الأقباط متحدون - دولة الفتوى تتمدد ودولة المواطنة تتبدد
  • ١٣:٢٨
  • الاربعاء , ٢٦ يوليو ٢٠١٧
English version

دولة الفتوى تتمدد ودولة المواطنة تتبدد

مقالات مختارة | خالد منتصر

٥٨: ١٢ م +02:00 EET

الاربعاء ٢٦ يوليو ٢٠١٧

خالد منتصر
خالد منتصر

الدولة الدينية تتمدد وتحتل مساحات أوسع وأكبر، والدولة المدنية تتبدد وتنحسر وتتراجع أكثر وأكثر، هل هذا هو حصادنا بعد ثورة 30 يونيو؟ هذا هو السؤال المؤلم والموجع، هل كان خروجنا بالملايين فى ذلك اليوم لمجرد هذا الهدف المتهافت وهو إزالة بديع وعصابته! لو كان هذا هو الهدف فقط فما أعظم إحباطنا وما أبشع صدمتنا. نحن قد خرجنا من أجل إسقاط كل مظاهر الدولة الدينية، دولة الفتوى والملالى والكهنوت والتكفير وكراهية الآخر، الدولة التى تحكم بالعمامة لا بالروب الأسود، خرجنا لصالح دولة مدنية يحكمها القانون وتؤسسها المواطنة وترسخها المساواة ويسيّرها العلم، فإذا بنا نمنح السلطة الدينية سلطات سرمدية، ونحشر أنفها فى كافة شئوننا، ونصنع منها كهنوت عصور وسطى ومحاكم تفتيش أزمنة الظلام، صرنا فى دولة رئيسها يُعزل وشيخها لا يمكن عزله! صرنا فى دولة يدخل فيها السجن مفكر بسبب رأيه وتلاحقه السلطة الدينية لقطع لسانه، ويخرج فيها شيخ على الملأ ليعلن فساد عقيدة مواطن مصرى مسيحى! مفكرون خلف القفص ووراء الأسوار، ومشايخ فى محطات المترو وداخل الأكشاك! هل هذا هو شكل الدولة التى كنا نتمناها؟ دولة يطلب رئيسها ويستأذن السلطة الدينية فى إنقاذ شباب مصر من كارثة الطلاق الشفوى وتدمير الأسر المصرية فتُخرج السلطة الدينية لسانها له وتقول: ها قد بحثنا فى كتبنا التى كُتبت منذ ألف عام ولم نجد فيها طلاقاً كتابياً واخبطوا رأسكم يا شعب فى أتخن حائط!! يقدم مشروع قانون لإصلاح الأزهر فينتفض المجلس: «انتبهوا الأزهر خط أحمر»، هل الدولة العصرية هى التى تصرف 12 ملياراً ميزانية على جامعة دينية لا تقبل إلا المسلم؟ هل يحدث هذا فى دولة تدّعى أنها دولة مواطنة؟!! سلطة دينية تتغول وتمتد فى مسام الدولة المدنية وتحتل نواتها وتغير من «الدى إن إيه» الكامن فيها، تترك ميدانها الحقيقى فى سيناء والعريش ورفح لتجديد وتعديل وتصحيح مفاهيم الشباب هناك حتى لا ينضم إلى داعش، وتذهب لتجدد الخطاب الدينى وتقاتل فى محطة زهراء المعادى وفم الخليج والمرج!!

الدولة للأسف تعالج تغول السلطة الدينية بمزيد من منح مساحات لها أكثر وأكثر، وكأن على الرأس بطحة، فى اعتذار مستتر عن «30 يونيو»، والصراخ: ها نحن أكثر تديناً، وإياكم تفتكروا إننا مش متدينين علشان شلنا الإخوان، لأ إحنا متدينين ونص!! ويقدم التنازل تلو التنازل، والانبطاح تلو الانبطاح، والانسحاق تلو الانسحاق، وبعد الكشك ستفاجئنا هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، لنجد المطوعين فى الشوارع يهرولون وراء السيدات غير المحجبات، ثم نتجه بعد صلاة الجمعة للفرجة على مشهد قطع الأيدى والرؤوس فى ميدان رمسيس أو التحرير حيث نستمتع بمشاهد البتر والجلد تطبيقاً للشرع وتقليداً للوهابية وتنفيذاً لفتوى الكشك المقدس، وبذلك قريباً جداً سنقيم الأفراح والليالى الملاح احتفالاً بتولى الشيخ عمر عبدالكافى مهام وزير الثقافة وتعيين أبوإسحاق الحوينى مسئولاً عن قطاع السينما ووجدى غنيم مشرفاً على دار الأوبرا!! الكابوس دائماً يتشكل من مفردات الواقع، والحرائق التى تأكل الأخضر واليابس تبدأ من مستصغَر الشرر، ومن يلتهم ذراعك يبدأ دائماً بصباعك!!.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع