حكم الشعب للشعب يتحول إلي حكم النواب للشعب!!
يوسف سيدهم
السبت ٢٢ يوليو ٢٠١٧
بقلم: يوسف سيدهم
قراءة في ملف الأمور المسكوت عنها (644)
مع نهاية دور الانعقاد الثاني للدورة البرلمانية يأتي دور كشف الحساب لتقييم أداء السلطة التشريعية في شقيه التشريعي والرقابي… وطني حرصت علي فتح ملف التقييم البرلماني لتقدم للرأي العام حصيلة عمل مجلس النواب, فالتقت الأسبوع قبل الماضي بالنائب المحترم الأستاذ كريم سالم -النائب عن مصر الجديدة- الذي تحدث عن التشريعات التي أنجزها المجلس والعمل الدؤوب الذي تطلبه دراسة تلك التشريعات داخل اللجان المتخصصة مسارات مناقشتها وطلب تعديل أو تطوير بنودها من السلطة التنفيذية مثل إحالتها في صورتها النهائية إلي اللجنة العامة للمجلس لإقرارها وإصدارها كقوانين تدخل منظومة التشريعات التي تحكم حياة المصريين.
ولعل الالتقاء بالنائب كريم سالم لم يأت مصادفة, إنما جاء متوافقا مع توجه وطني إنجاز التقييم بعيدا عن التيارات الصاخبة الزاعقة الثائرة التي صبغت هذا الفصل التشريعي بقدر غير قليل من الصراع والتشنج ألقي بظلاله علي النضج الديمقراطي والتقاليد البرلمانية العريقة المأمول الالتزام بها وترسيخها… فكان أن سعت وطني إلي صوت هادئ آثر أن ينأي بنفسه عن الصراعات.
ثم خرجت وطني بعد ذلك إلي الشارع تبحث عن رأي المواطن المصري في الأداء البرلماني حيث قدمت في العدد الماضي جولة باب نبض الشارع المصري مع المواطنين لاستطلاع مدي متابعتهم لعمل مجلس النواب ورؤيتهم لدرجة نجاح المجلس في الوفاء بتوقعاتهم نحو دوره التشريعي, والأهم بالنسبة للمواطنين نحو دوره الرقابي علي عمل السلطة التنفيذية.
اليوم تفتح وطني ملفا دقيقا مسكوتا عنه بالنسبة للحياة النيابية وهو ملف علاقة النائب بالناخب, تلك العلاقة التي يكتنفها الكثير من سوء الفهم والتقصير اللذين يحصرانها في الآتي:
* الناخب سلعة انتخابية يسعي إليه النائب للحصول علي صوته ثم تنتهي العلاقة بينهما.
* الناخب لا علاقة له بأداء النائب في البرلمان تشريعيا أو رقابيا, وتقتصر العلاقة بينهما علي سعي الناخب لدي النائب للحصول علي الوساطات أو الموافقات أو الاستثناءات لدي السلطة التنفيذية, وهو ما اصطلح علي تسميته نواب الخدمات الذين يعلو شأنهم عند الناخب بقدر اضطلاعهم بذلك الدور.
* النائب يتعالي علي الناخب وينفصل عنه فور حصوله علي مقعد التمثيل البرلماني ولا يتواصل مع دائرته الانتخابية فيما يخص مناقشة التشريعات ومشروعات القوانين أو تقييم أداء السلطة التنفيذية, حيث يتعلل النائب بمفهوم شائع ضل طريقه وهو أن النائب فور حصوله علي مقعد التمثيل البرلماني يعد نائبا عن الأمة وجموع الشعب, فيتستر وراء هذا المفهوم دون الانخراط في الجانب القومي للتمثيل وإهمال الجانب المحلي الذي أوصله للتمثيل.
لذلك كله نجد أن هناك فجوة خطيرة تفصل المواطنين عن المجال التشريعي, فهم إما لا يعرفون أو لا يبالون نتيجة تهميشهم وعدم إشراكهم في المطبخ التشريعي, وكأنهم قبلوا أن ينوب عنهم نائبهم الذي انتخبوه في التفكير والمناقشة والتقييم والقرار ويكفيهم فخرا أن يقنعوا الدور المتلقي حيث يضيع مفهوم حكم الشعب بالشعب ويحل محله مفهوم حكم النواب للشعب!!
إننا في حاجة ماسة إلي إحياء وإعلاء دور القاعدة الانتخابية في حياتنا البرلمانية, وذلك ينطبق علي كل من النائب البرلماني المستقل والنائب البرلماني الحزبي… فما رصدناه في هذا الإطار لا يعفي أيا منهما من شبهة الانفصال والانعزال عن قاعدته الانتخابية تشريعيا ورقابيا, فحصيلة اللقاءات والمؤتمرات التي عقدها المستقلون أو التي نظمتها الأحزاب لربط الناخبين في دوائرهم بآليات التشريع والتقييم وصناعة القرار, ضئيلة وتفضح سوء الفهم وتكشف اتساع الفجوة المعاشة بين النائب والناخب لتحصرها في مصالح وقتية رخيصة: ناخب مطلوب قبل الانتخابات متروك بعدها, ونائب منخرط مع دائرته قبل الانتخابات مترفع عنها بعدها!!
نقلا عن وطنى