في عيد الأمير تادرس الشطبي ...أسقف المنيا : الله كان يكلم الأنبياء بصور مختلفة
محرر المنيا
١١:
١١
ص +02:00 EET
الخميس ٢٧ يوليو ٢٠١٧
محرر المنيا
قال نيافة الانبا مكاريوس اسقف عام المنيا وابو قرقاس
تكلم الله مع الآباء والأنبياء قديمًا بأنواع وطرق شتى، مثل النبوات والرؤى والرموز والاشارات والاحلام والأمثال، وأحيانا بظهورات، في شكل بشر أو ملائكة، أو نار أو عواصف أو دخان، وأكثر القدماء حظوة كان موسى النبي، حيث تكلم مع الله فما لأذن، يقول الكتاب عن ذلك: "كما يكلم الرجل صاحبه" (خر 33 : 11) ولكنه لم يره إذ قال الرب لموسى أنه لا يستطيع أحد أن يراني ويعيش، ونقرأ عن "منوح" أنه بعد أن رأى ملاك الرب: "فقال منوح لأمراته نموت موتًا لأننا قد رأينا الله" (قض 13 : 22).
وقال بلعام بن بعور: "أراه ولكن ليس الآن أبصره ولكن ليس قريبًا يبرز كوكب من يعقوب ويقوم قضيب من إسرائيل فيحطم طرفي مواب ويهلك كل بني الوغى" (عد 24: 17). بل مرت فترات طويلة لم يكن فيها نبي: "وكان الصبي صموئيل يخدم الرب امام عالي وكانت كلمة الرب عزيزة في تلك الايام لم تكن رؤيا كثيرا" (1صم 3 : 1) بل ورد في سفر المكابيين الأول أن اليهود تركوا حجارة المذبح الذي نجسه أنطيوخس أبيفانيوس، حتى يقوم نبي فيهم يستشيرونه في كيفية التصرف فيها: "ووضعوا الحجارة في جبل البيت في موضع لائق إلى أن ياتي نبي ويجيب عنها" (1مكا 4 : 46) كما جاء أيضا "وأن اليهود وكهنتهم قد حسن لديهم أن يكون سمعان رئيسا وكاهنا أعظم مدى الدهر إلى أن يقوم نبي أمين" (1مكا 14 : 41) بل أن آخر أسفار العهد القديم وهو سفر ملاخي، دُوّن قبل اول اسفار العده الجديد بحوالي 450 سنة، حيث كتب عقب العودة من السبي. وقال القديس بولس عن الآباء في العهد القديم: "في الايمان مات هؤلاء أجمعون وهم لم ينالوا المواعيد بل من بعيد نظروها وصدقوها وحيوها" (عب 11 : 13). "فَهؤُلاَءِ كُلُّهُمْ، مَشْهُودًا لَهُمْ بِالإِيمَانِ، لَمْ يَنَالُوا الْمَوْعِدَ، 40إِذْ سَبَقَ اللهُ فَنَظَرَ لَنَا شَيْئًا أَفْضَلَ، لِكَيْ لاَ يُكْمَلُوا بِدُونِنَا" (عب 11: 39، 40).
هكذا كان كل ما تمتعوا به هو مجرد ومضات سريعة قليلة...
أما في العهد الجديد فقد تجسد الله وصار بيننا ورأينا مجده مجدًا، ويقول القديس يوحنا "الذي كان من البدء الذي سمعناه الذي رأيناه بعيوننا الذي شاهدناه ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة" (1يو 1 : 1)، بل وهبنا نأكل جسده ونشرب دمه الاقدسين، ونتحد به، ونرتل في لحن بي أويك الذي يقال في توزيع الأسرار المقدسة " يقوم حولك الشاروبيم والسيرافيم ولا يستطيعون أن ينظروك. ونحن ننظرك على المذبح ونتناول من جسدك ودمك الكريم" بل وهبنا الله أن ندعوه أبانا، ودعانا أبناء وأخوة وأحباء وخواص (أخصاء).
ومن القلائل الذين نالوا نعمة خاصة في هذا الإطار، أولئك الذين عاصروا العهدين القديم والجديد، مثل يوحنا المعمدان، وزكريا وأليصابات، وحنة النبية التي راحت تبشر جميع المنتظرين فداءًا في أورشليم، وسمعان الشيخ الذي هتف قائلا: "الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام لأن عيني قد أبصرتا خلاصك نور إعلان للامم ومجدًا لشعبك إسرائيل" (لو 2 : 29- 32).
ولكن ماذا رأى التلاميذ وماذا سمعوا حتى يطوبهم الرب، والمقصود بالطبع بالتطويب هنا ليس المكافأة مثل "طوبى للمساكين بالروح لأن لهم ملكوت السموات بمعنى أن المتضعين سيرثون الملكوت، وإنما بمعنى أنهم محظوظين بأن يحيون هذه الخبرة النادرة، لقد رأوا سلطان الرب في شفاء المرضى وإخراج الشياطين وإقامة الموتى، حتى لقد كانوا يبهتون منه، وهو ما عاينه تلميذي يوحنا المرسلان منه (متى 11). كما عاينوا سلطانه في التعليم: "لأنه كان يعلّم بسلطان وليس كالكتبة" إضافة إلى رقي التعليم نفسه فهو مختلف عن تعليم الفريسيين، حيث ظهر ذلك في الموعظة على الجبل، كما خصهم الرب ببعض الأسرار "أما أنتم فلكم قد أعطي أن تعرفوا أسرار ملكوت السموات" والأعظم من كل ذلك أن يروا الله متجسدا، ويأكلوا ويشربوا معه، ويتجولوا معه طوال السنوات الثلاث ونيف التي قضاها معهم.
ونحن أيضاً:
هكذا يقال عن الذين تربوا تربية مسيحية سليمة، والذين خدموا في الكنيسة وذاقوا الكثير من النعم والتعزيات، والذين تشمسوا ووقفوا حول العرش حيث الملك بذاته، والذين أُتيحت لهم الفرصة أن يكونوا لصيقين بالكهنة والرهبان والخدام المباركين، وكذلك أولئك الذين درسوا في المعاهد اللاهوتية، ومثلهم الذين قرأوا وسمعوا كثيرًا، هؤلاء أناس عاشوا الملكوت هنا على الارض لذلك فهم مطوبون.
والذين عندهم نسخ عديدة من الكتاب المقدس، والذين لديهم مكتبات ضخمة، والذين لديهم كنائس وكهنة وأنشطة، لقد كان هناك من ينتظر الجرائد المصرية في السعودية وبلاد أخرى، ليقرأوا بعض الآيات التي تتصدر النعي المسيحي في تلك الجرائد، أولئك ليس لديهم كنائس أو كهنة، بل وفي مصر العديد من القرى المحرومة من الكنائس. ومن ثم فان كل كتاب معطل ومغلق دون قراءة فانه سيدينه ...
ومن ثم فإن كل من تمتع برؤية المسيح ثم تركه او أنكره أو خانه، سيكون عقابه شديدًا ما لم يتب ويرجع إليه، "واما ذلك العبد الذي يعلم ارادة سيده ولا يستعد ولا يفعل بحسب ارادته فيضرب كثيرا" (لو 12 : 47) كما أنه لن يستطيع البعض أنه لم يسمع، "لكنني أقول العلهم لم يسمعوا بلى الى كل الارض خرج صوتهم وإلى أقاصي المسكونة أقوالهم" (رو 10 : 18).
بقى أن نقول أن هذا المقطع من انجيل القديس متى وهو موجود أيضاً في إنجيل القديس لوقا، اقتبسته الكنيسة لتضعه في أوشية الإنجيل، وهي صلاة تقال قبل قراءة الإنجيل، باعتبار الانجيل هو الخبر السار الذي أعلنه الله للبشرية، وتقول الكنيسة "فلنستحق ان نسمع ونعمل باناجيلك المقدسة بطلبات قديسيك" أي لكي لا ندان بأننا عاينا وسمعنا فقط "لأني أعطيتكم مثالا حتى كما صنعت أنا بكم تصنعون أنتم ايضًا" (يو 13 : 15). ....
الكلمات المتعلقة