«مجدى يعقوب» فى كشك الفتوى
مقالات مختارة | كريمة كمال
الخميس ٢٧ يوليو ٢٠١٧
أوضح الشيخ «سيد توفيق» مشرف لجنة الفتاوى بمحطة الشهداء فى مداخلة لأحد البرامج أن اللجنة تلقت أسئلة خاصة بالدكتور العالم «مجدى يعقوب» وبعض المواطنين يقولون إنهم سمعوا أن «يعقوب» لن ينفعه علمه فى الآخرة.
«كشك الفتوى» فكرة اقترحها مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر بإقامة كشك فى إحدى محطات مترو الأنفاق وبدأ تطبيقها فى محطة «الشهداء»، ونجحت فى أول يوم فى جذب 142 زائرا أو سائلا وفقا لتصريحات المتحدث باسم المترو.. وبما أن رصد الأسئلة التى احتلت الصدارة قد أوضح أن السؤال حول الدكتور «مجدى يعقوب» وهل يدخل الجنة أم النار قد تكرر كثيرا فهذا الرصد فى حد ذاته يكشف بشكل فاضح كيف تغلغل الفكر المتشدد المتعصب فى المجتمع، فبينما تأتى الأسئلة الأخرى التى تكررت حول العلاقات الزوجية والطلاق والمواريث، وهو ما يمكن أن يكون متوقعا.. يأتى السؤال حول «مجدى يعقوب» ليرصد حالة مجتمع مصاب بالبلبلة نحو من قدم الكثير وحتمية قناعته بأنه سيدخل النار لأنه مسيحى.
هل هذا المجتمع المصاب بمثل هذه الدرجة من التشدد يختلف عن مؤسسات دولته؟
الإجابة فى إنشاء أكشاك الفتوى فى حد ذاتها.. لن أقول كما قال البعض إن محطات المترو تحتاج لنقط إسعاف أو كما قال آخرون إنها تحتاج لدورات مياه قبل أن تحتاج إلى أكشاك للفتوى لكننى سأقول إن محطات المترو هى فى الأساس تنتمى إلى ما يسمى المجال العام الذى هو بالأساس مملوك لكل المواطنين مسلمين ومسيحيين، وبالتالى فإن إنشاء أى شىء فيها يجب أن يكون عاما للجميع، ولن أتحدث هنا عن حقيقة التمييز فى إنشاء مثل هذه الأكشاك فى محطات المترو التى يعبر منها جميع المواطنين، ولن أتحدث عن تعثر حتى تطبيق القانون الجائر لبناء الكنائس فى الوقت الذى تبنى فيه هذه الأكشاك بمجرد الموافقة على الاقتراح، فهل المقصود تأصيل الإحساس بالطائفية؟ وهل المقصود الإطاحة بالمواطنة بدلا من محاولة تجذيرها؟
المشكلة ليست فى الإحساس بالطائفية فقط فى مثل هذه الأكشاك ولكن المشكلة بالأساس فى تأصيل حقيقة أننا نسعى أكثر فأكثر نحو الدولة الدينية وليس الدولة المدنية، والسؤال الذى تكرر كثيرا بعد إقامة هذه الأكشاك ماذا لو كانت أقيمت فى عهد الإخوان؟ أما السؤال الآخر فهو هل تقام الآن فى ظل الخضوع للفكر السلفى أم فى ظل الخضوع للفكر الوهابى؟ هذا مجتمع مصاب بالتشدد إلى حد أن يتقدم تحالف دعم مصر بمشروع لقانون «الدية».. إلى حد أن تحدث واقعة تمثلت فى أن رجلا يقتل ابنه فى الشارع فى أسيوط بأن أطلق عليه ست رصاصات ثم عاد ليعمر المسدس ليضربه ست طلقات أخرى فقدمت قناة القاهرة والناس مناظرة ما بين شيخين قال أحدهما من قتل يقتل وقال الآخر ما فحواه «لا يقتل الوالد بالولد»، فقال مقدم البرنامج «خلاص نسأل المفتى» وكأنما لا يوجد تشريع عقابى ولا قضاء يحكم.. وكأننا مازلنا مجتمعا قبليا يحتكم إلى فتوى شيوخه.. أين نحن هنا من الدولة المدنية الحديثة ذات التاريخ الحضارى التى تساوى بين المواطنين ولا تلعب لعبة التمييز على أساس الدين، وتحافظ على مسافة واضحة بين أجهزة الدولة والمؤسسة الدينية والفكر الدينى المذهبى.. السؤال المطروح حقا هنا هو أين تذهب إرادة الدولة، هل فى اتجاه الدولة المدنية أم فى اتجاه الدولة الدينية؟ لقد ظلت الدولة المصرية فى العقود الأخيرة دولة مدنية تستخدم المؤسسة الدينية بل تستخدم الدين لأغراض سياسية، حتى ازدادت مساحة الدين فى السياسة وتم تديين المجال العام وصارت الدولة فى صميم قناعتها وعبر مؤسساتها دولة دينية أكثر منها مدنية.
نقلا عن المصري اليوم