق نجاح اخر أكبر من مراد والاسواني فى المبيعات لو غير لونه بسرعة وعاد لجمهوره من الصغار والشباب بهيبتا جديدة وهو قادر جدا على التواصل معهم  ليحقق معادلة متوازنة فى منطقة يتسيدها وحده .
سيظل الخمسة الكبار متربعين حتى اشعار اخر بغير ترتيب على قمة الاكثر مبيعا فى مصر حتى لو تجاهل النقاد بعضهم وربما يظهر أخرون  اذا ما اختفى احدهم ليحل محله وإن كنت أتمنى ان يكون القادم أفضل .