بقلم : حازم البساطى
أمام المطالبة بمظاهرات مليونية يوم الجمعة لإلغاء الإستفتاء على التعديلات الدستورية أسطر مقالى هذا ، فقد أكدت فى أكثر من مقال حتى قبل تنحى مبارك أن الدستور قد سقط وذلك عندما كانوا يتناولون فكرة الفراغ الدستورى ، وقد أكدت أن ما يحكمنا هى الشرعية الثورية فالشعب هو السلطة التأسيسية الأصلية المنوط بها وضع الدساتير وما أن قام الشعب بالثورة فهو أسقط النظام الحاكم وبالتبعية أسقط الدستور ، وواقع الحال أن دستور 1971 ليس معطلاً وفقاً للبيان الأول للمجلس الأعلى للقوات المسلحة وإنما سقط ، وهذا هو أساس الخلاف ، ومع قناعتى برفض التعديلات وضرورة وضع دستور جديد إلا أننى احذر من مظاهرات مطالبة إلغاء الإستفتاء حيث أننا يجب أن نراعى عدة أمور هامة جداً فى هذا الشأن وهى :
أولاً : أن الدور الذى لعبه الجيش لنجاح الثورة دوراً غير منكور ، وما فعله الجيش بأن إنحاز للشعب حتى سقط الرئيس وجنبنا ويلات الصراع المسلح تجعلنا نتعامل معه من منطلق الشريك فى الثورة .
ثانياً : أن هناك إتجاة لا نستطيع قياس نسبته يساند فكرة التعديلات الدستورية كمرحلة انتقالية ، وبالتالى فإن قطاع من الشعب له رأى مخالف لمن يرى سقوط الدستور ويجب علينا ان نحترم هذا الرأى .
ثالثاً : أن يوم السبت القادم يمثل فى ذاته تجربة عملية لأحد مكاسب الثورة وهى مشاركة الأغلبية الصامتة فى الأستفتاء ولأول مرة سيكون رأى المواطن معتبر وفعال ، ومن هنا يكتسب هذا اليوم مدلول خاص من حيث أنه التجربة العملية الأولى لسلوك القنوات الشرعية للتعبير عن الرأى فى الأنظمة الديمقراطية هو " التصويت " .
ومن منطلق ما سبق فأننى وبرغم قناعاتى بسقوط الدستور من الناحية القانونية وبرفضى للتعديلات الدستورية وهى قناعات مبنية على علم ودراسة بإعتبارى أكاديمى متخصص فى القانون ، إلا أن هناك عدة إعتبارات تدعونى لرفض فكرة المظاهرات المليونية المطالبة بإلغاء الاستفتاء ، وتلك الاعتبارات هى :
1- أننا فى حاجة قوية لمثل هذا اليوم حتى نختبر قدرتنا على التعبير عن آرائنا بطريقة لم نمارسها مسبقاً وهى أن ندلى بصوتنا ، ومن قادر على النزول فى مظاهرة مليونية يوم الجمعة أولى به أن ينزل ويعبر عن رفضه للتعديلات من خلال الممارسة الفعلية لننتقل من حيز الاحتجاجات الى حيز التفعيل ونقول " لا " للتعديلات الدستورية .
2- أن المظاهرات فى هذا التوقيت بالذات قد يستخدمها فلول النظام لإشاعة الإضطراب بين قوى الشعب المنقسمة بين فريقين سيحدد الإستفتاء من هو الفريق صاحب الأغلبية وهذا هو الطريق الامن الآن ، ولكن المظاهرات فى هذا الصدد قد تفتح مجالا خصباً للمتربصين بثورتنا ليشقوا الصف بين أفراد الشعب ويعكروا علاقة الشعب مع الجيش وهو ما لا نريدة ابداً .
3- أننا أرتضينا المجلس الأعلى حاكماً مؤقتاً لنا بإعتبارة شريكاً فى الثورة ، ووجهة نظرة القيام بتعديلات على الدستور ونحن نرى عكس ذلك ، فلنجعل صناديق الاقتراح الحكم بيننا وبينه ولا نضعه بمظاهرات فى حرج ونسىء الى العلاقة معه .
4- لدينا القدرة إذا ما حققنا رغبتنا بعدم قبول التعديل إذا ما جائت النتائج بأن الأغلبية رافضة للتعديلات أن ننظم مظاهرات نحتفل فيها بأن صوتها أصبح له دور لأول مرة منذ عقود وننادى بإعلان سقوط الدستور ووضع دستور جديد ، أما - لا قدر الله - إذا ما جاءت النتيجة متفقه مع التعديلات الدستورية فيجب ان نرضخ لرأى الأغلبية فتلك هى الديمقراطية ولا يصح لنا إن اتضح لنا اننا لسنا الأغلبية أن نفرض وجهة نظرنا على الأغلبية لآن فى ذلك إعادة لنظام رفضناه وخلعناه .
لذلك كله أدعوكم بالنزول يوم السبت بدلاً من يوم الجمعة والتعبير عن رفضكم فى صناديق الاقتراع بأن نقول " لا " للتعديلات الدستورية فتلك هى الديمقراطية التى ننشدها فلا تضيعوا رحيقها .
( الشعب مصدر السلطات )