الأقباط متحدون - خطاب الأمل والفرج الذى أنتظره من الرئيس
  • ٠٤:٠٢
  • الخميس , ٢٠ يوليو ٢٠١٧
English version

خطاب الأمل والفرج الذى أنتظره من الرئيس

مقالات مختارة | أبراهيم البحراوي

٠٩: ١٠ ص +02:00 EET

الخميس ٢٠ يوليو ٢٠١٧

أبراهيم البحراوي
أبراهيم البحراوي

 تعودنا من الرئيس عبدالفتاح السيسى، منذ خطاب الخلاص السياسى الشهير فى دهشور، وهو وزير للدفاع قبل ثورة يونيو، على سلسلة خطب المفاتحة والمصارحة مع الشعب، والمشاركة مع الجماهير حول الجهود والتضحيات المطلوبة لتحقيق مصالح مصر العليا ولبناء مستقبل أفضل لشعبها وأجيالها القادمة. تعودنا أيضا منذ عام تقريبا ومع بداية برنامج الإصلاح الاقتصادى القاسى وتعويم الجنيه المصرى على خطب من الرئيس يقدم فيها التشجيع للشعب لتحمل آثار هذا البرنامج، من ارتفاع كبير للأسعار، وانخفاض شديد للقيمة الشرائية لأجورنا ولمدخراتنا.

 
إننى شخصيا أثق فى أهمية وجدوى شراكتنا مع الرئيس، فنحن نستمد من كلمات المصارحة والتشجيع الرئاسية مزيدا من العزيمة وقوة التحمل، تماما كما يتحمل الجريح مع كلمات التشجيع وخزات إبرة الجراح، وفى نفس الوقت يستمد الرئيس من شجاعتنا على مواجهة الآلام العزم على مواصلة علاج الجرح الذى يعانيه اقتصاد مصر.
 
قد يسألنى أحد القراء قائلا لى: ماذا تريد إذن أيها الكاتب، فالمسألة كما تصفها منتهية ولا تحتاج للمزيد، فأنت تثق فى الرئيس والرئيس حسب منطقك جراح ماهر نزيه القصد مضطر لمعالجة جرحنا الاقتصادى فى ظروف صعبة بدون مخدر أو مسكن للآلام، لكنه لا يبخل علينا بما يملك وهو التشجيع أثناء العملية المؤلمة لخياطة الجرح، وهو يتفهم معاناتنا وآلامنا، أما نحن بدورنا فنجزّ على أسناننا من الألم، لكننا نستمد الشجاعة من كلماته ونقدر له حرصه على تشجيعنا لتحمل الوخزات شديدة الإيلام؟
 
إجابتى هى أننى أنتظر من الرئيس خطابا أسميه (خطاب الأمل والفرج) يتجاوز حدود التشجيع النفسى والدعم المعنوى على تحمل المعاناة الاقتصادية ليزرع فى عقولنا أملاً فى حصول الفرج قبل أن يسقط أغلب الناس فى حالة القنوط واليأس. هذا الخطاب المنتظر سيكون خطاب مكاشفة، يكشف لنا فيه الرئيس عما يراه من ثمار اقتصادية ستتساقط فى جيوب المصريين بالخيرات لتعوضهم خيراً عن صبرهم، بعد أن اقتطع منهم برنامج الإصلاح أموالاً كانت فى جيوبهم بالفعل، وانتقص منهم ثماراً كانت فى قبضة أيديهم وفى متناول شفاههم.
 
إنه خطاب سيقدم لنا فيه قبطان السفينة المصرية الذى يمسك بالدفة خطته للإبحار، وفقا لمسار الإصلاح الاقتصادى ليعبر بالسفينة فوق الأمواج المتلاطمة وتحت حرارة الشمس اللافحة إلى بر الأمان. إن بر الأمان الذى ينتظر الشعب لحظة الوصول إليه يعنى أن يجد ركاب السفينة الذين تعبوا من خضخضة السفينة وهزات الرحلة قدراً من الرفاهية ووفرة لفرص العمل للشباب ودخولاً مناسبة وكبحاً للأسعار المرتفعة وتيسيراً للخدمات الصحية والتعليمية الكفئة الميسرة.
 
سأعطى مثالاً يبين لماذا أرى أن (خطاب الأمل والفرج) أمر حيوى سيحقق آثاراً إيجابية واسعة النطاق. قبل أن أكتب هذا المقال طالعت خبرا منشورا على رأس الصفحة الأولى من الأهرام، الصحيفة الرسمية يوم الأحد ١٦ يوليو، وهو خبر يؤكد اهتمام الرئيس بمسألة المعاناة الاقتصادية التى يعيشها الناس، ويؤكد فى نفس الوقت حاجتنا إلى (خطاب الأمل والفرج) الذى سيأتى على لسان الرئيس شاملاً أيضا خطته المفصلة للسيطرة على الأسعار وتخفيف معاناة محدودى الدخل.
 
جاء الخبر تحت عنوان ضخم، لكن نصه جاء موجزاً غير مشبع، لم نفهم منه ماذا سيحدث. كان عنوان الخبر (الرئيس: إجراءات مكثفة للسيطرة على الأسعار وتوفير السلع)، أما الخبر نفسه فيقول (وجه الرئيس عبدالفتاح السيسى بمواصلة جهود تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى مع تكثيف إجراءات السيطرة على الأسعار واستمرار التنسيق بين جميع الجهات المعنية لضمان توفير مخزون كاف من السلع الأساسية بأسعار وكميات مناسبة).. وبعد ذلك تصريح موجز حول الموضوع والاجتماع الذى أعطى الرئيس فيه توجيهاته للمتحدث باسم الرئاسة. هذا مثال يبين حاجتنا لخطاب مفصل من الرئيس يبشرنا فيه بما هو مهتم به فعلا، أى بالإجراءات الحمائية لمحدودى الدخل خلال الرحلة الشاقة للإصلاح، وبالواحة المثمرة التى سينزل فيها ركاب السفينة المنهكون.
 
إننى على ثقة من أن التقارير التى يتم رفعها إلى الرئيس تبين له أننا فى واقع صعب لم يعد يقدر على مواجهة الغلاء فيه إلا نوعان من الناس: الأول أصحاب المهن والحرف كالطبيب والمحامى والكهربائى والسباك والنجار وخدم البيوت وأمثالهم الذين يضاعفون أجورهم، والثانى الباعة والتجار ورجال الأعمال الذين يرفعون أسعار سلعهم ومنتجاتهم وخدماتهم. أما الناس الذين نسميهم الطبقة الوسطى وهم الذين يعيشون عموما على رواتب ودخول محددة، خصوصا فى القطاع الحكومى، حيث الأجور منخفضة أصلا، فهؤلاء هم الأشد معاناة من أعباء برنامج الإصلاح، وهؤلاء الذين يحتاجون بشدة إلى (خطاب الأمل والفرج) يخرج على لسانك سيادة الرئيس، كما يحتاجون إلى التعجيل بما تحمله فى جعبتك من إجراءات حمائية فعالة تتناسب مع حجم مشكلتهم.
 
لقد نشر صندوق النقد الدولى تقريرا فى أعقاب موافقته الخميس الماضى على منح مصر الشريحة الثانية، وفيه قدم الصندوق بعض البشارات للمصريين حول برنامج الإصلاح وما سيحققه مثل استعادة الاستقرار الاقتصادى الكلى وإعادة مصر إلى مسار النمو القوى والمستديم، ومثل تحسين عمل سوق النقد الأجنبية وخفض عجز الموازنة العامة والدين الحكومى وزيادة النمو لخلق فرص العمل، ومثل إجراءات حماية محدودى الدخل خلال رحلة الإصلاح.
 
إن جماهيرنا الواسعة لم ولن تطالع تقرير الصندوق، ولكنها على وجه اليقين ستستمع إلى (خطاب الأمل والفرج) الذى سيلقيه الرئيس، خصوصا إذا ما تم تنبيه وتحضير الناس للاستماع إليه عبر وسائل الإعلام المختلفة. أقول عندما سيتحدث الرئيس سيصغى الشعب، وعندها ستصل رسائل زرع الأمل إلى العقول، وسيعرف الناس البرنامج الزمنى الذى ستستغرقه رحلة الإصلاح الشاقة، ويرتبون حياتهم وهم على بينة وثقة فى المستقبل.
نقلا عن المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع