لكل منا همومه ومشاكله الشخصية، العاطفية، العائلية، بعض من هذه المشاكل يستطيع المرء أن يتخطاها بمفرده، والبعض الآخر من المشاكل تحتاج من يسمعك، ويفهمك، ويقدر مشاعرك ويحترمها مهما كانت ظروفك، وقد لا تجد هذا المعين أو هذا المشير الذي لا يدينك ولا يوبخك، وفي نفس الوقت يقدم لك المساعدة، لذا نحاول هنا من خلال بابنا "قلب يسمعك" أن نقدم لك هذا المعين وهذا المشير.
الشك دخل بيتنا فماذا أفعل؟
أنا سيدة من إحدى دول الخليج ومتزوجة منذ ما يقرب 10 سنوات وعندي أطفال، زوجي كان كثير العلاقات قبل الزواج لكن بعد الزواج قطع كل علاقاته، لكن في الفترة الأخيرة لاحظت اهتمامه بتليفونه المحمول وكثرة غيابه عن البيت وخلل في ميزانية البيت مما جعل الشك يدخل قلبي وجعلني أراقب تصرفاته وخاصة تليفونه، وما زاد من شكي أني وجدت في تليفونه كثيرًا من الرسائل وكثيرًا من الرنات من أرقام مجهولة الهوية وهو يضع الموبايل في معظم وقته في داخل البيت على الوضع صامت، مما جعلني اعمل معه مشكلة كبيرة انتهت بأن تركت له البيت.
وعلى الجانب الآخر هو يراقب تليفوني المحمول ويراقب كل تصرفاتي وعنده شعور إن لي علاقات خارج الزواج، مع إني ملازمه للبيت بسبب الأولاد وكل علاقاتي في النور.
ملخص القول: أنا اشك فيه وهو يشك فيَّ، فماذا افعل لكي استعيد الثقة مرة أخرى؟؟
توقيع
سيدة الخليج
الرد
الشك شوكة تتولد بعد ظهور بعض التصرفات من أحد الأطراف، وقد تكون هذه التصرفات ناتجة عن سلوك مريب بالفعل للطرف الآخر، أو أوهام توهمها أحدهم وبنى على أساسها أبراجًا من الخيال الوهمي.
وينتج عن هذه الشوكة "الشك" اضطراب رهيب في العلاقة بين الزوجين، فتقل أو تنعدم الثقة، ويفتر الحب، ويظهر الكذب، والتفنن في الخداع، ومراقبة كل منهما الآخر كمراقبة البوليس للمجرمين. سلسلة من النتائج المدمرة التي لو استمرت بدون علاج ستهدم البيت رأسًا على عقب.
وإذا أتينا إلى الأخت الفاضلة صاحبة المشكلة "سيدة الخليج" وقد انعدمت الثقة بينها وبين زوجها بسبب هذا الشك المتبادل وإن كانت هي بريئة وهو مدان كما ذكرت –ولكن ليست هذه قضيتنا من البريء ومن المدان– فالمشاكل الزوجية دائمًا صانعها طرفان.
أريد أن أوجّه لهذه الزوجة عدة نقاط هامة تساعدها في اجتياز محنة الشك هذه:
* المواجهة: عبري عن ظنونك وشكوك بالحوار مع زوجك ولا تحتفظي بها بداخلك، فقد تكون مجرد أوهام وستظهر من خلال الحوار.
* إذا استجاب بالحوار وثبت أن له علاقات بالفعل واعترف بها، فاستعدي لبناء ما قد هُـدم وبناء جسر الثقة مرة أخرى واغفري من قلبك له، فطريق الغفران هو أصعب الطرق ولكنه أكثرهم إصلاحًا للحياة الزوجية.
* إذا وصلت الحوارات لطريق مسدود وثبت فعلاً علاقاته الخارجية يمكنك الاستعانة بأطراف مثل الأهل أو مشير أو شخص حكيم يوثق فيه ليعيد بناء التواصل المفقود بسبب الشك المدمر.
* إظهار الحب والتعبير عنه لهذا الزوج: فربما كان سبب حصوله على الحب من خارج البيت لأنه لم يجده داخل البيت –وهذا ليس مبررًا له– لكن قد يكون أحد الأسباب لذا لابد وأن تعامليه بالحب وتحاولي أن تحتويه من جديد حتى يرجع إليكي حتى ولو ذاق الحب المغشوش بالخارج.. فهو وهم وسيفيق منه اليوم أو غدًا.. المطلوب إن تعامليه بالحب حتى يرجع مرة أخرى ويشعر كم أنتي مميزة ومُحبة.
* نقطة في غاية الأهمية وهي: اظهري ثقتك فيه حتى وإن كان هو غير جدير بهذه الثقة، فلا تراقبي تصرفاته ولا الموبايل، فإظهارك لثقتك فيه ستعيد له الثقة في نفسه وبالتالي قد تكون أحد دوافعه للتغيير.
فلا تراقبيه لأن المراقبة لأي طرف من الأطراف تجعل الطرف المـُراقب موضوع في مكان المتهم والمدان وليس المريض الذي يحتاج لعلاج. وهذا له مردودة عليكِ فإن أردتي أن لا يشك هو فيكي وترجع ثقته فيكي ابدئي بزرع بذور الثقة وستحصديها، فكل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا أنتم أيضًا بهم.
* كلنا نعلم "الإسقاط" هو إني أظن أن الطرف الثاني يسلك نفس سلوكي، فيسقط أخطاؤه عليكي وبدلاً من أن يصلح من طريقه ليزيل شكوكك يتهمك بنفس التهمة ويشعر أنكي غير وفيه له، لذا اجعلي كل علاقاتك وتصرفاتك في النور -كما ذكرتي- ولا تتصرفي أي تصرف يجعله يشك فيكي ولو للحظه حتى يستعيد هو ثقته فيكي.
* احترام الخصوصية: البعض يقول أنه لا توجد خصوصية بين الرجل وزوجته، فالموبايل والمحفظة والشنطة والمكتب وكلمة السر للايميل والدخل والعمل وكل شيء كتاب مفتوح لكل واحد للآخر، لكني أنا شخصيًا لا أؤمن بنظرية الكتاب المفتوح هذا، فكل فرد له خصوصياته حتى داخل الزواج ولكن هذه الخصوصية تُرسم حدودها عن طريق الزوجين أنفسهم وليس عن طريق شخص آخر واحترام الخصوصية متبادل وليس من طرف دون الآخر.
* آخر نقطة: أشرتي في رسالتك أنكي تركتي البيت، هذا ليس حلاً عمليًا إلا إذا تعذرت كل الحلول السابقة وكان ذلك لوقت محدد كنوع من العقاب، لكن دائمًا لا ينصح بترك البيت لكل مشكلة بين الزوجين.
وربنا يوفقك.
ماهر ميشيل
maher@copts-united.com
إن كانت لديك مشكلة وترغب بإرسالها أضغط هنا |