الإخوان.. الإرهاب.. التطرف.. التكفير.. فأين إسرائيل؟
مقالات مختارة | حسن حنفي
٠٠:
١٠
ص +02:00 EET
الخميس ٢٠ يوليو ٢٠١٧
تتكرر فى آذان الناس عدة شماعات. تعلق عليها المآسى الاجتماعية والسياسية بل والاقتصادية مثل الإخوان. فكل شىء قبيح مضاد لمصلحة الوطن من فعل الإخوان. ارتفاع سعر الدولار مؤامرة من الإخوان. ارتفاع أسعار المواد الغذائية، اللحوم، والدواجن، والأسماك، والبقول، والخبز إلى الضعف أو الضعفين أو الثلاثة أضعاف من الإخوان بما فى ذلك سعر البقدونس والجرجير والكرات. فالإخوان كبش الفداء. ولا يتم الحديث عن كبار التجار الذين بيدهم الأسعار. وهم قريبون من السلطة أو الحزب الحاكم أو المؤسسات الحكومية. وهم معروفون بالاسم. ولا يستطيع أحد أن ينالهم بشر لأنهم تحت حماية السلطة وأجهزتها التشريعية والأمنية.
فإذا مل الناس هذه الشماعة ووجدوها قد انكسرت، وأصبحت لا تحمل شيئا ظهرت شماعة ثانية بديلة وهو الإرهاب. الإرهاب فى سيناء وفى الوادى، وتفجير مبانى الأمن والكنائس، واغتيال ضباط الجيش والشرطة. وتقوى الشماعة عندما تحدث تفجيرات فى المدن الغربية بالرغم من تنوع مصادر الإرهاب وأسبابه. فتشتد الرقابة على رقاب العباد، ويُفرض قانون الطوارئ بلا حساب. ويداهم زوار الفجر ليلا المواطنين وهم نائمون. ويختفى المشتبه فيهم قسريا. ويُظن أن الإرهاب لا يقاوم إلا بالشرطة وقوات الأمن والجيش. وهى ظاهرة اجتماعية سياسية لها أسبابها فى الأوضاع الاجتماعية والنظم السياسية. الإرهاب صراخ عالٍ من الألم. فعلينا البحث عن أسباب الألم وهو غياب الصوت العادى للتعبير عن المطالب. وقد تحول الإرهاب إلى ثأر عندما يصبح إرهابا متبادلا بين الشعب وقوات الأمن فى نفس الوقت الذى تحاول فيه القضاء على ظاهرة الأخذ بالثأر فى الصعيد. فيتجذر الأخذ بالثأر مع مواطنى سيناء. وأصبح التعامل مع مواطنى سيناء كأنهم إسرائيليون أو محتلون أو غرباء. بينما يدخلها الإسرائيليون من أول طابا إلى شرم الشيخ بلا تأشيرات سياحية. فأصبحت أقرب إليهم من باقى المصريين فى وادى النيل. وإرهاب الأفراد والجماعات هو رد فعل على إرهاب الدولة. وليس الحل هو مزيد من القتل وسفك الدماء بل بالحوار. فتجلس الدولة ممثلة فى قوات الأمن بالحوار مع مشايخ القبائل لمعرفة مطالبهم وتحقيقها كما كانت تفعل إسرائيل، قوات الاحتلال. وتزيد الدولة الترابط بين مواطنى سيناء ومواطنى الوادى. فكلهم مصريون. لهم نفس الحقوق، وعليهم نفس الواجبات. وتؤسس جامعة العريش مستقلة وليست فرعا من إحدى جامعات قناة السويس. وتتحول خطب تنمية سيناء إلى تنمية فعلية بمد مياه النيل إليها، وتوليد الكهرباء من طاقاتها، واستثمار مواردها المعدنية بدلا من الخطاب السياسى حول قدرتها على استيعاب خمسة ملايين مصرى منذ أكثر من ثلاثين عاما. وربما هى قادرة على استيعاب عشرة ملايين أو حتى عشرين مليونا بخلق مدن جديدة على سواحل البحر الأحمر بدلا من التفريط فى جزره. ويمكن عمل نفس الشىء فى واحات الصحراء الغربية بعشرة ملايين أخرى. فيخف الضغط على الوادى والذى يزداد عدد سكانه بأكثر من مليون نسمة سنويا بدلا من التفكير الوحيد لإنشاء مدينة إدارية جديدة تكون عاصمة ثانية.
أما التطرف الفردى والجماعى ممثلا فى جماعات التكفير فهو رد فعل على تطرف آخر هو تطرف الدولة فى منع وعقاب جماعات المعارضة السياسية بكافة أطيافها، إسلامية أو ليبرالية أو ماركسية أو وطنية حرة. هو رد فعل على القمع بقمع مضاد. الأول قمع قهرى Repressive، والثانى قمع تحررى Liberating كما وصف علماء الاجتماع السياسى. فالعنف تطرف مع أنه تطرف مضاد على تطرف النظام السياسى. وكل اتجاهات التطرف هى نتيجة لا سببا. والسبب إما فى النظام السياسى أو فى المجتمع. فالتكفير هو تكفير مضاد. تقوم الدولة بتكفير جماعات المعارضة السياسية وتسميهم «التكفيريين». ويشارك فى الحكم المؤسسات الدينية والقنوات الفضائية وأجهزة الإعلام. فيقوم هؤلاء بتكفير الدولة وأجهزتها الأمنية، الشرطة والجيش. وكل فريق يجد حجة لقتل الآخر.
والسؤال هو: أين إسرائيل من كل هذه المعارك كلها حتى لو كانت مجرد شماعة؟ الخطورة أنها بقت على أطراف الوعى القومى الذى انحرف بعيدا عنها. بينما الوعى القومى الدينى الإسرائيلى يزداد فى الاشتداد. فتكسب الحرب بلا حرب. وهى مازالت تحتل الأرض العربية. لقد تم استبعاد الوعى القومى عن القضية القومية منذ زيارة القدس فى نوفمبر 1977، ومعاهدة كامب ديفيد فى 1978، واتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل فى مارس 1979. وقد أصبحت زيارة القدس المحتلة مسموحا بها تحت الاحتلال بعد أن كانت محرمة خوفا من أن تستغلها إسرائيل لتأكيد الاحتلال. ثم أصبحت الهجرة اللاشرعية إلى إسرائيل بالآلاف، والزواج من إسرائيليات، وخروج جيل جديد مصرى الأب إسرائيلى الأم. فلا يعرف لأى طرف يكون ولاؤه الوطنى. وماذا عن الجيل الحالى الذى تربى على أن إسرائيل هى العدو الأول لمصر والعرب، والتذكير باستمرار بأطماعها فى الأراضى العربية، وليست فلسطين وحدها، وهو الآن يشعر بتمزق شديد بعد انحراف الوعى القومى ووضع المنظمات الفلسطينية تحت قائمة المنظمات الإرهابية بحكم القضاء وفى معظم النظم السياسية العربية؟ وهل أخطأ السلطان العثمانى عندما رفض إعطاء هرتزل، مؤسس الصهيونية، أرض فلسطين لإقامة دولة لليهود عليها؟ وهل ثورة عز الدين القسام ضد بدايات الاستيطان الإسرائيلى تطرف وعنف وإرهاب؟ وماذا عن حروب الجيش المصرى مع معظم الجيوش العربية فى 1948 ثم فى 1967 ثم فى
1973، هل تضيع سدى؟ فهل يستيقظ الوعى العربى من جديد؟ وفى صالح من يكون عامل الزمن؟
نقلاعن المصري اليوم
1973، هل تضيع سدى؟ فهل يستيقظ الوعى العربى من جديد؟ وفى صالح من يكون عامل الزمن؟
نقلاعن المصري اليوم