الأقباط متحدون | طوبى لصانعى المستحيل
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٠:٣٦ | الخميس ١٧ مارس ٢٠١١ | ٨ برمهات ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣٣٥ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

طوبى لصانعى المستحيل

الخميس ١٧ مارس ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

 بقلم . د. راجى شوقى ميخائيل

 ثورة 25 يناير 2011
هل هى نهاية البيروقراطية المتوحشة؟
إنفجرت ثورة الشعب المصرى فى يناير 2011 لتوجه ضربة قاصمة- وإن كانت غير نهائية- للنظام السياسى الذى أسسته ثورة يوليو 1952 والذى حكم مصر لمدة 59 عاماً، والذى إعتمد على طبقة البيروقراطيين ونقصد بهم أصحاب السطة من شاغلى المناصب القيادية والوظائف العليا بالدولة ، وكان هذا النظام  يقوم على تركيز السلطات فى يد رئيس الدولة ، مع تحكم الطبقة الحاكمة- بعناصرها العسكرية والمدنية- بشكل شمولى أو سلطوى فى مقدرات البلاد وفى مجريات الحياة السياسية فيها، فى ظل سيطرة الحزب السياسى الوحيد (هيئة التحرير ثم الإتحاد القومى ثم الإتحاد الإشتراكى ثم حزب مصر ثم الحزب الوطنى) الملتحم إلتحاماً عضوياً  بأجهزة الدولة ، مع قمع الحياة السياسية كلياً (قرار حل الأحزاب فى يناير 1953) ، أو تضييق الخناق عليها  بشدة بعد عودة الأحزاب ً فى 1976، وسمح النظام بإشتراك بعض الشرائح الرأسمالية معه فى إمتلاك الثروة القومية بإستثناء فترة التأميمات التى طبقت عام 1961وأن كان قد إحتفظ لنفسه بمقاليد السلطة السياسية.

فهذا النظام السلطوى البيروقراطى سلك سلوكاً متوحشاً (إذا إستعرنا التعبير من الرأسمالية المتوحشة فى بعض دول الغرب) إذ إحتكر السلطة وزور الإنتخابات وقمع المعارضين وزج بهم فى السجون تحت وطأة التعذيب الوحشى ،وركز معظم الثروة القومية فى أيدى شرائح محدودة من أنصاره ومحاسيبه ، وأشاع فى المجتمع ما يشبه العدوى التى تنتقل من المريض إلى مخالطيه، فغدا معظم المسئولين فى مصر طيلة ال59 عاماً الماضية  يتصرفون  بنفس الأسلوب الدكتاتورى بإعتبارهم أسياداً للشعب لا خداماً له ، وسعى هؤلاء إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من الغنائم الشخصية ، فالسلطة المطلقة مفسدة مطلقة كما يقولون .


وإجتهدت الأبواق الإعلامية لنظام يوليو1952 فى الترويج لفكرة الحاكم الأوحد الملهم المنفرد بالقراروالذى يكاد يكون معصوماً من الخطأ، وسرت حالة تغول السلطة وشخصنتها وغطرستها، وروج النظام لفكرة أن الشعب المصرى غير مهيأ للديمقراطية وهى  شهادة من النظام ضد نفسه لأن واجبه هو الإرتقاء بوعى الشعب وتدريبه على بناء المجتمع الديمقراطى الحديث ولكن النظام تعمد ممارسة الوصاية على الشعب وتغييب العقول أوبرمجتها على وعى متخلف،  ولاعجب أن الستة عقود السابقة شهدت أسوأ مظاهر الفساد الإدارى، والمظالم الإجتماعية ، وتراجع تطبيق القانون وتفشى الإنغلاق الفكرى والتطرف الدينى والتمييز الطائفى فى مصر.والمسئول الأول عن ذلك هو أسلوب النظام السياسى وسوء تصرفه فى إدارة البلاد.
عبقرية الثورة
ما حدث  فى 18 يوماً يذكرنا بما قاله الإمام الشافعى :
ضاقت فلما إستحكمت حلقاتها   فرجت وكنت أظنها لا تفرج 
 ومن المهم قراءة  شعارات الثورة وطبيعتها الطبقية والسياسية ، فالذين قاموا بالثورة بعضهم ينتمى للطبقة الوسطى وبعضهم من أبناء العمال والفلاحين، ولقد أعادت الثورة الإعتبار لدور الجماهير الشعبية فى صناعة التاريخ  بعد أن كانت كلمة الجماهير قد أوشكت على الإندثار من قاموس المصطلحات السياسية ، وكان الكتاب السياسيون فى مصر يرصدون تحرك هذه المجموعة أو تلك من العمال أو الموظفين وهى تعلن مطالبها الإقتصادية دون رفع مطالب سياسية عامة.

  ورفعت  الثورة منذ بدايتها شعارات الخبز والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الإجتماعية، وجاء فى مستهل البيان الأول للثورة الذى تلاه المستشار محمد فؤاد نائب رئيس مجلس الدولة عبارة "إن جماهير الشعب المصرى صاحب السيادة على أرضه ومقدراته ومصيره"  ثم وصف البيان الثورة بأنها ثورة شعبية مدنية  ديمقراطية وطرح مطالبها وكانت تدور أساساً حول المطالب الديمقراطية ، ولم يرد فى البيان أى مطلب إقتصادى أو شعار ديني ( ملحق الأهرام 13-2-2011).
كما أبرزت الثورة حقيقة التراكم التاريخى فلولا النضال المتواصل السابق على 2011 لما كانت الثورة قد إنطلقت فى لحظة تاريخية عبقرية، فكان كفاح الأجيال السابقة بمثابة الينابيع العديدة التى ظلت ترفد النهر العظيم وتملأه حتى إرتفعت مياهه وقويت أمواجه وفاض بالخير على جانبى الوادى ، وأزاح تلالاً من العفن المتراكم على الأرض فطوبى لصانعى المستحيل من الثوار ومن كل من ساهم فى التحضير الدءوب للثورة عبر عشرات السنين الماضية .
إن مستقبل الثورة يتوقف على قدرة أبنائها على مواصلة النضال تحت شعاراتها الأصلية ، وإزاحة كل من يحاول سرقة الثورة ، والملاحظ أن التيارات الدينية  التى كانت تمارس العمل السياسي  متمترسة وراء شعارات إيديولوجية عامة أصبحت  الآن تستخدم شعارات الثورة وتتبنى أهدافها وهذا دليل على أن الأجندة السياسية التى تناصرها الشعوب  لابد لها أن تسعى نحو الحرية والعدالة بشكل محدد وليس بطريقة الشعارات الفضفاضة،  ومن هنا يمكننا القول أنه حتى لوإفترضنا أن  الإستبداد – السياسى أو الدينى- قد عاد إلى مصر بوسيلة أو بأخرى فإن العوامل التى فجرت الثورة  ستعود من جديد لتفجر ثورة جديدة فى وجه الإستبداد أياً كان لونه.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :