مجالسة الناس ضرورة يفرضها الواقع
مدحت بشاي
السبت ٢٢ يوليو ٢٠١٧
مدحت بشاي
medhatbe@gmail.com
لن أنسى ، محاولاتي و غيري عبر الكتابة واللقاءات التليفزيونية في توجيه الطلب لكنيستنا العتيدة الوطنية قبل وأثناء إجراء الانتخابات البابوية ، أن أصلحوا القانون واللوائح المنظمة لعمليات انتخاب البطريرك ، وعلى الأقل في مجال توسيع دوائر وأعداد ونوعيات الفئات المتاح لها التصويت والتي تم تصويبها بإضافات بسيطة لا تناسب زيادة أعداد سكان الإيبراشيات !!
وعندما تم الوصول لوجود خمسة مرشحين للكرسي البابوي كتبت مقترحاً أن يجوب الخمسة مطارنة معاً كل محافظات مصر في احتفاليات مبهجة ولقاءات روحية للتحاور مع أهالينا فى كل المحروسة ليتعرفوا عليهم وليعرف المرشحون الاختلافات البينية والبيئية والثقافية بين أهالينا ، وتبيان بعض همومهم وآمالهم في لقاءات مباشرة تكون بمثابة أعياد روحية غير مسبوقة وتاريخية لتوثيق حدث لايتكرر في أعمار الناس كثيراً..
وجاءت، وكالعادة الردود ــ للأسف ـ جميعها سلبية .. منها أنه لا صلاحية لجهلة وبسطاء وغير متخصصين أن يشاركوا في انتخاب قامة وقيمة روحية على هذا القدر العظيم الشأن ، وأن المجمع المقدس هو اللي يقول ويحكم !!!
أما جولة كل المرشحين وزيارتهم لأهالينا في كل المحروسة ، فقد كانت الحجة أن الترتيبات الأمنية ستكون في غاية الصعوبة !!
وكان الرد ، قيام الممثل للجناح السياسي للكنيسة المصرية نيافة الأنبا بولا بعقد مقابلات بمثابة امتحانات على هواء فضائيات مسيحية لم تكن كافية ولا شافية لتبيان مدى جاهزية كل مرشح لاعتلاء كرسي البابوية بأبعاد المنصب الاجتماعية والسياسية والثقافية فضلا عن الروحية بالطبع ...
وإذا كان ذلك المثال يقع على مستوى الكنيسة الأرثوذكسية فقط ، فما بالنا عندما يتعلق بالقرارات والمواقف التي ينبغي معها التنسيق بين كل كنائس المذاهب وأهمية الحوار مع الاكليروس وأهل تلك المذاهب ..
هناك ــ وللأسف مرة أخرى ــ حالة تكاسل في مجال مجالسة الناس وسماعهم في غياب من يمثلهم عبر أي كيان بعد الإقرار بعدم جدوى تفعيل عمل " المجلس الملي " الذي لم نتابع له أي مواقف مجدية لتمثيل" غيرالإكليروس" والتحدث باسمهم بسماحة و مراعاة لأهمية وجودهم في الدنيا .
وعليه ، كانت النتائج غير المرضية للانفراد بالقرار والتمثيل الفوقي لعباد الله بتصدي نيافة الأنبا بولا وحده لتمثيل ملايين الأقباط ، والذي عبر بعدها ممثل حزب النور الديني عن سعادته إثر الانتهاء من وضع مواد القانون قائلاً " لقد انتصرنا على من يسمون أنفسهم بالليبراليين والعلمانيين وكمان الأقباط في وضع ما يناسبنا من مواد " وبادله نيافته التحية قائلاً " السلفيون فصيل وطني حتى النخاع " ، وكان خروج قانون بناء الكنائس على النحو الذي لا يوفر آليات حقيقية لضمان تفعيل مواد الدستور في حق عباد الله في بناء دور عبادتهم بالشكل اليسير الطيب والمعوض لأزمنة الظلم الهمايونية !!
وحالياً ، يتم الإعداد لمناقشة مشروع قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين المقترح، والذى يخضع لمناقشات بين الطوائف، منذ عامين، 143 مادة مقسمة على أبواب الخطبة وأركان الزواج وشروطه وموانع الزواج وإجراءات عقد الزواج وبطلان العقد وحقوق الزوجين وواجباتهما، والنفقات، والسلطة الأبوية، والحضانة، وثبوت نسب الأولاد.
ويكفي أن أذكر تعليق " الأنبا يوحنا قلته" النائب البطريركى للأقباط الكاثوليك «للأسف الشديد نعيش في العصور الوسطى مسلمين ومسيحيين وما زلنا أسرى العقلية الدينية وهى أن العقيدة والمذهب أهم من الإنسان والدولة»، مشيراً إلى أن ضحايا الحروب الدينية أصبحوا أضعاف ضحايا الحروب المدنية وأن الأديان السماوية كلها سماحة ...".
لقد بات الحوار المسيحي المسيحي بين الإكليروس والناس ضرورة ، وبين الكنائس ( اكليروس وناس ) مع بعضها أكثر ضرورة .. اسمعوا معي تلك الصرخة : في حديثه للإعلام اتهم القس سامح دانيال دوس، راعى كنائس منطقة الدلتا للأقباط، الأدفنتست السبتيين، الكنائس القبطية المصرية واللجنة الخاصة بمناقشة ووضع المشروع بإقصاء طائفة الأقباط الأدفنتست السبتيين من المشاركة في المشروع باعتبارها طائفة قبطية معترفا بها من جانب الدولة منذ عام 1946.وقال «دوس»: «اللجنة تعمدت إقصاءنا من المشاركة في وضع القانون الجديد لعدم اعترافها بنا وخروجنا من البيت المسيحى وبالتالى فيحظر زواج البنات القبطيات من الطوائف القبطية الأخرى سواء الأرثوذكسية أو الكاثوليكية أو البروتستانتية من طائفتنا والعكس»!!!!
وقالت الدكتورة سوزى عدلى ناشد، عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، أستاذ الاقتصاد والمالية العامة بكلية الحقوق في جامعة الإسكندرية، إن مشروع قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين لم يصل بعد إلى الحكومة ولم يأت إلى مجلس النواب ولا يزال قيد الدراسة تحت لجان الكنائس الثلاثة ويخضع منذ عامين للبحث والتوافق بين الكنائس المختلفة للوصول إلى قانون «شبه موحد» للطوائف المسيحية، خاصة أن هناك بعض الأمور المتعلقة بكل طائفة لابد من مراعاتها عند إقراره وبالتالى لن يكون هناك توافق بشكل كبير على مشروع القانون...
يا كنائسنا ، جالسوا الناس حيث وجدتموهم واستمعوا لهم بكل أريحية ، وتخلوا عن ممارسة السياسة فهي كلها مهالك وفضائح ، وقولوا للدولة والحكومة وللدنيا كلها " لن نمثل إلا كنائسنا كمؤسسات مصرية وطنية في الدولة فقط "..