الأقباط متحدون - الكنيسة والحضارة القبطية
  • ١٨:٤٨
  • الاربعاء , ٢٦ يوليو ٢٠١٧
English version

الكنيسة والحضارة القبطية

جاكلين جرجس

مساحة رأي

٥٩: ٠٣ م +02:00 EET

الاربعاء ٢٦ يوليو ٢٠١٧

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
ݘاكلين جرجس
 
لا شك أن الكنيسة المصرية ورموزهما العظية ومجتمع الأقباط قد ساهموا في صناعة حضارة قبطية  بالاستفادة بمعطيات حضارات سابقة وحضارات أخرى في العالم تزامن حضورها العالمي مع قيام تلك الحضارة على جانبي النهر العظيم ، وتم التبادل العلمي والمعرفي والثقافي معها ..
 
ولأن هناك حالة كسل وإهمال لتدريس معالم الحضارة القبطية ، بل وإسقاطها من حسابات واضعي مناهج كتب التاريخ المقررة على طلاب المراحل المختلفة ، فإن كنيستنا وعبر التاريخ قد حاولت توثيق وتحديث معالم تلك الحضارة وإسهام رموزها في إثراء ودعم تلك الحضارة ..
 
وعليه ، فمن المرات القليلة التي تحاول مؤسسات الدولة المعنية بتوثيق الحضارات وتقديم تراثها ، كان المؤتمر الهام " الحياة في مصر خلال العصر القبطي " والذي شهدته مكتبة الإسكندرية عام 2010 ، و قد ساهم في تحضيره والإعداد له نخبة من أهل التوثيق العلمي والتاريخي ، وبالتعاون مع رموز كنسية رائعة .. وبمشاركة120 باحثا في13 دولة.  وتطرق النقاش الي دور المجلس الأعلي للآثار في دعم الدراسات القبطية والحفاظ علي التراث القبطي وحماية الآثار علي امتداد الأراضي المصرية, وهو ما يظهر في أعمال الترميم الجارية في الآثار القبطية منذ ثلاثة عقود في الأديرة والكنائس والمتاحف ،بالإضافة الي تطوير المتحف القبطي. وقدأعرب الأنبا مارتيروس, الأسقف العام وممثل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية, عن أمله  في دعم الدراسات الحديثة والبحث العلمي المتقدم حول الحضارة القبطية, التي انتشرت في مدينة الإسكندرية علي يد القديس مرقس. وأكد أن الحقبة القبطية مليئة بالمفردات العظيمة من تاريخ وفن وآثار وأدب تشهد به الاكتشافات الأثرية, والموروثات القبطية..... 
 
ولكن دائما تنتهي مثل تلك الفعاليات الهامة والنادرة الحدوث ولا تفعيل لأمر تقديم تلك الحضارة ودور كنيستنا العتيدة الوطنية وإسهامها الحضاري المشهود له إقليميا وعالمياً... 
 
و يذكرفي بحث قديم هام للدكتور أمين مكرم عبيد بعنوان "تأثير الأقباط على الحضارة" ، ان الإسكندرية هضمت فى مجال الفلسفة ثلاثة حضارات فى بوتقة واحدة وهى الفرعونية وامتداداتها القبطية واليونانية والرومانية، وأسست مدرسة الإسكندرية اللاهوتية مبدأ أن الحقيقة هى الباب الفكرى للمعرفة، وبزغ اكليمندس واوريجانيوس، وبعد الغزو العربى نقلوا للمسلمين الفلسفة والفلك والأدب والرياضيات والمعمار والترجمات، وبرزت أسماء ابو اسحق ابن العسال وابو شاكر بن الراهب وأبو بركات بن كبر الذين اصدروا ثلاثة مجلدات فلسفية بالقبطية والعربية، وكذلك الاب بطرس السدمنتى الذى كلفه أحد الأئمة المسلمين بكتابة كتاب عن التعريفات فكتب مجموعته الشهيرة فى المنطق المعروفة بأسم " ديكتافوسفوروم"، وكتب ايضا كتاب عن الأخلاق بعنوان " تهذيب النفس"، والصافى أبو الفضيل المعروف بدقته التاريخية ومن أعظم المدافعين عن اللغة العربية. ".
 
اما الموسيقى القبطية فكانت الملهم للكثير من الإبداعات الموسيقية الغربية والحافظ للتراث الموسيقى الفرعونى. يقول عالم المصريات الدكتور درايتون "أن المفتاح لمعرفة سر الموسيقى الفرعونية هو الاستماع إلى موسيقى الكنيسة القبطية المستخدمة حتى الان"، وقد وصف عالم الموسيقى الانجليزى من جامعة اوكسفورد نيولاند سميث الموسيقى القبطية بأنها من عجائب الدنيا السبع ولا تستطيع البشرية تجاهلها..
 
أما المعمار القبطى فكل المعمار الموجود فى العالم الإسلامى هو من وحى المعمار القبطى والفارسى وخاصة القباب ومحراب المساجد، وتؤكد ذلك لورانس ألبرت حيث تقول أن المعمار القبطى أثر على شكل المساجد وزينتها، وأن شكل المحراب هو مأخوذ فى الأصل من الأقباط ، أما ويل ديوران فى كتابه " عصر الأيمان" فيشير إلى أن الأقباط ساهموا فى بناء مسجد المدينة. وصمم الأقباط جامع بن طولون الشهير بالقاهرة الذى صممه إبن الكاتب الفرغانى وأيضا جامع السلطان حسن بالقاهرة ، وهو تحفة معمارية زارها الرئيس اوباما فى زيارته الخاصة للقاهرة فى يونيه الماضى ..
 
أما النسيج القبطى فقد قام ديوران بمقارنتة النسيج القبطى فى بداية عصر المسيحية بمصانع جوبلين الشهيرة بفرنسا بعد أكثر من خمسة عشر قرنا ورغم ذلك كانت المقارنة فى صالح النسيج القبطى، حتى أن لورانس ألبرت تقول " أن الحياكة والنسيج هى أختراع قبطى".
 
وقد قدم الأقباط للعالم أول موتور يعمل بالبخار اخترعه رجل عبقرى يدعى هيرو،كما أن الذى قام بتدريب ابن النفيس هو طبيب قبطى، وكان المرجع الطبى الذى كتبه يوحنا النقاوى من أهم المراجع الطبية عند العرب، كما أن أول عمل علمى طبى مكتوب بالعربية هو لقبطى أيضا لمؤلفه اهرون السكندرى،كما أن المفضل ابن الماجد الذى كتب كتابا بعنوان " كيف نروى ظمأنا للمعرفة الطبية "كان قبطيا.
 
أما الأن نأمل أن تواصل كنيستنا جهودها في الحفاظ على التراث القبطي ، وأن تتعاون معها كل الأجهزة المعنية في وزارات التربية والتعليم والتعليم العالي والآثار والثقافة لدعم تلك الجهود لصالح تراث إنساني عالمي عظيم لا ينبغي أن يغيب أو يندثر ، وللمقال تتمة يُشار فيها إلى دور المؤسسات الكنسية المعنية بتوثيق وحفظ ذلك العطاء الحضاري التاريخي الرائع .. 

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع