«قال الفيلسوف» بعد أن أطلق لحيته!
مقالات مختارة | بقلم:خالد منتصر
الخميس ٢٧ يوليو ٢٠١٧
أعتبر نفسى برغم أننا فى زمن الفضائيات والدش واليوتيوب كائناً إذاعياً ما زال يعشق سماع الإذاعة، مغرماً ومتيماً بالراديو، وفضلاً عن أنه أداة استمتاع وتثقيف فهو بالنسبة لى علاج للأرق، لذلك أدير مؤشر الراديو بجانبى بعد منتصف الليل إلى أن أستقر على إذاعتى المفضلة التى هى فى الغالب إذاعة البرنامج العام التى أرتبط بها ارتباطاً وجدانياً منذ أن كتبت فيها كتاباتى الأولى سواء برامج أو مسلسلات، وصار روادها الكبار بالنسبة لى ليسوا مجرد مذيعين مخضرمين ولكنهم صاروا أساتذة ومعلمين، ويكفى أن أقول إننى قابلت عمالقة البرنامج العام وعملت معهم وتعلمت منهم مثل فاروق شوشة وأبلة فضيلة ونادية صالح وهالة الحديدى وسلوان محمود وآخرين من باقة زهور هذا الزمن الجميل، لذلك فارتباطى بهذه الإذاعة هو نوستالجيا أشبه بالزواج الكاثوليكى والتوأم الملتصق، بعد منتصف ليل الاثنين الماضى وبالتحديد فى الثانية قبل الفجر بينما جفونى تستدعى النوم الهادئ وتستجديه، إذا ببرنامج «قال الفيلسوف» الذى كان بالنسبة لى أيقونة الجمال والفن والحب بصوت سعد الغزاوى وسميرة عبدالعزيز، إذا بالفيلسوف قد أعفى اللحية وقصر الجلباب وصار الفيلسوف مسرور السياف! إذا بفيلسوفنا الإذاعى يفاجئنا بموضوع رومانسى يناسب سدول ستائر الليل الحنون على أجفان المستمع الغلبان المطحون، إنه يتحدث عن حد الحرابة وكيفية تقطيع الأيدى والأرجل من خلاف!! و«سميرة» تسأل عن التفاصيل، و«الغزاوى» يُسهب فى الشرح والتفاصيل، ومن بين ركام الأشلاء وأصوات البتر والتقطيع، انتفضت وفنجلت عينَى على اتساعهما رعباً، ودفنت رأسى أسفل الوسادة خوفاً من أن يخرج الفيلسوف من الراديو وينفذ الحد ويطبقه علىّ فى غرفة النوم!، لم أصدق ما تسمعه أذناى، هل هذا حقيقى أم أضغاث أحلام؟، البرنامج الذى كنت أسمع فيه سميرة عبدالعزيز وهى تسأل بدلال عن الحب والفن والمشاعر الرقيقة ويجيبها الفيلسوف بصوته الرخيم بأبيات الشعر وكلمات العشق الناعمة كالقطيفة، يتحول فجأة إلى كهف من كهوف تورابورا ليتحدث عن الصلب والرجم والبتر والسحل، وتتحول إذاعة البرنامج العام على يد مسئول سلفى إلى إذاعة قندهار وبوق من أبواق الزرقاوى وأبى بكر البغدادى!!