- جنايات "المنيا" تنظر اليوم قضية أحداث "أبو قرقاص"
- "عرب بلا حدود" تطالب بوقف الانتخابات البرلمانية وتدعو الأقباط للمشاركة في مليونية "رفض وثيقة السلمي"
- البلطجية يقذفون مسيرة الأقباط بالحجارة والمولوتوف وأنباء عن إصابات والأمن "متفرج"
- نخلة لمصريون بين قوسين: معروف أنه لا أمل من أخذ حق شهداء ماسبيرو داخل مصر.
- "الفيل" يحذر "العسكري" من تقارير أمنية مغلوطة يرفعها موالون للنظام السابق
الوحدة الوطنية والتضامن القومي
بقلم: جرجس بشرى
في ظل خطر الطائفية والتقسيم الطائفي الذي هدَّد كثير من البلدان العربية ومازال يهدِّد دولًا أخرى كثيرة منها "مصر"، كان من الضروري أن نستعرض بعض ما جاء بهذا بكتاب "الوحدة الوطنية والتضامن القومي"، والذي دق في الثمانينات نواقيس الخطر والخراب الكامن في تقسيم الأوطان على أساس طائفي وديني..
الكتاب المشار إليه صدر عام 1982م، عن "دار الموقف العربي"، ويسرد مقالات تحذِّر من شبح الطائفية والتقسيم، لعدد من الكُتاب، هم: د. "إبراهيم صقر" و"أبو سيف يوسف" و"أحمد حمروش" و"طارق البشري" و" عبد الرحمن النجار" ود. "عبدالله عبد الشكور" و"الأنبا غريغوريوس" أسقف البحث العلمي، و"كامل زهيري" و "محمد عودة " و"مصطفى بهجت بدوي".
قصة الكتاب:
وعن قصة الكتاب، يقول "أحمد حمروش" في مقالته المنشورة: إن قصة هذا الكتاب بدأت في اليوم الثاني من شهر يناير عام 1981م عندما سافر وفد من اللجنة المصرية لتضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية إلى "بيروت" بدعوة من منظمة التحرير الفلسطينية، مشيرًا إلى أن اللجنة التي تم تشكيلها في هذا الصدد حرصت حرصًا شديدًا أن تكون معبِّرة عن كافة الاتجاهات الدينية والسياسية والثقافية في "مصر"، في أجواء تشهد توترات في "لبنان" و"فلسطين". كما أكّد أن الطائفية لعبت دورًا خطيرًا في الحالة التي وصلت إليها "لبنان" آنذاك، وكانت هي بثور المرض الكامن في "لبنان".
وأشار "حمروش" إلى مدى الترحاب الذي قوبل به الوفد المصري في "لبنان" التي ضربتها الطائفية، والتقدير الذي لاقاه الوفد المصري، لكونه كان معبرًا أصدق تعبير عن الوحدة الوطنية وعن الوفاق الوطني، إلا أن أبرز ما تميَّز به الوفد المصري أنه لم يكن يضم فقط ممثلين عن كافة الأحزاب الوطنية، وإنما كان يضم اثنين من آئمة الدين في "مصر"، وهما الأنبا "غريغوريوس"- أسقف عام الدراسات اللاهوتية والبحث العلمي والثقافة القبطية- والعالم الإسلامي د. "عبدالله عبدالشكور"- وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة- ووجد الإخوة اللبنانيون والفلسطينيون في وجودهما تجسيدًا لسماحة الدين وأصالة الوحدة في شعب "مصر" التي هي من معالم تاريخه الطويل العريق، وكان الاثنان معًا يحملان معًا كلمة الحق، وهي أن "الدين لله والوطن للجميع"، وعادت ذكريات الثورة المصرية عندما تعانق الهلال والصليب، واعتلى القسيس منبر الأزهر، وخطب الشيوخ في الكنيسة المرقسية.
الأنبا "غرغوريوس" يؤكِّد أن الحرب الأهلية ليس فيها منتصر:
وأضاف "حمروش": عندما قال الأنبا غريغوريوس أن الطائفية ليست من الدين، وأن العنصرية ممقوتة ومرزولة، وأن الحرب الأهلية ليس فيها منتصر- قال "ياسر عرفات": إننا كسبنا بهذه الكلمة الثمينة ما لا يقدَّر بثمن. وحرص الجميع في منظمة التحرير الفلسطينية ألا تفوت هذه الفرصة دون تأصيل، وتقرَّر أن تُقام ندوة في جامعة "بيروت" العربية يشارك فيها العالِم المسيحي والشيخ المسلم ليتحدثا معًا عن "التضامن القومي والوحدة الوطنية"، ولكن ظروف صحية حالت دون عقد هذه الندوة في "بيروت"، ولم تسمح الظروف ببقاء كثير في "لبنان"، وقرَّرت اللجنة المصرية لتضامن الشعوب الأفريقية والأسيوية أن تعقد هذه الندوة في نقابة الصحفيين بـ"القاهرة"، وعُقدت فعلًا، وتحدَّث فيها العالمان الجليلان:
من كلمات الأنبا "غريغوريوس" في الندوة:
وفي كلمته، عبَّر الأنبا "غريغوريوس" عن عشقه لـ"مصر" وترابها وحضارتها، وقال ضمن ما قال: في تربة "مصر" وأرضها عاش "أفلاطون" و"أفلوطين" و"فيلون" و"أمينو السقاس" وغيرهم، وعلماء مدرسة "الإسكندرية" الشهيرة، وإن شعب "مصر" صنع أقدم وأعظم حضارة في التاريخ مازالت أسرارها يُكشف عنها في كل يوم جديد، ومع ذلك لم يتبين وجه "مصر" الحقيقي صانعة التاريخ كاملًا، فمازالت أرضنا الطاهرة يطوي ترابها كنوزًا ثمينة من الآثار ومن المعارف ومن أسرار الروحانيات التي وصل إليها أباؤنا وأجدادنا.
وأجاب نيافته عن تساؤل "محمود عباس العقاد": كيف انقطعت معرفتنا فجأة بتاريخنا وحضارتنا؟ في إصرار وايمان بقوله: إن المصريين القدماء لابد أنهم وصلوا إلى تفجير الذرة، وإنه إلى هذا الكشف العلمي العظيم يعزى اختفاء قارة "الأطلنتيد" التي غاصت في المحيط، هذه القارة التي أشار إليها "أفلاطون" وقال إنه سمع عنها من كهنة "مصر" القديمة..
وأكَّد نيافته أن "مصر" بكرمها وعطائها، صهرت حتى الغزاة والطامعين في خيراتها وثرواتها، وأما الذين لم يستطيعوا أن ينصهروا في بوتقتها قذفتهم وطردتهم، مشيرًا إلى ما صنعته مع الهكسوس واليونان والفرس والرومان وغيرهم. موذحًا أن هذا التمرُّس الطويل مع الغزاة والفاتحين أكسب المصريين قدرتهم على الصبر على الضيم والسكون الذي يبدو كما لو كان استسلامًا للأمر الواقع، إلا أن تاريخنا الطويل قد أثبت أن هذه الممارسة ليست ضعفًا ولا استكانة ولا استسلامًا، ولكنها صبر جميل، وحكمة، وتريث، وقدرة على الاحتمال. ولذا يردِّد المصريون على المثل القائل: اصبر على عدوك حتى يرتد عنك أو يأتيه قضاؤه..
وأوضح نيافته أنه "قبطي مسيحي" تلقَّى تعليمه كله في مدارس حكومية، لم يشعر بتاتًا بفارق بين مسلم ومسيحي، ولم يحدث مرة واحدة أن سمع من زميل مسلم كلمة "يا كافر" التي صار يسمعها أولاده وبناته في بعض المدارس والجامعات وبعض البرامج التليفزيونية، وأن المحبة كانت تجمعهم والصداقة تضمهم.. يلتقون بعضهم بعد فترة فراق بالقبلات والأحضان الصادقة.. وكان المعلمون قدوتهم الصالحة، حيث كانوا يعاملونهم جميعًا كأبناء، ولم يسمعوا إطلاقًا من أي مدرس للغة العربية شيئًا يجرح شعور المسيحي أو يتَّهمه بالكفر، أو بأن كتابه المقدَّس محرَّف أو مزيَّف..
وقال نيافته: "إن ما بتنا نشكوه اليوم هو هذا العداء الروحي والفكري الذي يثيره بغير هوادة المتطرفون والمتعصبون الذين غزوا بتعصبهم مدارسنا وجامعاتنا ومعاهدنا العلمية بروح كراهية واحتقار وإذلال لزملائهم من المسيحيين ويهاجمونهم في معتقداتهم ويسبونهم علانية وجهارًا في ديانتهم، ويردِّدون في غير ملل أنهم كفار وصليبيون، ويضعونهم صفًا واحدًا مع الشيوعيين والصهاينة، وأن مصيرهم جهنم في النار، وحتى التليفزيون المصري صار له دور في هذه الحملة، ففي البرنامج الديني يصف المتحدِّث المسيحيين بأنهم "أغبياء وحمقى"، ويفسِّر لهم إنجيلهم تفسيرًا كله تكلُّف واصطناع وافتعال ومغالطة، ونحن لنا دور، ولكن نشفق على بلدنا من هذا الجدل الديني العقيم الذي لا يفيد منه الإسلام ولا تفيد منه المسيحية، وإنما يفيد منه أعداء الوطن... لست أصدِّق أن هذه الحملات المتوالية على المسيحية والمسيحيين كلها دين! إنها كما يراها المخلصون سياسة مخلوطة بالدين، أو قل سياسة تلعب بالدين لضرب الوحدة الوطنية، ومن هذا المنطلق القومي والوطني نوجِّه كلمة عتاب هادئة لهيئة تليفزيون جمهورية مصر العربية، إن المسيحي- وإن اختلف عن المسلم عقيدة- ولكنه إنسان، والأقباط يطلبون ويطالبون أن يعيشوا في وطنهم وهو وطن المسيحيين والمسلمين على السواء، ينعمون بحقوق الإنسان، ويتمتعون بحرية الرأي والاعتقاد والعبادة، مثلهم مثل إخوانهم المسلمين بغير فارق أو تمييز، خصوصًا بعد أن نشرت إحدى المجلات الدينية في ديسمبر 1980 ــ صفر 1401 هـ - فتوى هذا نصها: "لا تُبنى الكنيسة في الإسلام ولا يجدَّد ما خرب منها"!! فإذا كنا نجأر بالشكوى لرئيس الدولة وهو الأب الحكيم وكبير العائلة المصرية، وإلى ضمائر مواطنينا من المسلمين المعتدلين والمنصفين وهم بحمد الله الغالبية الساحقة، فإننا لا نتزيد ولا نطلب جديدًا، إننا نطلب حقنا الطبيعي في المواطنة الصالحة، ونطلب الخير لبلدنا، فلندع الدين لله الديان وأما الوطن فللجميع.."
وأضاف: "شكرًا لمجلة الطليعة التي نشرت أثناء الحرب اللبنانية ثلاث وثائق متبادلة بين "بن جوريون" وبعض وزراء إسرائيل، يقول "بن جوريون" في واحدة منها: نحن الإسرائيليين لا نستطيع أن نبقى صامتين، بل ينبغي أن نحرِّك الأحداث لصالحنا"، ثم يقول: "فلنترك مصر الآن لأن المسلمين والأقباط متفاهمون متحابون ولنبدأ بـ"لبنان"، فنعمل على أن الموارنة يطالبون بدولة مارونية والسنة يطالبون بدولة سنية والشيعة يطالبون بدولة شيعية والدروز يطالبون بدولة درزية" وما اقترحه "بن جوريون " من مدة تزيد على عشرين سنة قد تم في "لبنان"، ولكن "بن جوريون" قال: فلنترك مصر الآن لأن المسيحيين والمسلمين فيها متفاهمون متحابون ولنبدأ بلبنان"، ولهذا السبب كان الكثيرون من خارج "مصر" يتساءلون أثناء الحرب اللبنانية: وما الحال في "مصر"؟ وقال بعض كتابنا وأدبائنا على صفحات جريدة الأهرام: "إن الناس في الخارج وخصوصًا السياسيين وأهل المخابرات والاستخبارات الأجنبية يتساءلون: ما الحال في مصر بين الأقباط والمسلمين؟".
واختتم الأنبا "غريغوريوس" حديثه قائلًا: ليس هناك شئ أقوى وأعظم من أن نعتصم بقوة الله، وأن نكون نحن جميعًا أبناء هذا الوطن متآزرين متحابين متضامنين متآخين متكاتفين، فلا ندع للعدو منفذًا يسعى بالفرقة والانقسام بيننا، ولا نترك له سبيلًا ليزرع بذور الفتنة بيننا، ولا نُخلي له مجالًا لإيجاد البغضاء أو إثارة أي خلاف فيما بيننا. فإنه في كل موقف كان المسلمون والمسيحيون يدًا واحدة قد خدموا هذا البلد وخدموا الشرق الأوسط كله، ولكن في الوقت الذي يعطون فيه الفرصة لمن يفسد هذه الوحدة المقدسة.. فإن النكبة تكون عظيمة."
الشيخ "عبد الشكور": علم المسيح رُفع في الحروب الصليبية زيفًا وزورًا:
وقال الدكتور والعالم الإسلامي "عبدالله عبدالشكور": "حينما أخذ المسيحية بوجهها الطيب السمح لا آخذه من الحروب الصليبية، ذلك إني أعلم أن علم المسيح رُفع في الحملة الصليبية زيفًا وزورًا، فلا يمكن أن أتصوَّر المسيحية تحت علم الحملات الصليبية، إنما أتصور المسيحية حينما كان الفرنسيون يدكون "دمشق"، فهرب المسلمون إلى كنيسة الأرثوذكس ليحتموا بها، فيسعهم صدر بطريرك الروم الأرثوذكس"، وأضاف: "هنا وجه المسيحية المشرق الرائع المؤمن" مدللًا على ذلك بقوله: "حينما نلتقي بمُبالِغ وحينما نلتقي بمتحمِّس، لا نقول أن ذلك الإسلام".
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :