ثورة يوليو وتزوير التاريخ
د. مينا ملاك عازر
٥٠:
٠١
م +02:00 EET
الأحد ٢٣ يوليو ٢٠١٧
د. مينا ملاك عازر
لا أعرف لماذا كلما حاولت تهدئة نفسي تجاه ناصر وما أسماه ثورة قادها، وأتناساه وأنسى جرائمه في حق مصر وشعبها، استفذني مُريديه والمزايدين في حبه بكلماتهم وادعاءاتهم وتزويرهم المفضوح للتاريخ ما يجعلني أغيب عن الكتابة عنه وأعود مدفوع برغبة صادقة ليس الهجوم عليه فأفعاله الباقية للآن تشهد عليه لكن برغبة الحالم بتصحيح التاريخ.
يدعون أن ناصر فقير وترك مال قليل لأبنائه وأسألهم من أين لناصر إذن بتكلفة إحياء فرح ابنته التي دعي له كل مطربي مصر وفنانيها، ستقول أنهم أتوا مجاملة، وهل لهؤلاء أن يعادوا ناصر بجبروته وطغيانه وسجونه؟ فهل كانت إذن مجاملة أم أنها السلطة والسطوة التي غنت ناصر عن اقتناء المال لنفسه وبنيه لأن في سطوته غنى عن المال.
يدعون أنه بنى المصانع وهو الذي أمم معظمها وخسرت كلها، وللآن نجني ثمار خسائر قطاعه العام المؤمم من القطاع الخاص، التأميم سياسة متبعة في كثير من البلدان الاشتراكية والشيوعية لكن هل أحسن ناصر إدارتها؟ ولو لم يحسن لأسباب ما، فلماذا لم يحسن؟ ولماذا لم يخطط لتطوير الصناعات المؤممة كما أحسن وخطط في إدارة القناة التي أممها؟ أم أن تأميمه للصناعات كان بوازع الحقد الطبقي الذي غرسه في نفوس الكل، ولأن القناة صناعة لا يمكن للعالم الاستغناء عنها فقبلوا بما هي عليه وبقت القناة هكذا دون تطوير إلى أن أتى الرئيس السيسي ليطورها ومن قبله مبارك حاول بإنشاء شرق التفريعة في شرق بورسعيد، إذن حتى القناة المؤسسة الخدمية أخذها مؤمماً إياها ولم يطورها بل ساهم في غلقها مرتين، وسلم لي على الفشل في التخطيط الذي يقود دائماً للتخطيط للفشل.
أما سياسات ناصر الخارجية فكانت متخبطة ما بين المعسكرين الشرقي والغربي، ولم يحسن حتى السير على الحبل بادعائه الحياد الإيجابي، فأي حياد هذا الذي يدعيه وهو الذي يرتمي بأحضان المعسكر الاشتراكي بالزعامة السوفييتية؟ فهل كان يجرؤ أن يفعل شيء من بعد العدوان الثلاثي بالذات دون رضا السوفييت؟ بالطبع لا حتى المرة التي تخلى فيها عن رأيهم أغلق المضايق فكانت نكسة خمسة يونيو، وسياسات ناصر للأسف لا تعبر إلا عن أنه لم يكن له رأي ولا وجهة نظر في قيادته للبلاد، وكان كل من يهمس له بأذنه برأي، وما دام محل ثقة وبعيد عن الخبرة أعطاه أذنه وأدار له رأسه، حتى صرنا نمول ثورات أفريقيا وهي الحسنة الوحيدة التي فعلها ناصر بتحسين العلاقة مع ظهيرنا الأفريقي ولكنه أساء في استغلالها حتى خسرنا أموال طائلة، وعادينا كل بلدان العالم المتقدم، وأضعف الصناعة بكسر المنافسة مع المتقدمين، وجرائم حمال الاقتصادية والسياسية والإنسانية وسوء اختياره لمعاونيه الذين يلصق بهم زبانيته جرائمه الأخلاقية في المعتقلات، كل هذا يعلق برقبته وبرقبة ثورة يوليو التي أساءت للبلد أكثر ما أفادتها.
المختصر المفيد الذي لا رأي له رأسه كمقبض الباب، يستطيع أن يديره كل من يشاء.